بروتوكول جلسة سرية يكشف تورط نتنياهو بتسريب "وثائق السنوار" المزعومة

08 يناير 2025
رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، 16 يوليو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- كشفت المحكمة العليا الإسرائيلية عن تورط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في تسريب "وثائق السنوار" لصحيفتين غربيتين، بهدف التأثير على الرأي العام وتبرير إطالة أمد الحرب، بمساعدة الناطق العسكري إيلي فيلديشتاين.
- ضابط الصف أوري روزنفيلد مرر الوثائق لفيلديشتاين، محذراً من خطورتها، وحاول تسريب معلومات أخرى، مما يثير تساؤلات حول دوافعه ووعيه بخطورة التسريب.
- التسجيلات بين فيلديشتاين وصحافي ألماني تكشف استغلال الإعلام الإسرائيلي تحت الرقابة العسكرية لخدمة أجندات سياسية، مما يعكس تعقيدات العلاقة بين الإعلام والسياسة في إسرائيل.

سمحت المحكمة العليا الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، بالكشف عن تفاصيل بروتوكول الجلسة السريّة التي انعقدت في قضية "وثائق السنوار"، التي سرّبها موظفون في مكتب رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لصحيفتين غربيتين، بهدف التأثير في الرأي العام وتوجيهه، لتبرير إطالة أمد الحرب، وعدم التوصل لصفقة من خلال تصوير محور صلاح الدين "فيلادلفي" على أنه "مدماك" الأمن القومي الإسرائيلي.
وطبقاً للبروتوكول المتكشّف، فقد أقر المحامي عوديد سابوراي، وكيل المتهم الرئيس في القضية، وهو إيلي فيلديشتاين، الناطق العسكري باسم نتنياهو، أن الأخير كان على علمٍ بالتسريب الإعلامي، ومتورط بالأمر؛ إذ قال في الجلسة، وفقاً لما كشفته صحيفتا "يديعوت أحرونوت"، و"هآرتس" حول القضية، إن "فيلدشتاين عمل من جهته باسم وبتعليمات من نتنياهو"، موضحاً أنه بعد المؤتمر الصحافي الذي عقده الأخير عقب مقتل المحتجزين الستة لدى حركة حماس، والذي حاول خلاله إضفاء أهمية بالغة على محور صلاح الدين، وتبرير عدم التوصل لصفقة تبادل "همس فيلدشتاين بأُذن رئيس الحكومة قائلاً إن بحوزته وثيقة من مصادره في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، حول الموضوع ذاته ولكنها حديثة أكثر، وأنه سيتولى مهمة نشرها مع مستشار نتنياهو، يوناتان أوريخ (المتهم هو الآخر بتمرير الوثائق لصحيفتي بيلد الألمانية، وجويش كونيكال، البريطانية)". ولفت سابوراي إلى أن "النشر (في الصحيفتين) حدث تماماً بعد المؤتمر بخمسة أيام".  

عقب نشر الصحيفتين ما أُدعي بأنه "وثائق السنوار"، كتب أورليخ لفيلدشتاين رسالة قال فيها إن "الزعيم مبسوط"، في إشارة إلى أن نتنياهو سعيد وراضٍ عن التسريب لأنه يخدم مصلحته بتبرير إطالة أمد الحرب. من جهة ثانية، ذكر محامي ضابط الصّف في الاحتياط، أوري روزنفيلد، وهو الذي مرر الوثيقة لفيلدشتاين، أن الأوّل حذّر الثاني "من أن الحديث يدور حول وثيقة سرية عُثر عليها في غزة". 
في المقابل، كشفت النيابة العامة، بحسب البروتوكول، أن روزنفيلد حاول كذلك تمرير معلومات بحوزته، ليس لفيلدشتاين فقط، وإنما لمسؤولٍ آخر. بحسب النيابة، فإن المعلومات الأخرى كانت حول تحذير وجهته المجندة (و) بشأن عملية "طوفان الأقصى" قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والذي نُشر في وسائل الإعلام العبرية، ولكن ليس من خلال الصحافي المُحدد الذي رغب روزنفيلد بتمرير المعلومات من خلاله.

