تأكد اليوم الثلاثاء، بشكل رسمي، مقتل ثلاثة أوروبيين، اثنان منهما إسبانيان، والآخر أيرلندي، في كمين مسلح في بوركينا فاسو، بعد إعلان فقدان الاتصال بهم، بالإضافة إلى رجل أمن بوركينابي، منذ أمس الإثنين. وتعاني بوركينا فاسو، الدولة الواقعة في منطقة الساحل الأفريقي، في غرب القارة، أزمة أمنية متزايدة مع تفاقم خطر المجموعات المتطرفة، خصوصاً تلك المرتبطة بتنظيمي "القاعدة" و"داعش". ويسلط مقتل المواطنين الأوروبيين الضوء على العنف المتصاعد في بوركينا فاسو، على الرغم من الجهود التي تبذلها القوات المحلية و الأفريقية، بمساندة دولية، لضبط الجماعات المسلحة في المثلث الحدودي بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر.
وأكد مصدران أمنيان كبيران في بوركينا فاسو، اليوم، لوكالة "رويترز"، أن مواطنين إسبانيين وآخر أيرلندياً كانوا فقدوا أمس، إثر كمين مسلح على حملة لمكافحة الصيد الجائر نصب على طريق مؤدية إلى محمية باما الشاسعة، شرق بوركينا فاسو، قد قتلوا، فيما لا يزال أحد أفراد القوات المسلحة في بوركينا فاسو مفقوداً. والمواطنان الإسبانيان هما ديفيد بريان وروبرتو فريل، وهما صحافيان كان يعملان على إعداد وثائقي عن مكافحة الصيد غير القانوني في المنطقة. وأكد مصدران إسبانيان على اطلاع مباشر بالوضع، أيضاً، للوكالة، إن الإسبانيين لقيا حتفهما. كما أكد مسؤول كبير في أجهزة الأمن في بوركينا فاسو، لـ"فرانس برس"، أن الأوروبيين الثلاثة المفقودين "قام الإرهابيون بإعدامهم". وقال المسؤول معرباً عن أسفه، إن "الأشخاص الذين ظهروا في مشاهد بثّتها المجموعات المسلحة هم الغربيون الثلاثة الذين فقدوا منذ" أمس الإثنين.
المواطنان الإسبانيان هما ديفيد بريان وروبرتو فريل، وهما صحافيان كان يعملان على إعداد وثائقي عن مكافحة الصيد غير القانوني في المنطقة
وفي مدريد، أكد رئيس الوزراء بيدرو سانشيز مقتل اثنين من مواطنيه في كمين بوركينا فاسو، وذلك بعيد إعلان وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا غونزاليس لايا، أن جثتين عُثر عليهما يبدو أنهما للصحافيين بريان وفريل، لكنها لا تزال تنتظر التأكيد النهائي.
وكان مسؤول في وزارة الخارجية الإسبانية، قد أكد في وقت سابق اليوم، إن الوزارة على اتصال بالسلطات في بوركينا فاسو، وهي أبلغت أسرتي المواطنين الإسبانيين بالجهود المبذولة لتحديد مكانهما. من جهتها، أكدت وزارة الخارجية الأيرلندية، ليل الإثنين – الثلاثاء، أنها على علم باختفاء مواطن أيرلندي أيضاً إثر الكمين، وهي تنسق عن قرب مع الشركاء الدوليين.
وكانت قوات الأمن في بوركينا فاسو، قد كثفت عمليات البحث، منذ يوم أمس، عن المفقودين الأربعة، لكنها أعربت في وقت مبكر عن خشيتها من مقتلهم، بعد تداول صور على وسائل التواصل الاجتماعي لثلاث جثث. وقال مصدر أمني بوركينابي رفيع، في وقت سابق، لـ"فرانس برس"، إن "اثنين على الأقل من الغربيين الثلاثة أصيبا حسب شهود، الأمر الذي يثير مخاوف من مقتلهم على أيدي الإرهابيين". وعلى الرغم من اعتباره، أنه "من السابق لأوانه التوصل إلى نتائج"، إلا أنه أشار إلى أن "فرص" العثور عليهم أحياءً "تتضاءل مع مرور الوقت"، متحدثاً عن أعمال بحث "لم تثمر حتى الآن". وكان هجوم أمس قرب محكمة باما، والذي نفذه رجال مسلحون على متن شاحنتين صغيرتين وحوالى 10 دراجات نارية، قد أدى أيضاً إلى إصابة ثلاثة أشخاص، وفق المصادر الأمنية التي أوضحت أن المهاجمين استحوذوا كذلك على أسلحة ومعدّات، بينها شاحنة صغيرة وطائرة مسيرّة.
وقالت وكالة "أسوشييتد برس"، إنها اطلعت عل تسجيل صوتي منسوب لـ"جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، المتربطة بـ"القاعدة"، تتبنى فيه عملية القتل.
تبنت "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، المتربطة بـ"القاعدة"، عملية القتل ،بحسب "أسوشييتد برس"
وتواجه بوركينا فاسو، شأنها شأن معظم دول منطقة الساحل في غرب أفريقيا، أزمة أمنية متزايدة نظراً لنشاط جماعات مرتبطة بتنظيمي "القاعدة" و"داعش"، وتنفيذها هجمات على الجيش ومدنيين، على الرغم من المساعدة العسكرية التي توفرها قوات فرنسية ودولية. ويعتقد أن مسلحين متطرفين يحتجزون عدداً من الرهائن الأجانب في بوركينا فاسو ومالي والنيجر. وكانت الأمم المتحدة قد حذرت في وقت سابق من شهر إبريل/نيسان الحالي، من أن العنف المتفاقم في بوركينا فاسو تسبب في واحدة من أسرع أزمات النزوح انتشاراً في العالم، حيث يوجد في المنطقة أكثر من 3 ملايين نازح إلى الآن جراء الهجمات الإرهابية.
وحصلت في السنوات الأخيرة عمليات عدّة لاحتجاز رهائن في بوركينا فاسو، التي تواجه منذ عام 2015 هجمات "جهادية" متزايدة. واختطف زوجان أستراليان في جيبو، على الحدود مع مالي والنيجر، ليل 15 إلى 16 يناير/كانون الثاني 2016 خلال عملية يبدو أنها نُسّقت مع هجمات في واغادوغو. وسلّم الخاطفون المرأة، جوسلين إليوت، إلى السلطات النيجيرية بعد حوالي شهر من اختطافها، فيما لا يزال زوجها مفقوداً. وفي سبتمبر/أيلول 2018، اختُطف هندي وجنوب أفريقي من موقع منجم ذهب في إيناتا، شمال غرب بوركينا فاسو، ثم أطلق سراحهما. وفي ديسمبر/كانون الأول 2018، فُقد زوجان إيطاليان كنديان على الطريق بين بوبو ديولاسو وواغادوغو، وتم الإفراج عنهما في مالي المجاورة، بعد خطف دام أكثر من عام.
(فرانس برس، رويترز، أسوشييتد برس)