أبلغ الرئيس الأميركي جو بايدن السبت نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنه "واثق" من أنّ الكونغرس سيجدد المساعدات العسكرية لكييف، قائلاً إنه من دون مساعدة الولايات المتحدة، فإنّ كييف قد تخسر مزيداً من الأراضي أمام التقدم الروسي.
وقال بايدن لصحافيين في ديلاوير: "تحدثت مع زيلينسكي بعد ظهر السبت لأخبره بأنني واثق من أننا سنحصل على هذه الأموال". واعتبر أنّ فشل المشرعين الأميركيين في الموافقة على تمويل جديد للمساعدات العسكرية لكييف سيكون "سخيفاً" و"غير أخلاقي"، مضيفاً: "سأكافح من أجل تزويدهم بالذخيرة التي يحتاجون إليها".
وحمّل بايدن السبت تقاعس المشرعين الأميركيين مسؤولية سيطرة روسيا على مدينة أفدييفكا في شرق أوكرانيا، بينما يعرقل الخلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس إقرار 60 مليار دولار من المساعدات العسكرية التي تحتاجها أوكرانيا بشدة.
واتصل بايدن بالرئيس زيلينسكي السبت "لتأكيد التزام الولايات المتحدة مواصلة دعم أوكرانيا"، بحسب بيان للبيت الأبيض.
وقال البيان إنّ الانسحاب الأوكراني من أفدييفكا جاء "بعد أن اضطر الجيش الأوكراني إلى تقنين استخدام الذخيرة بسبب تضاؤل الإمدادات نتيجة تقاعس الكونغرس، ما أدى إلى تحقيق روسيا أول مكاسب ملحوظة منذ أشهر".
وأكد بايدن "الدعم القوي من الحزبين في الحكومة الأميركية وفي أوساط الشعب الأميركي لسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها"، داعياً الكونغرس إلى تمرير مشروع قانون الإنفاق بشكل عاجل، بما في ذلك المساعدات المخصصة لأوكرانيا.
وكانت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون، قد قالت في وقت سابق: "الأوكرانيون يواصلون القتال بشجاعة، لكن الإمدادات لديهم توشك على النفاد"، مضيفة أن أوكرانيا بحاجة إلى ذخيرة مدفعية ومعدات حيوية أخرى.
من جهته، أعلن زيلينسكي مساء السبت أنه تحدث هاتفياً إلى بايدن وناقش معه الوضع على الجبهة، مؤكداً ثقته بأنّ الكونغرس الأميركي سيتخذ "قراراً حكيماً" بالإفراج عن المساعدات لكييف.
وكتب زيلينسكي على تطبيق تليغرام: "أنا مسرور بأنه يمكنني التعويل على الدعم الكامل للرئيس الأميركي. نثق أيضاً بالقرار الحكيم للكونغرس الأميركي".
وكان سقوط مدينة أفدييفكا الصناعية في منطقة دونباس شرقيّ أوكرانيا بمثابة انتصار مهمّ للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأفدييفكا، على الرغم من التدمير الواسع الذي لحق بها حتى الآن، كانت رمزاً لمقاومة أوكرانيا للغزو الروسي منذ عام 2014.
وجاءت تصريحات الدعم الأميركي في الوقت الذي تسعى فيه نائبة الرئيس كامالا هاريس، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، لطمأنة الحلفاء الغربيين في مؤتمر ميونخ للأمن بأن دعم واشنطن لجهود كييف الحربية في مواجهة الغزو الروسي سيستمر.
ومع جفاف التمويل الأميركي الحالي، كان حلفاء دونالد ترامب في مجلس النواب يعطلون المساعدات الحاسمة لأوكرانيا.
ويعارض ترامب، المرشح الجمهوري المحتمل في السباق الرئاسي في نوفمبر/ تشرين الثاني، مساعدة كييف، وقد استخدم نفوذه أخيراً لعرقلة تشريع لإصلاح قوانين الحدود كان سيسمح أيضاً بتقديم مساعدات إضافية لأوكرانيا.
وفي حديث في ميونخ، في وقت سابق السبت، إلى جانب زيلينسكي، قالت هاريس: "في ما يتعلق بدعمنا لأوكرانيا، يجب أن نكون ثابتين، ولا يمكننا ممارسة ألاعيب سياسية".
موسكو تعلن "السيطرة الكاملة" على أفدييفكا في شرق أوكرانيا
وكانت روسيا قد أكدت السبت "سيطرتها الكاملة" على أفدييفكا في شرق أوكرانيا، بعدما أعلنت كييف انسحاب قوّاتها منها "حفاظاً" على حياة أكبر عدد من جنوده، ما منح روسيا أكبر انتصار رمزي لها بعد فشل الهجوم المضاد الذي شنّته كييف الصيف الماضي.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنّ الوزير سيرغي شويغو أبلغ بوتين السبت في الكرملين السيطرة على هذه المدينة التي كانت "موقعاً دفاعياً قوياً للقوات المسلحة الأوكرانية"، في حين قال المتحدث باسم الرئاسة دميتري بيسكوف، إنّ "بوتين استمع في الكرملين إلى تقرير وزير الدفاع سيرغي شويغو عن السيطرة على أفدييفكا. هنأ الرئيس جنودنا ومقاتلينا بهذا الانتصار المهم".
