بعد 28 يوماً في المنصب.. استطلاعات الرأي تدعو تراس للتنحي

بعد 28 يوماً في المنصب.. استطلاعات الرأي تدعو تراس للتنحي

05 أكتوبر 2022
باتت شعبية تراس أدنى من شعبية سلفها جونسون (Getty)
+ الخط -

لم يمض على فوز ليز تراس بمنصب رئيس الحكومة سوى 4 أسابيع حتى بدأ معارضوها وشريحة كبيرة من الناخبين والكثير من أعضاء "حزب المحافظين" بالحسرة على الزعيم السابق بوريس جونسون، وعلى "نوعية" الأخطاء التي ارتكبها خلال السنتين الماضيتين.

وأظهر أحدث استطلاع للرأي أجرته "يوغوف" أن تراس تحظى اليوم بشعبية أقل بكثير من شعبية الزعيم السابق لحزب المحافظين بوريس جونسون، أو حتى من الزعيم السابق لحزب العمال المعارض جيرمي كوربن، إذ عبّر 14 بالمائة فقط من المشاركين في الاستطلاع عن انطباع إيجابي حول تراس، بينما اعتبر 73 بالمائة أنها "غير كفؤة" على الإطلاق.

ولم يكن الخطاب الأول الذي وجّهته تراس اليوم لأعضاء حزبها في مؤتمرهم السنوي سوى محاولة باهتة لتبديد الانقسامات والخلافات التي تسبّبت بها سياساتها الاقتصادية "المتردّدة وغير المدروسة". ومع أن شعبية الحزب تراجعت، وفقاً لاستطلاعات الرأي، بسبب تلك السياسات، فإن تراس تبدو ممتنعة عن أي تراجع أو مراجعة لخططها.

وسط هذا التخبّط غير المطمئن لمستقبل "حزب المحافظين" في الانتخابات العامة المقبلة، أظهر استطلاع للرأي أجرته "ريدفيلد وويلتون" تقدّم "حزب العمال" بفارق 38 نقطة في شمال إنكلترا، مستعيداً بذلك ما خسره من مقاعد "الجدار الأحمر". بينما سأل استطلاع "جي إل بارتنر" الناخبين عن الصفات التي ترتبط في أذهانهم برئيسة الحكومة تراس، فكانت الصفات الأكثر شيوعاً هي "عديمة الكفاءة" ثم "عديمة الفائدة"، ثم "غير جديرة بالثقة". وبهذا تخوض تراس أسوأ بداية يمكن لرئيس حكومة أن يخوضها، وسط غياب اليقين في نجاتها.

وليست المخاوف من "هزيمة" تراس في وقت قريب مجرّد أمنيات أو شائعات، بل هي حقيقة يعيشها أعضاء الحزب ويروّجون لها بعد أن أضحى مستقبلهم السياسي مرتبطا ببرنامج اقتصادي لا يلبّي الحدّ الأدنى من احتياجات ملايين الناخبين وسط تصاعد الأزمات المعيشية، وتلك المتعلقة بالبنى التحتية لمؤسسات الدولة، لا سيما القطاع الصحي والشرطة.

وإن سبق لتراس أن قالت إنها لا تخشى من اتّخاذ قرارات لا تحظى بالشعبية، فإن هذه الشعبية المتدنية وغير المسبوقة دفعتها لاحقاً للانعطاف في سياساتها المتعلّقة بخفض الضرائب، وهي التي عُرفت في تاريخها الحزبي والسياسي بانعطافات مماثلة، إن كان في آرائها حول النظام الملكي، أو في معارضتها لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ثم تأييدها له.

الجو العام في الحزب يعكس رغبة حقيقية في التغيير من أجل النجاة

وعبّر أحد المقرّبين من حزب المحافظين، في اتصال مع "العربي الجديد"، عن استياء كبير في صفوف الحزب من قيادة تراس التي لم يمرّ على وجودها في "داونينغ ستريت" سوى شهر واحد. وأشار إلى أن الجو العام في الحزب يعكس رغبة حقيقية في التغيير من أجل النجاة. ويزعم المصدر أن رئيس لجنة 1922 في الحزب غراهام برادي قد تلقّى رسائل كثيرة لـ"حجب الثقة".

يُذكر أن قواعد الحزب الحالية تحمي تراس من تحدّ مماثل لمدة عام، على أن يجتمع الأعضاء التنفيذيون بعد انقضاء هذه المدة ليناقشوا التصويت على حجب الثقة إذا تلقى رئيس اللجنة رسائل مما يعادل 15 بالمائة من جميع النواب المحافظين. إلا أن قواعد الحزب قابلة للتعديل في أي لحظة إن حظيت قضية العزل بإجماع كبير.

وواجهت تراس في الخطاب الأول لها، والذي كانت تجادل فيه بأن التخفيضات الضريبية هي الصواب أخلاقياً واقتصادياً، احتجاجات داخلية، إذ قاطعها نشطاء مجموعة "غرين بيس" البيئية المحافظة حاملين لافتات كتب عليها: "من الذي صوّت لذلك؟"، مندّدين بـ"تمزيق" تراس لبيان الحزب ووعوده للعام 2019 بخصوص العمل المناخي والبيئي والتكسير الهيدروليكي. لكن تراس اكتفت بلحظات من الصمت، بينما سحب أعضاء من الحزب اللافتات وطردوا النشطاء من القاعة. ثم أشارت تراس إلى "قدوتها" مارغريت تاتشر المعروفة بـ"المرأة الحديدية" قائلة: "سنحافظ على الشؤون المالية للبلاد بقبضة من حديد"، مضيفة: "لدي ثلاث أولويات اقتصادية: النمو ثم النمو ثم النمو".

وكانت مدينة بيرمنغهام التي تستضيف مؤتمر الحزب قد شهدت العديد من التظاهرات المعارضة للحكومة الحالية مندّدة بخططها الاقتصادية، لا سيما "الميزانية المصغّرة" التي أعلن عنها المستشار ووزير المالية كواسي كوارتنغ في 23 سبتمبر/أيلول، وأدّت إلى اضطرابات غير مسبوقة في الأسواق المالية وانهيار الجنيه الإسترليني.

وفي هذه الأثناء، يبدو جونسون غائباً عن المشهد السياسي، لكن لا يصعب تخيّله بعيدا عن متابعة ما يعيشه الحزب من تخبّط، وهو الذي تظهر استطلاعات الرأي أيضاً رغبة متصاعدة بعودته إلى "داونينغ ستريت".

ويبقى أمل تراس الأخير هو امتناع أعضاء حزبها عن "إسقاطها" سياسيًّا بعد أن أسقطوا قبلها زعيمين في غضون ثلاث سنوات فقط.

المساهمون