- أوباما يستعد لدعم بايدن بقوة في الانتخابات المقبلة، مؤكدًا على أهمية دعمه في ظل التحديات الحالية مثل تراجع شعبية بايدن والانقسامات داخل الحزب الديمقراطي.
- أوباما وكلينتون دافعا عن سياسات بايدن، خاصة تجاه الشرق الأوسط، مؤكدين على أخلاقيات وحقائق سياساته في التعامل مع الصراع في غزة، مما يعزز من حملته الانتخابية.
رغم العلاقة المعقّدة بينهما، كما وُصفت مراراً في الإعلام الأميركي، وكذلك العدوان الإسرائيلي على غزة الذي سلّط الضوء مجدداً على مقاربة كل منهما التي تحمل اختلافات عدة للصراع العربي الإسرائيلي، إلا أن أمسية جمع التبرعات في مانهاتن بنيويورك، للرئيس جو بايدن، أول من أمس الخميس، والتي شهدت حضور الرئيس الأسبق باراك أوباما، فاقت بكثير توقعات نجاحها.
باراك أوباما ينخرط في حملة بايدن
ورغم حضور الرئيس الديمقراطي الأسبق أيضاً بيل كلينتون تلك الأمسية التي أقيمت في "راديو سيتي ميوزيك هول"، إلا أن باراك أوباما عاد ليخطف الأضواء من بايدن وكلينتون، إذ أكّدت كل المصادر التي تحدث معها الإعلام الأميركي بشأن الحدث أن الرئيس الأسبق الذي كان بايدن نائبه لـ8 أعوام يتحضر للانخراط جدياً في دعم نائبه السابق في انتخابات الرئاسة المقبلة، والتي ترجّح جميع استطلاعات الرأي أن تكون حامية ومتقاربة جداً بين بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب، الذي يقترب من نيل ترشيح الحزب الجمهوري رسمياً للرئاسة للمرة الثالثة. وبينما كان أسهل على أوباما، قبل 4 أعوام، حشد الدعم لانتخاب بايدن، حيث كان الأميركيون تحت وقع صدمة كورونا و4 سنوات من عهد ترامب، إلا أن الوضع اليوم أصعب، في ظلّ استمرار تهاوي بايدن شعبياً.
أوباما: بايدن أظهر اقتناعاً أخلاقياً ووضوحاً في التعامل مع حرب غزة
وبدأ أوباما يعدّ العدّة للمساهمة في حملة إعادة انتخاب بايدن. وقد تكون باكورة ذلك حضوره مع كلينتون إلى جانب بايدن في أمسية نيويورك، التي أعلن فيها جمع "مبلغ قياسي" يزيد عن 25 مليون دولار، وهو أكبر مما جمعه ترامب خلال فبراير/شباط الماضي كاملاً، بحسب حملة بايدن.
ويمنح هذا المبلغ، وقبله خطاب حال الاتحاد الذي ألقاه بايدن أمام الكونغرس في 8 مارس/ آذار الحالي، بعض الزخم لحملة الرئيس الفاترة، والتي يخيّم عليها ضعف أدائه في الاستطلاعات، والتململ الشعبي من كبر سنّه، وفقدانه الجاذبية السياسية التي كان يمتلكها كل من أوباما وكلينتون، فضلاً عن استمرار عدم الرضا الأميركي عن الوضع الاقتصادي، رغم أرقامه المشّجعة وتراجع البطالة. ويلعب الدعم الاستثنائي الذي يقدّمه بايدن لإسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وتغطيته لعدوانها على غزة الذي يرقى إلى حرب إبادة، دوراً إضافياً ورئيسياً، في تراجع شعبية الرئيس، وبات يشكّل خطراً على حملته.
هذا الوضع غير المريح، استدعى ربما تدخلاً مبكراً من أوباما وكلينتون في الحملة، فيما أكّدت مصادر لشبكة "سي أن أن" الأميركية أخيراً أن أوباما لن يبدأ فعلياً جولاته لدعم نائبه السابق قبل الخريف. وللتأكيد على عدم سلاسة الحملة الديمقراطية، كان لافتاً أول من أمس حجم الاعتراض داخل قاعة "راديو سيتي ميوزيك هول" على حرب غزة، وخارج القاعة التي شهدت تظاهرة حاشدة دعماً لفلسطين رافعة الأعلام الفلسطينية مرّ موكب بايدن وأوباما من أمامها.
حملة دفاع عن الرئيس الديمقراطي
ولم يكن أوباما على سجّيته خلال الأمسية، في الدفاع عن سياسة بايدن حول غزة، مقارنة بما كتب عن القضية أو تحدث بمفرده خلال الأشهر الماضية، علماً أن الاختلافات بين الرجلين تبقى تحت سقف الثوابت المتعلقة بدعم إسرائيل، فيما كان أوباما في عهده أكثر ميلاً لرفع الصوت بشأن عدم شرعية المستوطنات، وأكثر وضوحاً في اختلافه مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، لا سيما بعدما توصل أوباما إلى الاتفاق النووي مع إيران.
