باتيلي: الحفاظ على استقرار ليبيا أكثر أهمية بسبب الاضطرابات الإقليمية

22 اغسطس 2023
باتيلي يتحدث عن عمله من أجل عقد مفاوضات بين القادة الليبيين الرئيسيين (منصة إكس)
+ الخط -

قال المبعوث الأممي لليبيا، عبد الله باتيلي، اليوم الثلاثاء، إن الحفاظ على استقرار ليبيا أصبح "أكثر أهمية الآن من أي وقتٍ مضى في ضوء الاشتباكات الأخيرة التي حدثت في طرابلس والاضطرابات الإقليمية التي تعصف بالسودان والنيجر والمعارك التي دارت رحاها في إقليم تيبستي جنوباً قبل أيام قليلة بين الجيش التشادي وعناصر مسلحة".

وشدد باتيلي، خلال إحاطة دورية له أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك حول الوضع في ليبيا، على أنّ الأحداث الأخيرة تظهر أنّ الترتيبات المؤقتة "لا تحمي من مخاطر العنف، ومن الأساس لاستعادة استقرار ليبيا، الحفاظ على الأمن الإقليمي"، محذراً من استمرار تدهور الوضع إن لم يتم التوصل لاتفاق سياسي "يمهد الطريق لانتخابات سلمية وشفافة في كل أنحاء ليبيا". وقال إن "الشعب الليبي يرغب بإنهاء الترتيبات المؤقتة ويريد انتخاب قيادة شرعية للبلاد".

وفيما شدد على ضرورة إخضاع المجموعات المسلحة التي تمارس العنف للمساءلة، ناشد باتيلي جميع القادة الليبيين وضع حد للترتيبات المؤقتة والمفتوحة والاستجابة لطموح الشعب الليبي، وعقد انتخابات وتحقيق السلام والرخاء. وطالب الدول الأعضاء في مجلس الأمن بتقديم الدعم واستخدام نفوذهم وتأثيرهم، للتأكد من الالتزام الكامل للقادة الليبيين بالمفاوضات المطلوبة للتوصل لاستقرار ليبيا.

وتوقف باتيلي خلال إحاطته عند تواصله مع جميع الأطراف الليبية مؤكداً أنّ ذلك جاء لتحقيق عدد من الأهداف، أبرزها إقناع مجلس النواب لليبي والمجلس الأعلى للدولة بالنظر في المقترحات المقدمة من اللجنة الوطنية العليا للانتخابات والأطراف الليبية الأخرى وبعثة الأمم المتحدة من أجل التعامل مع الثغرات القانونية والتقنية الموجودة في مشاريع القوانين الانتخابية التي حضرتها لجنة 6+6 المكونة من أعضاء المجلسين. وتطرق لاستدامة الحوار بين الأطراف العسكرية والأمنية من أجل خلق مناخ أمني ملائم يسمح بالتقدم على مسار الانتخابات وتثبيت الاستقرار المستدام في البلاد.

وأشار المبعوث الأممي إلى مشاوراته مع ليبيين كذلك من قادة المجتمعات المحلية والمنظمات غير الحكومية والأحزاب السياسية والشباب والنساء والمنظمات المهنية، لافتاً كذلك إلى استمرار زيارته لعدد من المناطق في ليبيا.

وتحدث أيضاً عن مشاورات مكثفة مع عدد من القيادات والجهات الليبية وتقديمها كذلك ملاحظاتها المتعلقة بالانتخابات. وقال إنّ "رئيس المجلس الرئاسي (محمد المنفي) أخبرني بنيته عقد اجتماع لقادة المجلسين (النواب والأعلى) من أجل تنقيح مشاريع القوانين الانتخابية على ضوء التعليقات التي قدمت من أصحاب المصلحة الرئيسين". وحث جميع الأطراف على استئناف العمل لإنهاء القوانين الانتخابية "كي تكون قابلة للتنفيذ وتحديد جدول زمني معقول لعقد الانتخابات".

وحول تيسير تسوية المسائل السياسية المختلف عليها بين الليبيين، تحدث عن عمله من أجل عقد مفاوضات بين القادة الليبيين الرئيسيين، بتيسير من بعثة الأمم المتحدة وبالتنسيق مع المنفي وتحت قيادة ليبيا. وتحدث عن وجود خطوات فعلية في هذا الاتجاه على الرغم من المعارضة التي تواجهها خطوة من هذا القبيل من بعض الأطراف، "التي تريد إبقاء الوضع على ما هو عليه".

