بايدن يستأنف المساعدات محتفظاً بجوهر سياسة ترامب الفلسطينية

08 ابريل 2021
بايدن لم يتصل بعباس حتى الآن (مانديل نغان/فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، أمس الأربعاء، عن تخصيص 235 مليون دولار كمساعدات اقتصادية وتنموية للفلسطينيين ووكالة غوث اللاجئين "أونروا"، بالإضافة إلى 15 مليونا سبق تقديمها لتوفير اللقاح ضد كورونا
وجاءت الخطوة في إطار استئناف الدعم الذي كان الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، قد أوقفه منذ صيف 2018 بسبب تحيزه الشديد للاحتلال الإسرائيلي. لكن الخطوات الأخرى غير المسبوقة التي اتخذها الرئيس السابق ضد الفلسطينيين والتي وعد بايدن بالتراجع عنها، بقيت على حالها. بل إن الإدارة الحالية تتبناها صراحة حسب تأكيدات المسؤولين في أكثر من مناسبة. 
وإذ تبدو عودة المساعدات بادرة إيجابية مقارنة بما كانت عليه الحال في زمن الإدارة السابقة، إلا أنها جاءت مخيبة جدا للآمال بالمقارنة مع وعود الرئيس بايدن أثناء حملته الانتخابية. بل هي تبدو أشبه بمحاولة "رشوة" للتغطية على تجاهل الإدارة لتعهداتها.
منذ الأيام والأسابيع الأولى لرئاسته، بدأ الرئيس بايدن ينقلب على كافة سياسات ومواقف ترامب الخارجية. وحده تقريباً الوضع الفلسطيني بقي خارج المراجعة. وقد ترافق التأخير ببعثه إشارات بين الفينة والأخرى، مفادها بأن الوعود هي غير القرارات في الموضوع الفلسطيني الإسرائيلي، وبأن هذا الملف ليس من بين الأولويات بعد دخول بايدن إلى البيت الأبيض. 
وكانت أبرز تلك الإشارات عدم تعيين مبعوث خاص لعملية السلام على غرار الملفات الساخنة الأخرى كاليمن وإيران وأفغانستان، كذلك عدم اتصال بايدن بالرئيس الفلسطيني، محمود عباس، كما جرى مع غيره من الرؤساء. ثم تغييب سيرة قضايا إجرائية أخرى مثل إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية للاهتمام بالشؤون الفلسطينية، كما جرت العادة. وأيضاً غابت عن شاشة الإدارة ترجمة الوعد بإعادة فتح مكتب البعثة الفلسطينية في واشنطن والذي يجري التذرع بوجود عائق قانوني في طريقه. 
المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، قال أمس إنه ليس لديه ما يعلنه في هذا الخصوص. كما تهرّب من الرد على سؤال حول موقف الإدارة من الانتخابات الفلسطينية القادمة في القدس الشرقية، مكتفياً بالقول إنه هذه مسألة "تخص الفلسطينيين".
ومن المؤشرات أيضا عودة الإدارة إلى مفردات الخطاب المألوف الذي يشير إلى حل الدولتين من باب النصيحة لإسرائيل "كي تضمن استمرارها كدولة يهودية ديمقراطية"، والذي يساوي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في "غياب الجدية" تجاه السلام. 
ومن مفرداته أيضاً مطالبة الطرفين "بوجوب العزوف عن الإجراءات أحادية الجانب"، فضلاً عن المعزوفة المكرورة بأن أميركا لا يسعها "فرض السلام" على المعنيين به. 
وكان في السابق يقال إنه "لا يمكن لواشنطن أن تريد السلام أكثر من الفلسطينيين والإسرائيليين"، لكنها مقولات صارت كاللازمة في الخطاب الأميركي للتمويه على الاستيطان الذي صنّفه وزير الخارجية السابق، مايك بومبيو، بأنه "غير مخالف للقانون الدولي"، والذي رفض المتحدث باسم الخارجية إعلان تنصل إدارة بايدن من هذا التوصيف.
كما راوغت الإدارة في تصنيف الضفة الغربية بأنها "أرض محتلة"، ولم تنطق بهذه العبارة إلا قبل أيام قليلة وبعد مطاردة صحافية متواصلة. 
حماس الإدارة اللفظي لحل الدولتين، تقلّص إلى استئناف المساعدات. لا إعلان عن مؤتمر للسلام ولا كشف عن خطة في هذا الاتجاه. ولا حتى طرح لموضوع الدولتين إلا بصورة خجولة كما ورد أمس ذكره في بيان المساعدات ولمرة واحدة في آخر النص. ما حصل فقط ترضية مالية، على الأقل حتى الآن.

وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قال مؤخراً "عملياً من الصعب أن نرى احتمال حصول تقدم قريب في هذا المسار". كلامه يلخص على ما يبدو خلاصة الجدل والنقاش داخل الإدارة والذي تشير المعطيات إلى أنه انتهى بالإدارة إلى حيث انتهى غيرها لأسباب متداخلة من بينها ضغوط المفاتيح الإسرائيلية في واشنطن وبالتحديد في الكونغرس وحتى في الإدارة التي يحرص لفيف الرئيس على تحصينه من الخسائر السياسية. 
وبالنهاية كانت النتيجة "إن الإدارة لم تهمل كل ما فعله ترامب لإسرائيل وهذا ما يدعو إلى الارتياح والأمل بألا تحيد عن هذا الخط" كما يقول جايسن غرينبلات، مستشار ترامب السابق للشؤون الإسرائيلية – الفلسطينية.

المساهمون