بيان أميركي أوروبي يحث أطراف الحرب في السودان على العودة للمفاوضات ووقف الأعمال العدائية
استمع إلى الملخص
- دعوات للعودة إلى المفاوضات: دعا المشاركون في الاجتماع الوزاري الأطراف المتحاربة للعودة للمفاوضات، الالتزام بالهدنات الإنسانية، ووقف الدعم العسكري للأطراف المتحاربة.
- أزمة إنسانية كارثية: حذر الأمين العام للأمم المتحدة من تدهور الأوضاع الإنسانية، وأعلنت الولايات المتحدة عن مساعدة جديدة بقيمة 424 مليون دولار للسودانيين، مشيرة إلى نزوح أكثر من 10 ملايين شخص.
أعربت الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي، أمس الأربعاء، عن قلقها البالغ إزاء الوضع الكارثي والمتدهور بسرعة في السودان، وشددت على التزاماتها بإعلان المبادئ الذي جرى اعتماده بتاريخ 15 إبريل/ نيسان الماضي بعد عام على نشوب الصراع.
وقال بيان صادر عن ممثلي هذه الدول، عقب الاجتماع الوزاري بشأن تعزيز السلام في السودان على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إن "الأعمال العدائية الوحشية الدائرة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والجماعات المسلحة الأخرى، لا تنفك تتسبب بمعاناة مدمرة في مختلف أنحاء البلاد"، معربين عن قلقهم البالغ إزاء تصعيد الأعمال العدائية في مدينة الفاشر غربي السودان، مما يعرّض المدنيين لخطر شديد، ومطالبين بوقف الحصار بشكل فوري.
وأشار المشاركون، بحسب البيان المنشور على موقع وزارة الخارجية الأميركية، إلى ضرورة وفاء الأطراف المتحاربة بالالتزامات التي تعهدت بها في جدة وجنيف والمفاوضات اللاحقة، وامتثالها لأحكام قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2736، ووفائها الكامل بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان الدولي. ودعا المشاركون الأطراف المتحاربة إلى "العودة إلى المفاوضات فورا ووقف الأعمال العدائية وإنهاء الحرب"، كما حثوهم على "ضمان حماية المدنيين، بما في ذلك العاملون في المجال الإنساني والبنية التحتية المدنية والحيوية".
ودعا المشاركون الأطراف السودانية المتحاربة أيضا إلى الالتزام بالهدنات الإنسانية محددة النطاق كخطوة أولى وضمان الوصول الإنساني الفوري إلى كل من الفاشر وسنار والخرطوم بغية حماية المدنيين ووصول العمليات الإنسانية إلى من هم بأشد الحاجة إلى المساعدات المنقذة للحياة.
كما دعا المشاركون الجهات الأجنبية كافة إلى "الامتناع عن تقديم الدعم العسكري للأطراف المتحاربة، وتركيز جهودها نحو إنشاء الظروف المؤاتية لحل تفاوضي للصراع، وذلك بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة والالتزامات التي تم التعهد بها في باريس"، كما أعربوا عن استعدادهم لدعم إنشاء آلية مراقبة لوقف الأعمال العدائية واتخاذ التدابير المناسبة لضمان حماية المدنيين، كما دعوا طرفي الصراع إلى "الانخراط الفوري في مناقشة بناءة بشأن آلية الامتثال التي اقترحتها "مجموعة التحالف من أجل تعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودان" لحماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى مختلف أنحاء البلاد". وأشاروا إلى ضرورة أن يكون المجتمع الدولي مستعدا لاستكشاف خيارات دعم تنفيذ أي عملية مستقبلية لوقف الأعمال العدائية على المستوى المحلي أو في البلاد ككل وضمان استدامتها، معربين عن دعمهم لعملية سياسية شاملة وشمولية تضم جهات مدنية في جوهرها، بما في ذلك النساء والشباب، وذلك لتلبية تطلعات الشعب السوداني التي طال انتظارها من أجل تحقيق السلام والازدهار والديمقراطية في البلاد.
وحضر الاجتماع الوزاري ممثلون عن الأمم المتحدة وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، وجامعة الدول العربية والمملكة المتحدة وإثيوبيا وأوغندا ومصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والنرويج وسويسرا وتركيا.
