بن غفير يستغلّ الانشغال بالحرب لتنفيذ مخططاته في المسجد الأقصى

16 أكتوبر 2024
بن غفير خلال اقتحامه المسجد الأقصى في 18 يوليو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت الأشهر الأخيرة زيادة في اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، مستغلين حالة الحرب على غزة، مما أدى إلى توترات مع المصلين المسلمين، مع انخفاض في أوامر الإبعاد رغم زيادة الاقتحامات بنسبة 14% بين 2022 و2024.

- تصريحات وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير حول تغيير "الوضع القائم" وإقامة كنيس يهودي أثارت جدلاً واسعًا، وحذرت الحكومة الإسرائيلية والدولية من خطورة أي تغيير أحادي الجانب.

- المحاضر عيران تسدكياهو أشار إلى أن تآكل الوضع القائم يعزز العنف، ويعتبره أنصار الهيكل الثالث فرصة لتحقيق أهدافهم، مما يهدد باندلاع صراع دائم.

"واينت": ارتفاع عدد مقتحمي الأقصى وتراجع تدخلات الشرطة لإبعادهم

السفارة الأميركية لدى إسرائيل: ندعو لاحرام الوضع القائم في الأقصى

شرائح يهودية تعتقد أن بناء "الهيكل الثالث" هو هدف الحرب على غزة

شهدت الأشهر الأخيرة ارتفاعاً ملموساً بعدد اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، ومحاولة زعزعة الوضع القائم فيه. وكشف موقع واينت العبري، أمس الثلاثاء، عن معطيات داخلية للشرطة تؤكد ذلك بالأرقام، فيما أشارت مقالات وتقارير عبرية أخرى، منها في صحيفة هآرتس، إلى تطبيق وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير مخططاته في المسجد الأقصى، مستغلاً حالة الحرب وإيمان شرائح يهودية بأن هدف الحرب على غزة هو بناء "الهيكل الثالث".    

وأفاد "واينت" بارتفاع أعداد المقتحمين اليهود للمسجد الأقصى مقابل انخفاض حالات إبعاد الشرطة لهم عند ارتكابهم تجاوزات لما تنص عليه قواعد "الوضع القائم". وتكررت هذا العام على نحو ملموس توثيقات لتأدية مستوطنين طقوساً تلمودية و"سجوداً ملحمياً" في المسجد، بالإضافة لاستفزازهم مصلين مسلمين.

وفي الوقت الذي تضيّق فيه شرطة الاحتلال في لواء القدس المحتلة على دخول المسلمين إلى الأقصى، تشير بياناتها وزارة الداخلية، التي نشرها الموقع العبري، إلى انخفاض بنحو 40% في أوامر إبعاد المستوطنين الذين يخالفون القواعد (بالمفهوم الإسرائيلي)، المتّبعة داخل المسجد، وهي أوامر تصدر عن قائد اللواء في الشرطة.

كما تشير معطيات الموقع العبري إلى أن 44317 مستوطناً اقتحموا المسجد عام 2022-2023 مقابل 51223 في عام 2023-2024، بزيادة قدرها نحو 14%.

ورغم ازدياد الاقتحامات، أصدر قائد الشرطة في لواء القدس المحتلة 271 أمر إبعاد إداري لمستوطنين عن الحرم القدسي عام 2023، في أعقاب مخالفات قواعد الصلاة، أو بسبب الخشية على سلامة المستوطنين، مقابل 163 خلال العام الحالي 2024، ما يعني انخفاضاً كبيراً بنحو 40% في عمليات إنفاذ القانون ضد المستوطنين وإبعادهم عن الحرم القدسي.

وأشار الموقع العبري في الوقت ذاته إلى التصريحات المتعلّقة بالمسجد الأقصى التي أطلقها بن غفير هذا العام، منها في يوليو/ تموز الماضي، حين قال "أنا المستوى السياسي، والمستوى السياسي يجيز صلاة اليهود في جبل الهيكل (المسجد الأقصى)"، وبهذا نادى عملياً بتغيير "الوضع القائم" التاريخي في المكان، كما قال في الكنيست إنه صلّى بنفسه في المسجد الأقصى وأعلن عن "حق اليهود بالصلاة في المكان".