وأوضح شويغو أنّ القوات الروسية سيطرت على 31.75 كلم مربعاً في أفدييفكا التي دُمِّر القسم الأكبر منها، وحيث أقام الجنود الأوكرانيون دفاعات قوية.
وأكد الوزير الروسي أنه رغم إعلان كييف سحب قواتها من المدينة، فإن "بضعة تشكيلات متفرقة" فقط تمكنت من القيام بذلك "تحت نيران متواصلة للقوات الروسية، تاركة أسلحة ومعدات عسكرية".
وأضاف أنّ القوات الروسية تقوم حالياً "بتطهير نهائي للمدينة" من الجنود الأوكرانيين و"قطع الطريق" أمام وحدات اوكرانية لجأت إلى مصنع في المدينة. ولفت شويغو أيضاً إلى أنّ السيطرة على أفدييفكا تتيح "إبعاد" المدفعية الأوكرانية من دونيتسك، معقل القوات الموالية لروسيا في شرق أوكرانيا منذ 2014 والتي كانت تتعرض لقصف متواصل.
واتخذ الجيش الأوكراني هذا القرار بعد أشهر من المعارك والخسائر والدمار والقتال الكثيف ضد القوات الروسية التي تحاول منذ أكتوبر/ تشرين الأول السيطرة على المدينة.
واضطرت أوكرانيا إلى التخلي عن مدينة أفدييفكا، مركز "القتال العنيف" في شرق البلاد، التي باتت مدمرة إلى حد كبير، في خضمّ نقص متزايد في الموارد، وتعثّر المساعدات العسكرية الأميركية، في حين عززت روسيا قواتها بمزيد من العناصر والذخيرة للسيطرة على أفدييفكا قبل أيام من الذكرى السنوية الثانية لبدء غزو أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط.
الصين تدعو إلى محادثات سلام مبكرة بخصوص أوكرانيا
إلى ذلك، ذكر بيان لوزارة الخارجية الصينية، اليوم الأحد، أن الوزير وانغ يي، قال إن بكين تعمل دون كلل من أجل دفع إجراء محادثات سلام بخصوص أوكرانيا، ودعا إلى استئناف المفاوضات في أقرب وقت ممكن.
وأضاف وانغ أن الصين لم تخلق الأزمة الأوكرانية، كذلك فإنها غير ضالعة بها، لكنها لم تقف مكتوفة الأيدي حيالها، ولم تستغلّ الأزمة لتحقيق مكاسب.
قتلى في هجمات على مدن في أوكرانيا
ميدانياً، قال مسؤولون أوكرانيون إن القوات الروسية قصفت وأطلقت صواريخ على سلسلة من المدن في شرق أوكرانيا أمس السبت، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل، وترك آخرين تحت أنقاض المباني المدمرة.
وتعرّضت مدينتان قريبتان من خط المواجهة في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا، هما كراماتورسك وسلوفيانسك، لإطلاق نار.
وقال مجلس مدينة كراماتورسك على "تليغرام" إنّ صاروخاً أصاب جزءاً من البلدة يستخدم للصناعة ومنازل، ما أدى إلى مقتل شخصين. ويعمل رجال الإنقاذ على تمشيط الأنقاض بحثاً عن شخص آخر يعتقد أنه محاصر تحتها.
وكانت كراماتورسك مسرحاً لبعض الهجمات الأكثر دموية في الحرب المستمرة منذ ما يقرب من عامين، بما في ذلك الهجوم الصاروخي على محطة قطار المدينة في إبريل/ نيسان 2022 الذي أدى إلى مقتل 63 شخصاً.
وقصفت قذائف روسية أمس السبت مدرسة في بلدة سلوفيانسك القريبة، فيما تبحث فرق الإنقاذ عن شخص واحد على الأقل محاصر تحت أكوام الحطام. وتحقق القوات الروسية تقدماً بطيئاً في تقدمها عبر منطقة دونيتسك، لكن المدينتين ستكونان أهدافاً مؤكدة لموسكو إذا حققت تقدماً أكبر على طول خط الجبهة الممتد لألف كيلومتر.
وقال حاكم منطقة خاركيف إنه إلى الشمال في بلدة كوبيانسك، التي كانت مسرحاً لهجمات روسية عنيفة منذ أشهر، قُتل شخص عندما أصابت قذائف روسية منزلاً من طابقين.
(رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)