غوتيريس قلق حيال تصعيد النزاع في السودان
في السياق، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، لقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان عن "قلقه البالغ" حيال "تصعيد" النزاع في السودان. وأعرب غوتيريس للبرهان خلال لقاء بينهما، أمس الأربعاء، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، عن "قلق بالغ إزاء تصعيد النزاع في السودان"، منددا بـ"تداعياته المدمّرة على المدنيين السودانيين ومخاطر تمدّده إقليميا"، وفق ما أفاد المتحدث باسم الأمين العام في بيان نقلته "فرانس برس". كذلك بحث المسؤولان "الحاجة إلى وقف إطلاق نار آني ودائم" والسماح بوصول الإغاثة الإنسانية إلى المدنيين "بدون عوائق"".
من جانبه، حذّر المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، أمس الأربعاء، من أن الأوضاع مروعة في السودان. وقال: "إذا لم يمت الناس بالرصاص، فإنهم يموتون من الجوع. وإذا تمكنوا من البقاء على قيد الحياة، فإنهم يواجهون الأمراض أو الفيضانات أو التهديد بالعنف الجنسي وغيرها من الانتهاكات المروعة التي لو ارتكبت في أماكن أخرى لتصدرت عناوين الصحف اليومية، في وقت لا يحصل هذا هنا".
"حرب لا معنى لها"
في كلمتها خلال مؤتمر حول السودان عقد الأربعاء في مقر الأمم المتحدة، قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد إن "هذه الكارثة الإنسانية هي من صنع الإنسان، ناجمة عن حرب لا معنى لها أدت إلى عنف لا يوصف، وعن الحرمان القاسي لضحاياها من الغذاء والماء والدواء". وأعلنت عن مساعدة جديدة بقيمة 424 مليون دولار للسودانيين ومن ضمنهم اللاجئون خارج بلادهم. وأكدت أن "الاغتصابات والتعذيب والتطهير الإثني واستخدام الجوع سلاحا، كلها غير مقبولة"، داعية إلى "عدم غض الطرف" عما يجري في السودان.
ودعت وكالات تابعة للأمم المتحدة ودول أعضاء خلال المؤتمر إلى اتخاذ "تدابير ملموسة" ولا سيما لحماية المدنيين وزيادة المساعدات الإنسانية غير الكافية إطلاقا لسد الحاجات. وقالت جويس مسويا، القائمة بأعمال منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة، إن "الشعب في السودان عاش الجحيم مدى 17 شهرا، والمعاناة في تزايد"، معلنة تخصيص 25 مليون دولار من صندوق الأمم المتحدة للطوارئ من أجل مكافحة المجاعة في هذا البلد. وسمحت السلطات السودانية أخيرا بإعادة فتح معبر أدري على الحدود مع تشاد للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى منطقة دارفور المهددة بالمجاعة، غير أن المساعدات لا تزال غير كافية.
واندلعت المعارك في السودان منتصف إبريل/نيسان 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وهو أيضاً رئيس مجلس السيادة والحاكم الفعلي للبلاد، وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه ونائبه السابق محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي. وأسفرت الحرب عن عشرات آلاف القتلى، وسط تقديرات بأن الحصيلة الفعلية أعلى وقد تصل إلى "150 ألف" قتيل.
ويواجه السودان أزمة إنسانية كارثية، إذ دعا مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى "اتخاذ خطوات فورية لحماية المدنيين، وزيادة التمويل الإنساني، وإنهاء القتال مرة واحدة وإلى الأبد". وبحسب الأمم المتحدة، فإن "الأعمال العدائية المستمرة قد غمرت جميع أنحاء البلاد بالبؤس، وأدت إلى أسرع أزمة نزوح في العالم، فقد فر أكثر من 10 ملايين شخص من منازلهم منذ إبريل/نيسان 2023، نصفهم من الأطفال، بما في ذلك مليونا شخص لجأوا إلى الدول المجاورة". علاوة على ذلك، يعاني السودان من "أكبر أزمة جوع في العالم"، إذ يواجه أكثر من نصف سكان البلاد، أي نحو 26 مليون شخص، مستويات متفاوتة من الجوع.