وقبل ذلك بنحو شهر، صرّح خلال مشاركته في ما يُسمى مسيرة الأعلام في القدس المحتلة بأن "يهوداً صلّوا بحرية في جبل الهيكل"، فيما سارع ديوان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو للتأكيد أن "لا تغيير في الوضع القائم".

وفي أغسطس/ آب الماضي، أثار بن غفير زوبعة جديدة لدى دعوته إلى إقامة كنيس يهودي في الحرم القدسي، ما دفع وزير الداخلية الإسرائيلي موشي أربيل لمناشدة نتنياهو بوضع حد له. وفي هذه المرة أيضاً، أوضح ديوان نتنياهو عدم وجود تغيير في الوضع القائم.

أثار بن غفير في أغسطس الماضي زوبعة جديدة لدى دعوته إلى إقامة كنيس يهودي في الحرم القدسي

وكان ناطق بلسان السفارة الأميركية في إسرائيل قد اعتبر في أعقاب تصريحات بن غفير أن "كل عملية من جانب واحد تشكل خطراً على الوضع القائم غير مقبولة. نحن نعترف بأهمية هذا الموقع المقدّس، ولذلك نناشد جميع الأطراف باحترام الوضع القائم في المكان".

وعلّقت شرطة الاحتلال الإسرائيلي رداً على ما نشره موقع واينت، أن "شرطة إسرائيل تعمل على تأمين وإتاحة زيارات لسياح وإسرائيليين، ويتم التعامل مع أي تجاوز لقواعد الزيارة ولأي محاولة للإخلال بالنظام العام بمهنية".

وعقب مكتب بن غفير: "الشرطة تتصرف وفق القانون ولا تمارس الاضطهاد العنصري ضد اليهود الذين يرغبون في زيارة المكان الذي هو أساس وجودنا".

حرب غزة "لبناء الهيكل"

في صحيفة هآرتس، كتب المحاضر في جامعة تل أبيب عيران تسدكياهو، المختص بالأماكن المقدّسة والصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، أنه "ليس من قبيل الصدفة أن أسوأ عام منذ قيام الدولة (دولة الاحتلال الإسرائيلي) هو أفضل عام في نظر أنصار الهيكل الثالث. كلما تآكل الوضع القائم في جبل الهيكل (المسجد الأقصى)، كلما امتلأت البلاد بالعنف، والعكس صحيح: كلما زاد التوتر والعنف في البلاد، تولدت ظروف مريحة أكثر لدعاة الهيكل، لاستنزاف الوضع القائم بشكل أكبر".

كما اعتبر تسدكياهو أن "العبادة اليهودية" في المسجد الأقصى "بشكلها الحالي، تعني حرمان الفلسطينيين من حقوق الإنسان والحقوق المدنية والاجتماعية والجماعية، مثل الحق في تقرير المصير ... وفي الساحة الإسرائيلية الداخلية، فإن صلاة يهودية أحادية الجانب في جبل الهيكل، ستؤدي في نهاية المطاف إلى إقامة ثيوقراطية يهودية (حكم ديني) شمولية على أنقاض دولة إسرائيل". ويمضي قائلاً: "وعلى المستوى الإقليمي، ستتطلب هذه الأيديولوجية طرداً جماعياً للفلسطينيين من البلاد وحرباً أبدية بين إسرائيل والعالم العربي والإسلامي. دولة كهذه ستكون معزولة دولياً تماماً، وهو ما سيفضي إلى نهاية المشروع الإسرائيلي".

ويرى الخبير الإسرائيلي أنه بالنسبة لمؤيدي إقامة "الهيكل"، اعتُبرت محاكمة نتنياهو والانقلاب القضائي، الذي تقوده الحكومة لتقويض القضاء، بمثابة مؤشر إلى اقتراب قدوم المخلّص "وبالمثل، فإن هدف الحرب في غزة بالنسبة لهم هو بناء الهيكل الثالث".