محامي روزنفيلد، من جهته، قال إن ضابط الصف كان يريد نقل المعلومات حول وثيقة التحذير التي وجهتها المجندة (و) إلى مراسل صحيفة "يديعوت أحرونوت" للشؤون العسكرية، يوسي يهوشواع؛ إذ قال إن "روزنفيلد قال خلال التحقيق معه، إنه عند اندلاع الحرب ظهرت أمامه وثيقة المجندة (و)، وأن البريد المذكور لا يوجد فيه أسرار دولة؛ إذ نُشر في وسائل الإعلام، ولا يوجد فيه معلومات استخبارية. مع ذلك اعتقد بداية أن وسائل الإعلام ترغب في معرفة محتوى الوثيقة نفسها وأصلها. وبناء لما تقدم، توجه عبر المسانجير ليهوشواع، قبل أن يتراجع ويمحو الرسالة".
النيابة من جهتها، تابعت بحسب وقائع الجلسة أن ضابط الصف "كان معصوب العينين"، مشيرةً إلى أنه "رمى كل سنوات خدمته، وثمة خشية من أنه سيواصل تسريب المعلومات". أمّا محامي روزنفيلد، فحمّل فيلدشتاين المسؤولية باعتبار أن الأخير استغل منصبه وقربه من رئيس الحكومة ليسحب المعلومات من ضابط الصف. ووصفه بأنه "مثل عناصر الموساد". وبحسبه فإن "السبب الذي دفع روزنفيلد لتسريب المعلومات هو أن فيلدشتاين أقنعه طوال الوقت بأنه يمرر المعلومات لرئيس الحكومة"، دالاً على ذلك بأن "إجابة روزنفيلد عن سؤال إن كان يمرر المعلومات للصحافة جاءت سلبية (على ما يبدو وفقاً لتحقيق أُجري بواسطة آلة البوليغراف لكشف الكذب)". وتطرق المحامي إلى ضابط الاستخبارات الذي حُقق معه بالشبهات ذاتها قائلاً إن "هناك ضابطاً في الجيش دفعه لتسريب المعلومات لرئيس الحكومة؛ حيث قال له إن الهدف هو أن تصل هذه المعلومات إلى نتنياهو". وأضاف "روزنفيلد تعامل مع هذه الوثائق باعتبارها ذات أهمية قومية وبنظره كان ينبغي أن تصل لرئيس الحكومة".
وبالعودة لفيلدشتاين، قالت النيابة إن المواد التي سربها له روزنفيلد "كانت في مطبخه وهناك عُثر عليها". وبينها وثيقة "تشير إلى أن عميلاً أجنبياً متورطاً في هجوم السابع من أكتوبر"، مشيرة إلى أن "فيلدشتاين ترك هذه الوثيقة بحوزته لكي يستغلّها إعلامياً متى تستوجب الفرصة". أمّا محامي فيلدشتاين فاتهم أوليخ قائلاً بأنه "العَرِيفُ"، مشيراً إلى أن "ما فعله فيلدشتاين كان بعلم أورليخ، وكل ما في الأمر أن الأوّل رأى رئيس الحكومة يتحضر للمؤتمر الصحافي بشأن مقتل الأسرى الستة، وإشارة نتنياهو للوثيقة خلال المؤتمر، وعندئذ قال لاورليخ إن لديّ وثيقة أفضل، وسويةً قررا تسريبها للإعلام". 
مع ذلك، استعرضت النيابة العامة أمام القاضي تسجيلات المحادثات بين فيلدشتاين والصحافي الألماني من "بيلد". وفيها أوضح فيلدشتاين "ما هو السريّ في الوثيقة، وما هو لا". وهنا ردّ المحامي أنه "في شهر يناير (كانون الثاني، 2024) صدّقت الرقابة العسكرية على هذه المعلومات بالضبط. وليس ممكناً الإقرار بأنه كان يعلم مدى أهمية المعلومات أو مصدرها، كما لم يكن يعلم بأن تسريبها سيؤدي للكشف عن مصدرها".

إلى ذلك، لفتت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن فيلدشتاين، عرف بالفعل أن الرقابة العسكرية منعت نشر الوثيقة في إسرائيل، مُذكِرةً بأن أجهزة الأمن وصفت ما جاء في الوثيقة بأنه غير ذي صلة بالواقع، خصوصاً أن مسؤولين أرفع رُتباً في "حماس" غير الذين تُنسب الوثيقة لهم، قدّموا مواقف أكثر ليونة مما ورد في الوثيقة، خلال المفاوضات المتواصلة منذ ذلك الحين للتوصل إلى وقف إطلاق نار، وتبادل إطلاق سراح الأسرى. فضلاً عما تقدّم، فإن نشر "المعلومات كشف عن مصدر الجيش الذي يمده بالمعلومات السرية والحساسة". في المحصلة، يُعد هذا البروتوكول دليلاً إضافياً حول آليات عمل وسائل الإعلام الإسرائيلية، في ظل الرقابة العسكرية المفروضة، وهو لا يشير فحسب إلى تورط رئيس الحكومة في هذه القضية، وكيف يستغل موظفيه لتوجيه الرأي العام خدمة لمصالحه وبقائه السياسي، وإنما يمتد ليعطي لمحة عن الآلية التي يعمل فيها المراسلون العسكريون الإسرائيليون تحديداً، ويهوشواع مثالاً، وكيف توجه الجهات الأمنية والعسكرية في إسرائيل هؤلاء المراسلين لكشف ما ترغب فيه خدمة لأجندتها ومصالحها هي الأخرى.