يستعد المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي لتقديم إحاطة جديدة أمام أعضاء مجلس الأمن، اليوم الاثنين، حول مستجدات الوضع السياسي في ليبيا، ولا سيما ملف الانتخابات وقوانينها التي تجددت الخلافات حولها.
وتأتي إحاطة باتيلي بعد إعلان البعثة الأممية، الخميس الماضي، عن انتهائها من المراجعة الفنية الأولية لقوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تسلمتها بشكل رسمي من مجلس النواب الذي أصدرها الأسبوع قبل الماضي.
وأوضحت البعثة أنها لاحظت وجود قضايا خلافية من الضروري معالجتها وحلها سياسيا، وهي "النص على إلزامية جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية بغض النظر عن الأصوات التي يحصل عليها المرشحون"، و"النص على الربط بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ما يجعل انتخابات مجلس الأمة مرهونة بنجاح الانتخابات الرئاسية"، و"مسألة تشكيل حكومة موحدة لقيادة البلاد إلى الانتخابات وإغلاق صفحة الحكومات الموقتة".
وفي الوقت الذي رأت فيه البعثة أن هذه القوانين "تشكل أساساً لإجراء الانتخابات وتتطلب التزاماً بحسن نية من جميع الأطراف، وبالأخص القادة الرئيسيين"، إلا أنها أكدت على وجوب "معالجة القضايا الخلافية وحلها عبر تسوية سياسية لأنها تشكل دلالة أخرى على انعدام الثقة بين الفاعلين السياسيين والعسكريين والأمنيين في ليبيا".
ولفتت البعثة إلى أن القضايا الخلافية في القوانين الانتخابية "ذات طبيعة سياسية وتستلزم تسوية وطنية للسير بالبلاد إلى الانتخابات"، داعية "الأطراف الرئيسية إلى إبداء حسن النية والدخول في حوار بنّاء لمعالجة هذه القضايا التي طال أمدها بشكل نهائي وحاسم".
وختمت البعثة بيانها بدعوة "القادة السياسيين والفاعلين العسكريين والأمنيين ومنظمات المجتمع المدني والقيادات التقليدية إلى أن يتحلوا بالروح القيادية المسؤولة والخاضعة للمساءلة بما يمكن جميع الليبيين من ممارسة حقوقهم السياسية، ويؤدي إلى وضع حد للترتيبات الانتقالية من خلال انتخابات وطنية سلمية وشاملة للجميع".
وبالإضافة لما يعكسه بيان البعثة من تجدد الخلاف بين مجلسي النواب والمجلس الأعلى للدولة، إذ أبدى الأخير تمسكه بنسخة القوانين التي أصدرتها لجنة 6+6 المشتركة بين المجلسين في الثالث من يونيو/حزيران الماضي في مدينة بوزنيقة المغربية، ورفضه للنسخة المعدلة التي أصدرها مجلس النواب أخيرا، إلا أنه يشير إلى تزايد النقاط الخلافية، إذ إنه بالإضافة لسماح القوانين الانتخابية في نسختها المعدلة التي أصدرها مجلس النواب للعسكريين ومزدوجي الجنسية بالترشح للانتخابات، تحفظت البعثة على الربط بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية باعتبار الأخيرة كأن لم تكن إذا لم تجر الانتخابات الرئاسية، كما شددت على ضرورة تشكيل حكومة موحدة لقيادة البلاد نحو الانتخابات.
وجاء بيان البعثة بالتزامن مع مساع تجريها عواصم غربية لإحداث اختراق في جدار الانسداد السياسي، الذي عمقته عودة الخلافات بين الأطراف الليبية حول قوانين الانتخابات. وتتجه هذه المساعي إلى دعم مقترح أممي يقضي بطرح كل الخلافات السياسية بشأن القوانين الانتخابية على طاولة حوار جديدة تجمع القادة الأساسيين في المشهد، وفقا لما كشفت عنه مصادر ليبية متطابقة مقربة من مجلسي النواب والدولة لـ"العربي الجديد" في تصريحات سابقة.
وبحسب معلومات المصادر، فإن هذا النشاط الدبلوماسي الغربي يسعى لتمرير مقترح لإجراء حوار بين القادة الليبيين، يبدأ بلقاءات بين ممثلين عنهم، وصولاً إلى اجتماع القادة أنفسهم برعاية البعثة الأممية، بهدف تفكيك نقاط الخلافات في القوانين الانتخابية والوصول إلى شكل من التوافق حول إطار قانوني شامل يتضمن خريطة طريق للمرحلة المقبلة.
وحول مستجدات هذه المساعي، كشفت المصادر ذاتها في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن إحاطة باتيلي من غير المرجح أن تفصح عن تفاصيل جديدة حول خطته لجمع القادة الرئيسيين للحوار حول النقاط الخلافية في القوانين الانتخابية، مشيرة إلى أن الاتصالات الغربية لدعم خطة باتيلي مستمرة، دون أن تقدم تفاصيل جديدة أو تتلقى ردا بالقبول من جانب مجلسي النواب والدولة.
وسبق أن أعلن باتيلي مرات عديدة عن رغبته بإطلاق مسار تفاوضي شامل لتجاوز العقبات التي تعترض إجراء الانتخابات، بالانطلاق من القوانين الانتخابية وجعلها قابلة للتنفيذ، إلا أن الدعوة لم تلق ترحيباً من جانب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، الذي أكد أخيراً إصراره على المضي قدماً في دعم إجراء الانتخابات وفقاً للنسخة المعدلة من القوانين الانتخابية التي أصدرها مجلس النواب الأربعاء الماضي.