حذر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، من أن التكتل يواجه مشاعر عداء متزايدة في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، بل وخارجه أيضاً، بسبب اتهامات بالتحيز لإسرائيل وازدواجية المعايير بشأن الحرب على غزة.
وقال بوريل إنّه يخشى أن يؤدي مثل هذا الشعور بالمرارة إلى تقويض الدعم الدبلوماسي لأوكرانيا في جنوب العالم، وإضعاف قدرة الاتحاد الأوروبي على الإصرار على بنود حقوق الإنسان في الاتفاقيات الدولية.
وإضاف أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يبدي "المزيد من التعاطف" إزاء ما يتكبده المدنيون الفلسطينيون من خسائر في الأرواح في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وجاءت تصريحات بوريل في مقابلات مع وكالة "رويترز" خلال جولة استمرت خمسة أيام في الشرق الأوسط، زار فيها إسرائيل وعدة دول عربية.
واستمع بوريل خلال الجولة التي اختتمها مساء أمس الاثنين إلى شكاوى الزعماء العرب ونشطاء المجتمع المدني الفلسطيني، من أن الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة لا يتعامل مع حرب إسرائيل على غزة بالمعايير نفسها التي يطبقها على حرب روسيا في أوكرانيا.
وقال بوريل: "انتقدوا جميعاً بالفعل موقف الاتحاد الأوروبي ووصفوه بالمتحيز".
وقال وهو يلوح بهاتفه المحمول إنّه تلقى بالفعل رسائل من بعض الوزراء تشير إلى أنهم لن يدعموا أوكرانيا في المرة القادمة التي يجري فيها تصويت في الأمم المتحدة.
وأضاف: "إذا استمرت الأمور على هذا المنوال لبضعة أسابيع (سيتزايد) العداء تجاه الأوروبيين".
ورداً على الانتقادات، شدد بوريل على أن حياة البشر لها القيمة نفسها في كل الأماكن، وأن الاتحاد الأوروبي حثّ بالإجماع على هدن إنسانية فورية لتوصيل المساعدات للفلسطينيين في غزة، وضاعف مساعداته الإنسانية للقطاع إلى أربعة أمثال.
لكن الزعماء العرب يريدون وقفاً فورياً للقصف الإسرائيلي الذي أودى بحياة ما لا يقل عن 13300 فلسطيني، من بينهم 5600 طفل على الأقل، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية.
وانتقد زعماء العرب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لعدم إدانتهما حملة القصف الإسرائيلية على غزة، على النقيض من رد فعل الغرب على غزو روسيا لأوكرانيا.
اختلافات شديدة في الرؤى الأوروبية
كلف الاتحاد الأوروبي بوريل بصفته مسؤول السياسة الخارجية بصياغة مواقف مشتركة بين دوله الأعضاء.
وللاتحاد الأوروبي، الذي تقع دوله في جوار الشرق الأوسط وموطن لعدد كبير من اليهود والمسلمين، دور كبير يضطلع به في الأزمة الأخيرة. ورغم أنه ليس بالمستوى نفسه للولايات المتحدة، يتمتع التكتل بوزن دبلوماسي في المنطقة، لكونه -بشكل خاص- أكبر مانح للمساعدات للفلسطينيين.
لكن التكتل يجد صعوبة في اتخاذ موقف موحد، باستثناء إدانة هجوم حماس. واقتصرت جهوده إلى حد كبير على دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في إطار القانون الدولي والدعوة إلى هدن من القتال.
وفي الوقت نفسه، أكدت دول أعضاء بصورة منفردة، مثل ألمانيا والنمسا وجمهورية التشيك والمجر، دعمها القوي لإسرائيل، بينما انتقدت دول أخرى، مثل أيرلندا وبلجيكا وإسبانيا العمل العسكري الإسرائيلي.
ودعت فرنسا إلى هدنة إنسانية من شأنها أن تمهد الطريق لوقف إطلاق النار.
وأعلن بوريل، وهو سياسي اشتراكي إسباني مخضرم، الشهر الماضي، أن بعض تصرفات إسرائيل تتعارض مع القانون الدولي، ما أثار انزعاج بعض دول الاتحاد الأوروبي.
وقال المسؤول الأوروبي إنّ على الاتحاد الأوروبي أيضاً أن يبذل المزيد من الجهود لكي يظهر أنه يهتم أيضاً بحياة الفلسطينيين، وقد يتحقق ذلك من خلال توجيه دعوات أقوى لإيصال المساعدات إلى غزة، وتجديد المسعى لإقامة دولة فلسطينية، في إطار ما يسمى "حل الدولتين".
(رويترز)