في ثاني حدث من نوعه في أسبوع واحد، وفي ظل تأزم قضية سد النهضة الإثيوبي، أعلنت مصر وبوروندي، إحدى دول حوض النيل، توقيع برتوكول تعاون عسكري مشترك يتضمن التعاون في مجالات التدريب والتأهيل والتدريبات المشتركة بما يتيح تبادل الخبرات بين الجانبين، وأكدتا على توافق الرؤى تجاه الموضوعات التي تمس المصالح المشتركة للقوات المسلحة لكلا البلدين.
جاء ذلك خلال استقبال الفريق محمد فريد حجازي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق أول بريم نيونجابو رئيس قوات الدفاع الوطني البوروندي والوفد المرافق له الذي يزور مصر حاليا.
وبحسب بيان مصري، تناول اللقاء سبل دعم أوجه التعاون العسكري المشترك بين القوات المسلحة لكلا البلدين في العديد من المجالات، وعقدت جلسة مباحثات تناولت بحث تطورات الأوضاع الراهنة وانعكاساتها على الساحة الإقليمية والدولية، ومناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك في ضوء مجالات التعاون العسكري.
وفي الخامس من الشهر الجاري أصدر الجيش الأوغندي المسمى "قوات الدفاع الشعبية" بيانا ذكر فيه أنه تم توقيع الاتفاقية بين رئاسة المخابرات العسكرية التابعة لقوات الدفاع الشعبية الأوغندية وإدارة المخابرات المصرية.
ونقل البيان الأوغندي عن المفوض المصري بالتوقيع وهو اللواء سامح صابر الدجوي، أحد قيادات المخابرات العامة والضابط السابق بالجيش المصري، قوله إن أوغندا ومصر "تتشاركان مياه النيل والتعاون بينهما أمر حتمي، لأن ما يؤثر على الأوغنديين سيؤثر بشكل أو بآخر على مصر".
بينما امتنعت القاهرة عن التعليق على البيان، الذي صدر مصحوبا بصورة للتوقيع، بما يشي بإيثارها عدم تأجيج الخطاب الإعلامي المحلي تجاه قضية سد النهضة، خاصة بعد تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأربعاء الماضي التي حاولت تهدئة الرأي العام وتحجيم المطالبات بسرعة الحسم العسكري، والتي تلاها تغير في الخطاب الدعائي المصري إلى استبعاد الحرب مرة أخرى.
وسبق أن قالت مصادر دبلوماسية مصرية إن التنسيق العسكري والاستخباراتي المصري مع دول منابع النيل يهدف إلى وضع إثيوبيا تحت ضغط دائم، وإزعاجها على المدى الطويل، وليس بالضرورة تهديدها بسرعة استخدام الحل العسكري لحسم قضية سد النهضة.
إلى جانب ذلك، فإن مصر تراهن على توثيق العلاقات مع دول المنبع لأسباب أخرى أهم استراتيجيا، مثل العمل على تعديل الاتفاق الإطاري لدول حوض النيل، الذي تعارضه القاهرة منذ 11 عاما، بما يضمن وضعا خاصا لمصر والسودان كدولتي مصب، في القرارات المشتركة والحصص وضمان إبلاغهما قبل إقامة مشروعات تنموية على حوض النيل، فضلا عن محاولتها تعطيل إدخال الاتفاقية حيز التنفيذ بتثبيت موقف كل من جنوب السودان والكونغو الديمقراطية اللتين لم تصدقا عليها حتى الآن.
ووقعت بوروندي على الاتفاق الإطاري في مارس/ آذار 2011، وانضمت بذلك إلى كل من أوغندا وإثيوبيا ورواندا وتنزانيا وكينيا، لكنها مع كينيا لم تصدقا حتى الآن على الاتفاق تشريعيا.
ويحتاج هذا الاتفاق لدخوله حيز التنفيذ وإيداعه لدى الاتحاد الأفريقي تصديق ست دول فقط، ولطالما عارضت مصر والسودان التوقيع عليه، وحاولت القاهرة تحديدا استخدام المساعدات بمختلف أنواعها لإقناع الدول المعنية بعدم التوقيع أو عدم التصديق، لحين الاتفاق الشامل على جميع بنوده، وتعديل البنود المثيرة للجدل، خاصة بعدما وقعت بوروندي لتزيد من احتمالية دخول الاتفاق حيز التنفيذ، وغموض موقف كل من جنوب السودان والكونغو الديمقراطية، التي لم توقع حتى الآن، رغم إعلانها تأييد الاتفاق.