بشار الأسد يطلب الدعم لنظامه من بوابة منكوبي الزلزال.. ويقدم وعوداً للمتضررين

16 فبراير 2023
خرج الأسد لمخاطبة السوريين بعد 10 أيام من الكارثة (Getty)
+ الخط -

لم تحمل كلمة رئيس النظام السوري بشار الأسد، اليوم الخميس، أي جديد لمتضرري الزلزال في مناطق سيطرة قواته سوى كلمات المواساة واللعب على وتر التحلي بالجانب الوطني لتحمل تبعات الكارثة، والوعد بإنشاء صندوق للمتضررين بانتظار تقييم من يستحق، لكن مع التلميح إلى أن عمليات المساعدة تحتاج دعماً إضافياً لنظامه.

وقال الأسد، في كلمة له نقلها التلفزيون الرسمي، بعد 10 أيام على افاجعة، إن "الوطن هو المنزل، وحمايتُه واجبٌ بغض النظر عن نوع وحجم التحدي، وبغض النظر إن زادت الإمكانيات أم نقصت.. وهذا ما كان منذ اللحظات الأولى للزلزال".  

وذكر رئيس النظام السوري المحافظات المتضررة وتجنب إدلب، بالقول: "الشعور العميق والشامل تجاه الوطن البيت سورية، من قبل أبناء عائلته الواحدة أفراداً ومؤسسات، وهذه الهبةُ الهائلة لحماية وإنقاذ ومساعدة أخوتِهم المكلومين في حلب واللاذقية وحماة لم يكن المشهد الوطني والإنساني غريباً عن أي منا، وقد لمسناه بمفاصل متعددة خلال الحرب على سورية". 

وحاول الأسد، الذي تهم قواته بارتكاب جرائم حرب، استنهاض المجتمع الدولي لتقديم المساعدات، قائلاً: "حجم تلك الكارثة والمهامُ المنوطة بنا جميعاً أكبر بكثير من الإمكانيات المتاحة، لكن ما تمكن مجتمعنا من القيام به بأفراده ومؤسساته كان أيضاً أكبر بكثير من الإمكانيات المتاحة"، مضيفاً: "ما سنواجهه على مدى أشهر وسنوات من تحديات خدمية واقتصادية واجتماعية لا يقل أهمية عما واجهناه خلال الأيام الأولى، وهو بحاجة للكثير من التفكير والحوار والتكافل والتنظيم، لدى مختلف القطاعات الوطنية". 

واعترف الأسد بـ"نقاط الضعف" التي تم تعويضها بجزء من قبل "المؤسسات الحكومية"، ويقصد المؤسسات التابعة لنظامه، ثم مؤسسات المجتمع المدني والأفراد متطوعين بأعمال الإنقاذ، أو متبرعين بمساعدات عينية أو مالية مقيمين أو مغتربين حاولوا بكل الطرق كسر الحصار لإيصال أي مقدار ممكن لمساعدة المنكوبين. 

وأشاد الأسد بـ"المساعدات العاجلة" التي وصلت مما وصفها بـ"الدول الشقيقة والصديقة"، والتي قال إنها "شكلت دعماً مهماً للجهود الوطنية في تخفيف آثار الزلزال وإنقاذِ الكثيرِ من المصابين". 

وبدا الأسد في كلمته المسجلة وكأنه يقدم كلاماً إنشائيا فقط لضرورة الخروج والتحدث خلال الكارثة، وفي هذا السياق قال: "قد يبدو المشهد معقداً، وقد يكون من الصعب الفرز بين الأسباب المؤدية لكل مشكلة من المشكلات على حدة، لكنه يعطينا بالمقابل فرصةً لحل تلك المشكلات المتراكمة بشكل مترابط، وهذا يعني أن ننتقل من معالجة سلبيات الظروف الطارئة، إلى إضافة إيجابيات المعالجة الشاملة".

يشار إلى نظام الأسد يعرقل كل مسارات الحل السياسي للأزمة السورية، ويواصل قمع الشعب السوري، ويتهم بارتكاب مجازر مثبتة بتقارير دولية، بعضها أممي.

وأضاف الأسد في كلمته: "عندما تتعرض المجتمعات للزلازل بأنواعها، جيولوجيةً كانت، أم سياسية، أم عسكرية، أم ثقافيةً اجتماعية، أم غيرها من الهزات العنيفة، فلا بد لها أن تفقِد شيئا من استقرارِها، لاهتزاز ضوابطها المؤسسية والاجتماعية، من قوانينَ وأنظمة، ومن مفاهيمَ وأعرافٍ وأخلاقيات، وهذا يؤدي بدوره لظهور السلبيات الموجودة أساساً، لكنها كامنة أو محدودة بفعل تلك الضوابط".

ولم يقدم الأسد للمتضررين سوى "دراسة صندوق دعم"، مشيراً: "حالياً تتِم دراسة تأسيس صندوق لدعم المتضررين بهدف مساندتهم ريثما يتمكنون من استعادة قدراتهم الحياتية بجوانبها المختلفة، وذلك بعد الانتهاء من إحصاء الأضرار، ووضعِ المعايير لتحديد المشمولين وأسس الدعم.. كل ذلك بالتوازي مع العمل السريع للجم التراجع الاقتصادي الذي يصيب عادة المناطق المنكوبة ويؤثر على الاقتصاد الوطني بشكل عام، عبر إصدار التشريعات واتخاذ الإجراءات التي تخفف الأعباءَ الاقتصاديةَ عن أهلها وتسرع دورة الاقتصاد فيها، والتي تم البدء بدراستها قبل عرضها من أجل النقاش واتخاذ القرارات المناسبة خلال الأيام القليلة القادمة، بالإضافة لعدد من الأفكار الأخرى المطروحة مؤخراً، والتي سيعلن عنها من قبل المؤسسات المعنية بعد أن تستوفي حقها من الدراسة والنقاش، وتثبتَ جدواها". 

وحاول رئيس النظام السوري، الذي قمع على امتداد أزيد من عقدٍ ثورة الشعب السوري، كسب الشارع المنهك بالأزمات المعيشية والاقتصادية التي فاقمتها كارثة الزلزال، بالقول: "هل يمكن أن ننسى أولئك الذين استنفروا غِيرة وحرصاً للدفاع عن الصورة الحقيقية لمجتمعنا في وسائل الإعلام والتواصل المختلفة، ولم يسمحوا للصورة المشوهة التي حاول البعض تسويقها المساس بسمعتنا كمجتمع، للأخلاق فيه وللتعاضد". 

في ختام كلمته ضرب الأسد على وتر الجانب الإيماني، بالنسبة للسوريين كمجتمع متدين، قائلاً: "كلنا في هذا الوطن مسلمين ومسيحيين نؤمن بالله، والإيمانُ به يعني الإيمانَ بإرادته.. وإرادتُه بالنسبة لنا قدر قد يأتينا بأشياء نحبها وأخرى نبغُضُها.. وإن لم نكن في موقع من يدركُ الحكمةَ الإلهيةَ من البلايا والنعم التي تصيبُنا وأسبابَها، فنحن بكل تأكيد في موقع تعلم الدروس وأخذ العبر منها، من حسنها وسيئها، وأهم وأول ما نتعلمه من هذه التجرِبة القاسية وقد تمكنا مع بعضنا البعض بمختلف أطيافنا وقطاعاتنا من التغلب على ظروفنا وقلة إمكانياتنا، هو الإيمانُ بقدراتنا الذاتية الكبيرة".