بداية متعثرة للبرلمان التونسي مع تأخر إتمام النظام الداخلي

17 ابريل 2023
انطلق البرلمان في عمله منقوصاً من 7 أعضاء عن دوائر الخارج (Getty)
+ الخط -

انقضى شهر على انطلاقة عمل البرلمان الجديد في تونس من دون أن يتمكن من المصادقة على قانونه الداخلي.

ولم يتمكن البرلمانيون من التصويت إلا على 12 بنداً تتعلق غالبيتها بأحكام عامة وعضوية البرلمان وتنظيم الحضور والغيابات وأجر النواب والتصريح بالمكاسب، قبل أن يختلف النواب حول الفصل 13 في علاقة النواب بالسلطات الجهوية والمحلية وتكوين هيكل يسمى "ندوة الجهة"، ليتقرر تأجيل النظر فيه.

وقرّر رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة، الجمعة، إرجاء مناقشات مشروع النظام الداخلي للمجلس لمدّة أسبوع، على أن تستأنف الأشغال بعد عيد الفطر.

وقال أستاذ القانون الدستوري وخبير الشأن البرلماني، مبروك الحريزي، لـ"العربي الجديد"، إن "بداية عمل البرلمان متعثرة وانطلقت من حالة ضعف ستؤثر في أدائه، بسبب الشرعية المهزوزة ونسبة مشاركة متدنية في الانتخابات، لا تعطيه أهلية لتمثيل المواطنين".

وأضاف الحريزي أن هناك انعكاسا واضحا للضعف الهيكلي في القانون الانتخابي والتنظيم الدستوري للبرلمان على أدائه، بسبب تركيبته واعتمادها نظام الأفراد، خلافا للبرلمانات القائمة على القائمة أو المزج بين القوائم والأفراد".

وبين أنه "كان ممكناً إصلاح وتدارك هذا بتكوين كتل، غير أن هذه الفكرة واجهت عديد الشروط والضغوطات من رئاسة الجمهورية".

وأشار الحريزي إلى تهديد رئيس الجمهورية البرلمانيين بسحب الوكالة وتدخّله في مسألة تكوين الكتل، ما شكل مساسا باستقلالية البرلمان.

وأوضح أنه "كان ممكناً سد الثغرات في صياغة القانون الداخلي، من خلال الاستماع إلى خبراء القانون والمجتمع المدني، ولكن هذا لم يحصل ربما لعدم استعداد أساتذة وخبراء للتعاون مع البرلمان الحالي أو ربما رغبة من البرلمان في الاكتفاء بنفسه".

وأشار إلى أن هذا البرلمان لم يبتعد عن النظام الداخلي لبرلمان 2014، حيث تم اعتماده مع بعض الإضافات الشكلية.

وتابع أن هذا البرلمان تنازل عن مبدأ الرقابة على الحكومة، كما هو معمول به في البرلمانات الديمقراطية.

من جهتها، اعتبرت عضو البرلمان المنحل والقيادية في حزب النهضة يمينة الزغلامي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هذا البرلمان غير شرعي، لأنه من رحم انقلاب دستوري، وغلق لمؤسسة ديمقراطية بدبابة، وبعد سجن النواب واتهامهم بشتى أنواع التهم دون دليل".

وقالت الزغلامي إن "نسق عمل البرلمان بطيء في غياب الشفافية والمعلومة الصحيحة والموضوعية". واعتبرت أن "التصويت ضد التناصف وتمثيلية المرأة في النظام الداخلي يبين أن هذا البرلمان رجعي، وعاد إلى وراء الوراء"، بحسب وصفها. وأضافت : "هذا برلمان قيس سعيد وليس برلمان الشعب".

في مقابل ذلك، قال عضو لجنة النظام الداخلي والنائب بمجلس الشعب يوسف التومي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "لجنة النظام الداخلي انكبت على مناقشة وإعداد القانون الداخلي المكون من 171 فصلا لـ15 يوما".

وأفاد بأن مناقشة النظام الداخلي يمكن أن تدوم لأسبوعين آخرين أو 10 أيام على أقل تقدير.

وأشار إلى أن عمل البرلمان انطلق منذ 13 مارس/آذار ولم يتقاض البرلمانيون المنحة البرلمانية، رغم وقف مرتباتهم وتخليهم عن مهنهم منذ التحاقهم بالمجلس".

وفي رده على اتهام البرلمان بعدم الشفافية وتغييب الإعلام، والتأخير غير المبرر في تعيين الشغور في 7 مقاعد بالخارج، أشار التومي إلى اتفاق حول تعيين الشغور بعد المصادقة على النظام الداخلي، مبينا أن المجلس يعمل حاليا وفق أحكام وقتية.

ولفت إلى وجود نقاش حول حضور الإعلام واعتباره شريكا في العمل البرلماني "وقد تم التنصيص على ذلك في النظام الداخلي، وسيتم تنظيم عملية الاعتماد والتغطية بعد إتمام المصادقة عليه".

وانطلق البرلمان في عمله منقوصا من 7 أعضاء عن دوائر الخارج بـ154 نائبا فقط من جملة 161 مقعدا كما ينص عليه دستور 2022، حيث لم تسجل انتخابات في هذه الدوائر.

وشهد البرلمان منذ جلسته الافتتاحية احتجاجا من قبل وسائل الإعلام والنقابات الصحافية وحقوقيين، بسبب منع الصحافيين في القطاعات الخاصة ومراسلي ومبعوثي وسائل الإعلام الأجنبية من دخول البرلمان للتغطية.

إلى ذلك، اعتبر عضو مبادرة "لينتصر الشعب" الممثلة في البرلمان والداعمة بقوة للرئيس قيس سعيد، زهير حمدي، في تصريح صحافي، أن هناك "لُوبيات لها مصالح تُدافع عنها تريد السيطرة على مجلس نواب الشعب". و"تريد وضع يدها على البرلمان، وتريد إعادة نفس التجارب المريرة السابقة".

وبين أن "إقصاء الإعلام الخاص من تغطية أشغال الجلسات المخصصة للنظر في النظام الداخلي للبرلمان، قرار غير مسؤول".