تناولت صحيفة "بوليتيكن" الدنماركية، اليوم الثلاثاء، الوضع في سورية من زاوية العزلة التي يعيشها النظام السوري، مشيرة إلى أن "لا أحد مستعد للاستثمار" باستمرار بشار الأسد في الحكم، وهو أمر يدركه الأخير.
وبينما تشهد مناطق ومدن خاضعة لسيطرة النظام هذه الأيام احتجاجات شعبية في ظل حالة انهيار اقتصادي وغياب لمتطلبات العيش الكريم، قالت الصحيفة إن الدول العربية لن تدفع تكاليف إعادة إعمار سورية، و"لن يفعل أيضا مرشدوه العسكريون في إيران وروسيا".
وبعد أن فصّلت الواقع السوري، على اعتبار أن الاقتصاد يعيش "حالة خراب"، أشارت الصحيفة إلى أن "مراهنات الأسد على العودة إلى الدفء العربي لن تنجح". وقالت: "إذا كان الأسد يأمل في الدخول إلى الدفء العربي بسرعة، فمن الواضح أنه بحاجة إلى التفكير مرة أخرى".
وواصلت "بوليتيكن": "رحبت جامعة الدول العربية بعودة الديكتاتور السوري في مايو/ أيار الماضي بعد 12 عاما من الحرب الأهلية التي شهدت فرار نصف سكان سورية ومقتل 450 ألفا". وتابعت أنه "كان من المتوقع منح النظام فرصة للتحرر من عزلته الدولية، بعد أن انتصر الأسد في معظم الحرب الأهلية"، لكنها أشارت إلى أن ذلك لم يحدث، فـ"لا تزال سورية مدمرة، والشعب مهجرا، والأسد معزولا"، مضيفة أن ذلك "بالطبع هو خيار الأسد بنفسه".
ولفتت إلى أن مطالب الأسد والمحيط العربي متعارضة للغاية. وقالت إن "الديكتاتور يريد من الدول العربية أن تعيد فتح سفاراتها في دمشق، وبالتالي التحرر من العقوبات الدولية"، مضيفة أن "النظام يريد أيضا خروج الجنود الأجانب، من تركيا والأميركيين، و"داعش"، والحصول على ضوء أخضر لإنهاء الحرب وحل الحكم الذاتي في مناطق شمال شرق سورية، وطرد المتمردين من محافظة إدلب"، وفق تعبير الصحيفة الدنماركية.
وذكّرت الصحيفة بمقتل ما يقرب من 500 ألف سوري، ونزوح سبعة ملايين داخل البلاد، وخمسة ملايين إلى الخارج، عندما قمع النظام بوحشية الثورة الشعبية في 2011.
وفيما شددت على أن "لا حل سياسيا" في سورية، أشارت "بوليتيكن" إلى أن الانفتاح العربي، بما في ذلك عودة سفارة أبوظبي للعمل في دمشق، واستئناف السعودية والأردن التواصل مع الأسد، "لا يكفي لكسر 12 سنة من العزلة". وأبرزت: "شبه الجزيرة العربية لا تستطيع فعل الكثير له (الأسد)، فالعقوبات المفروضة على نظام دمشق هي بالأساس أميركية وأوروبية، ويريد الطرفان رؤية حل سياسي، وهذا سبب عدم دخول الغرب في مفاوضات بشأن المساهمة في إعادة إعمار سورية".
وذكّرت "بوليتيكن" بأن العرب أرادوا من الأسد وقف إنتاج وتصدير المخدرات، "لكنه لا يستطيع أن يفي بذلك، بل إنه في مقابلة تلفزيونية هذا الشهر اعتبر أنه من غير المنطقي اتهام حكومته في تجارة المخدرات"، على حد قول الصحيفة.
في المقابل، ذكرت الصحيفة أن "التحقيقات الدولية تظهر أن عائلة الأسد تتحكم في تجارة المخدرات، والتي تعد اليوم ضرورية للاقتصاد السوري"، مبينة أن الدول النفطية غير مستعدة للتمويل، "وهو ما اعترف به الأسد في المقابلة".
وحول عودة اللاجئين إلى سورية، أشارت "بوليتيكن" إلى أن أقل من 10 في المائة عادوا إلى ديارهم من الخارج، مضيفة أن الحديث عن ما يوصف بـ"خروج الإرهابيين" من سورية "لا يشمل في دمشق الحرس الثوري الإيراني ومقاتلي "حزب الله"، الذين ساعدوا الديكتاتورية على الانتصار والاحتفاظ بالسلطة في دمشق".
وقالت إن الوجود التركي والأميركي في سورية "باقٍ طالما ظل هناك وجود روسي وإيراني وغيرهما"، مشددة على أن طهران وموسكو "ساعدتا النظام في شن الحرب من أجل السلطة، لكنهما لن تدفعا ثمن إعمار سورية". وخلصت إلى القول: "لذلك يراهن الأسد على دول الخليج العربي. لكن، كما كتبت مجموعة الأزمات الدولية، ليس من المرجح أن تنفق أي دولة خليجية مبالغ كبيرة لدعم نظامه".
وختمت الصحيفة: "سورية الآن بعيدة عن أن تكون على رأس أولوياتهم (الخليج)، وهذا هو السبب في أنها لا تزال تنتظر عبثاً السلام وإعادة الإعمار والاستثمار. لقد انتصر الأسد في الحرب، وليس في السلام".