بلير يعترف للمرة الأولى: أخطأنا بمقاطعة "حماس" بعد فوزها في الانتخابات

15 أكتوبر 2017
مراجعة نادرة لبلير حول السياسة الخارجية (جيف سبايسر/ Getty)
+ الخط -


للمرة الأولى، اعترف رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، بأنّه وغيره من زعماء العالم "أخطأوا" بالخضوع للضغط الإسرائيلي، من أجل فرض مقاطعة فورية لـ"حركة المقاومة الإسلامية" (حماس)، بعد فوزها بالانتخابات الفلسطينية عام 2006، والتي وصفها مراقبون دوليون بأنّها "حرة" و"نزيهة".

وقد أعرب بلير، بصفته رئيساً للوزراء في بريطانيا آنذاك، عن تأييد قوي للقرار الذي بدأه الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، بوقف المساعدات وقطع العلاقات مع السلطة الفلسطينية الجديدة بقيادة "حماس"، ما لم توافق على الاعتراف بإسرائيل، ونبذ العنف، والالتزام بالاتفاقات السابقة بين حركة "فتح" والكيان الإسرائيلي، إلا أنّ "حماس" رفضت هذه التهديدات.

ورأى بلير، والذي أصبح بعد ذلك مبعوثاً للجنة الرباعية الدولية، المكوّنة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا بعد مغادرته منصبه رئيساً للوزراء، أنّه كان على المجتمع الدولي محاولة "جلب حماس إلى الحوار".

وقال بلير، وفق ما نقلت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، اليوم الأحد، عن الصحافي الاستقصائي دونالد ماكنتاير لكتابه الجديد "غزة: تستعد للفجر"، والذي سيصدر في وقت لاحق من أكتوبر/ تشرين الأول الحالي: "بمفعول رجعي، أعتقد أنّه كان يجب علينا، في البداية، أن نجلب حماس إلى حوار ونقلب مواقفها".

وتابع "لكن من الواضح أنّ ذلك كان صعباً جداً. الإسرائيليون كانوا معارضين بشدة لذلك. لكن تعلم أنّنا كنا قد عملنا بطريقة تمكننا من القيام بذلك، وهذا في الواقع ما انتهينا به على أي حال بشكل غير رسمي".

ولم يوضح بلير المقصود من التعاملات "غير الرسمية" اللاحقة مع "حماس"، إلا أنّه يبدو، بحسب "ذا غارديان"، أنه كان يشير إلى اتصالات سرية بين الاستخبارات البريطانية وممثلي حماس، خلال، وربما بعد، خطف الصحافي في هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" آلان جونستون، من قبل جماعة أصولية متطرفة في عام 2007. وكان الخاطفون قد أطلقوا سراح جونستون بعد ضغط شديد من حكومة "حماس".

ومنذ أن غادر بلير منصبه مبعوثاً للجنة الرباعية الدولية، عقد ما لا يقل عن ست جلسات خاصة مطولة مع رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، خالد مشعل، حتى وقت سابق من هذا العام، وخليفته إسماعيل هنية، من أجل بحث وقف لإطلاق النار على المدى الطويل بين إسرائيل والحركة، بحسب الصحيفة.

وتأتي مراجعة بلير النادرة حول قضية السياسة الخارجية الرئيسية، بالتزامن مع بدء "حماس" و"فتح" محاولة جديدة بوساطة مصرية، لإنهاء الانقسام بعد اتفاق المصالحة المبدئي، الموقّع في القاهرة، الأسبوع الماضي.

من جهته، وصف جوناثان باول، الرئيس السابق لفريق بلير في "داونينغ ستريت"، في مقابلة لكتاب ماكنتاير، استراتيجية اللجنة الرباعية الدولية بأنّها كانت "خطأ فظيعاً".

ورأى باول أنّ المفاوضات مع "فتح" وحدها، والتي طالما روّجت لها الولايات المتحدة، تعني أنّ "عليك تقديم تنازلات إلى فتح، ثم عليك تقديم تنازلات جديدة إلى حماس بعد ذلك. تريد أن يكون التفاوض واحداً، وليس اثنين... لو حصلت على فريق فلسطيني موحد للتفاوض معه، الحياة كانت ستكون أسهل بكثير حينئذ"، بحسب قوله.

كذلك يستشهد الكتاب، بحسب "ذا غارديان"، بوثائق داخلية للحكومة البريطانية، صادرة في يناير/ كانون الثاني 2006، والتي تم الحصول عليها بموجب قانون حرية المعلومات، حذّرت مباشرة بعد الانتخابات الفلسطينية، من نبذ السلطة الجديدة بقيادة "حماس".

وتذكر الصحيفة أنّ تقريراً جرى تعديله من مكتب التنمية الدولية التابع للخارجية البريطانية، قال إنّ "إسرائيل وحماس كانتا تتعاونان بالفعل على مستوى البلديات"، واقترح أنّه سيكون من الصعب على المدى القصير أن تتخلّى حماس عن "التزامها بتدمير إسرائيل ودعمها الإرهاب". وبدلاً من ذلك، اقترح أنّ "مشاركة حماس في واقع الأمر بالمسؤولية السياسية، قد تؤدي إلى تحول حماس إلى منظمة سياسية بدلاً من منظمة إرهابية".

وأوردت الصحيفة أنّ المكتب نقل، في تقريره، عن مسؤول كبير في المفوضية الأوروبية قوله إنّ مليون فلسطيني يعتمدون بشكل مباشر وغير مباشر على تمويل الاتحاد الأوروبي.

وأضاف أنّ "سحب التمويل ستكون له عواقب وخيمة ويمكن أن يؤدي إلى العنف. الاتحاد الأوروبي ليس ملزماً بمواءمة موقفه بشأن الدعم المالي، مع موقف الولايات المتحدة وإسرائيل. الاتحاد الأوروبي لم يقم بذلك في الماضي. المنطقة الأوسع كانت تراقب رد فعل الاتحاد الأوروبي على هذه الانتخابات. وإذا ظهرنا، من خلال أفعالنا، أنّنا نرفض النتائج فإنّ ادعاءاتنا بتعزيز الديمقراطية ستقوّض".

"حماس" تدعو لإلغاء شروط الرباعية

ورداً على تصريحات بلير، دعا عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، موسى أبو مرزوق، اليوم الأحد، إلى إلغاء الشروط التي وضعتها الرباعية الدولية على حركته.

ووضعت الرباعية الدولية في ذلك الحين شروطاً للتعامل مع فوز "حماس" بالانتخابات، منها الاعتراف بإسرائيل، ونبذ ما تسميه "العنف"، والالتزام بالاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية مع إسرائيل، لكن الحركة رفضت هذه الشروط.

وكتب أبو مرزوق على "تويتر": "المطلوب بعد تصريحات بلير الأخيرة العمل على تصحيح المسار، وأولى الخطوات إلغاء الشروط على حماس، ومعالجة آثار الحصار الظالم، والحروب اللاإنسانية".​

المساهمون