ورغم الطابع الترفيهي الذي غلب على أمسية نيويورك، مع كلفة التقاط صورة مع الرئيس وسلفيه وصلت إلى مائة ألف دولار، بحسب "آي بي سي" الإخبارية، إلا أن بيل كلينتون وباراك أوباما سجّلا تدخلين بارزين للدفاع عن بايدن، في مسألة غزة والاقتصاد.
فعلى وقع هتافات "عار عليك سيّد بايدن"، قدّم أوباما وكلينتون مقاربة لحرب غزة، شدّدت على "الحقائق السياسية" التي يفرضها أن تكون رئيساً في البيت الأبيض، إذ اعتبر أوباما أن الرئيس الحالي "أظهر اقتناعاً أخلاقياً ووضوحاً" في التعامل مع الحرب، مضيفاً أن بايدن "مستعد للاعتراف بأن العالم معقّد، وهو يبدي رغبة بالاستماع إلى كل الأطراف في هذا الصراع"، فيما قال كلينتون إن الصراع في الشرق الأوسط هو أحد الأسباب التي أدّت إلى فوز بايدن في 2020، في تذكير لمعارضي الحرب بأن سلف بايدن، ترامب، كان شغله الشاغل تعبيد الأرضية لتصفية القضية الفلسطينية.
كلينتون: صراع الشرق الأوسط أحد أسباب فوز بايدن في 2020
لكن ذلك قد لا يكون مقنعاً للكثيرين، لا سيما نظراً للانقسام الحاد داخل الحزب الديمقراطي بشأن تعاطي إدارة بايدن مع الصراع، وتراجع شعبية بايدن بحدّة في صفوف الشباب الأميركي والأميركيين من العرب والأقليات بسبب الحرب، وهي معضلة يبدو أنها ستلقى على عاتق أوباما لترميمها.
وكانت شبكة "سي أن أن" قد ذكرت، الأربعاء الماضي، أن أوباما زار البيت الأبيض الأسبوع الماضي والتقى بايدن، وقد نقلت عن أشخاص مطلعين أن الرئيس السابق "كان واضحاً أمام مساعديه خلال الأشهر الأخيرة، بأنه يعتقد أن المنافسة المرجّحة مجدداً بين ترامب وبايدن في نوفمبر ستكون متقاربة جداً، وأن انتخابات 2024 تفرض على الجميع أن يكونوا على المركب". ونقلت عنه قوله في لقاء آخر عبر الفيديو مع بايدن ورئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، إنه "لدينا الفرصة (كديمقراطيين) للعمل أكثر، فقط إذا بقي بايدن و(نائبته) كامالا هاريس في البيت الأبيض، لذا علينا الاستمرار بالعمل".
وبحسب المصادر، فإن بايدن وأوباما يتحادثان باستمرار، والرئيس السابق لا يزال على تواصل مع عدد من مسؤولي البيت الأبيض، كما أن أوباما حتى الآن مدّ يد العون بشكل غير منتظم لبايدن من خلال جمع التبرعات، ودافع عنه في أحاديث خاصة لتهدئة المتوجسين من سنّه، ويتوقع أن يكثّف أوباما انخراطه في الحملة بالخريف.
من جهتها، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، أول من أمس، أن حملة بايدن بدأت تعتمد أكثر على أوباما للدفع بعملية جمع التبرعات، وقد "جاء الرئيس الأسبق للبيت الأبيض العام الماضي للتعبير عن قلقه من وضع الحملة". وبحسب مسؤولين في إدارة بايدن، فإن جهود جمع التبرعات التي شهدت تدخلاً من أوباما تمكنت لوحدها من جمع 15.4 مليون دولار حتى الآن.
ويأتي ذلك رغم العلاقة "المعقدة" بين الرجلين، كما وصفها الإعلام الأميركي مرّات عدة. وكان موقع "أكسيوس" آخر من تطرق إلى ذلك في 18 مارس، حيث كتب أن بايدن "لا يتكلّم كثيراً مع أوباما، لكن خلف الأبواب يتحدث كثيراً عنه". ونقل تقرير للموقع عن مساعدين حاليين وسابقين لبايدن، أنه غالباً ما يقيس نفسه مقارنة بأوباما، لافتاً إلى أن "العلاقة معقّدة وهناك دائماً منافسة، من جانب بايدن". وأشار إلى أن "دينامية المنافسة هذه علّمت بايدن كيفية مقاربة عدد من المسائل منها أفغانستان وإسرائيل والكونغرس".
وقال الموقع إن بايدن تحدّث للمحقق الخاص روبرت هور، الذي حقّق في قضية سوء إدارة بايدن لبعض الملفات الحسّاسة، عن تجربته المريرة مع أوباما الذي رشّح هيلاري كلينتون في المنافسة الرئاسية عام 2016، وليس بايدن. وقال: "العديد من الناس كانوا يشجعونني في ذلك العام على الترشح، إلا الرئيس (أوباما)"، فيما اعتبر في أحاديث خاصة مع مساعديه، بحسب "أكسيوس"، أنه لو ترشح في 2016، فكان من الممكن أن يهزم ترامب.