بوليانسكي: تدخل حلف الأطلسي دمر ليبيا

من جهته، رحّب مندوب السفير الروسي للأمم المتحدة، ديمتري بوليانسكي، بإحراز تقدّم على عدد من الأصعدة بعدما أشار إلى عدم الاستقرار الذي تشهده ليبيا منذ سنوات على أثر "تدخل دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) وتدميرها وتدمير اقتصادها".

ولفت إلى أن البلاد منقسمة أكثر من ذي قبل بسبب التدخلات الخارجية وخلافات داخلية، مستدركاً بالإشارة إلى أن بعض الجهود الرامية لتحقيق تقدم تؤتي ثمارها. ورحّب في هذا السياق "بقرار الليبيين بشأن إنشاء لجنة عليا للترتيبات المالية، وتوحيد البنك المركزي الذي كان يعمل بانقسام منذ 2014".

وعبّر بوليانسكي عن أمله في أن يؤدي توحيد عمل المؤسسات المسؤولة عن إيرادات النفط إلى تقدم سياسي كذلك. وشدد على أنّ التجربة بليبيا تظهر أنّ أي مبادرة منفصلة لا تشمل كل الأطراف المعنية لن تحقق النتيجة المرجوة.

غرينفيلد: "فاغنر" لم تخفِ تجاهلها لوحدة أراضي ليبيا

أما المندوبة الأميركية بالأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، فأعربت عن قلق بلادها من موجة العنف الأخيرة التي شهدتها ليبيا، وأدانت الاقتتال الذي دار في طرابلس، الأسبوع الماضي. وشددت كذلك على دعم جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة المتعلقة بعقد الانتخابات ومساعيه الأخيرة ذات الصلة.

وفيما شجعت "كل الأطراف الخارجية على احترام رغبة الشعب الليبي لرسم مساره"، عبرت غرينفيلد عن استعداد بلادها لدعم "تشكيل حكومة تصريف أعمال مهمتها قيادة البلاد حتى إجراء انتخابات نزيهة وعادلة. ورأت أن "توحيد البنك المركزي مشجع تماماً، ومن المشجع كذلك إنشاء اللجنة المالية العليا، ستكفل هذه الجهود عدم سيطرة طرف واحد وبشكل حصري على الإنفاق العام".

ورحبت الدبلوماسية الأميركية بجهود اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) لسحب المقاتلين الأجانب والمرتزقة. ثم توقفت عند مجموعة "فاغنر" الروسية. وقالت: "الدول التي تنتشر فاغنر داخل حدودها تجد نفسها أضعف أمناً وحدودها سهلة الاختراق وشهدنا هذا في مالي وبوركينا فاسو والسودان والنيجر".

وتابعت: "لم تخف قيادة فاغنر طموحها للحصول على موطئ قدم إضافي في أفريقيا، وتجاهلها لوحدة أراضي ليبيا".

السني: المشكلة سياسية

بدوره، قال مندوب ليبيا لدى لأمم المتحدة، طاهر السني، إن الوضع السياسي الراهن "لا يتحمل الدخول في مسارات وحوارات جديدة تطيل المراحل الانتقالية"، معتبراً أن الحل يكمن "في التحلي بإرادة قوية وصادقة من كل الأطراف لتجاوز أزمة الثقة".

وشدد على ضرورة أن تكون القيادة للمسار ليبية وتقود لإجراء انتخابات وطنية وفق قوانين عادلة ونزيهة. وجدد طلبه بدعم الجهود الوطنية "وعدم السماح للمعرقلين، سواء في الداخل أو الخارج، بسلب حق الشعب الليبي في الحفاظ على الاستقرار الذي تحقق خلال العامين الماضيين بعد سلسلة من الحروب الدامية ... وأن يصبح التداول السلمي واقعاً ويعيشه الليبيون".

وتحدث السني عن حالة من الاستقرار الاقتصادي والمعيشي، على الرغم من التحديات، وتمكن حكومة الوحدة الوطنية من "حلحلة ملفات أساسية مرتبطة بالحياة اليومية للمواطنين مثل ملف الطاقة والكهرباء والحفاظ على استمرار إنتاج النفط ورفع مستوياته." وفي الوقت ذاته، أشار إلى زيادة التوترات بين الأطراف الفاعلة بسبب المماطلة وعدم التوصل لاتفاقات سياسية.

وتحدث عن وجود مشكلة سياسية وضرورة الإسراع بقوانين عادلة يمكن من خلالها إجراء الانتخابات والاستجابة لطموحات الليبيين للوصول إلى الاستقرار وبناء مؤسسات الدولة واحتكار الدولة للقوة والسلاح، مشدداً على ضرورة إجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن.

دعم الدبيبة

وأعرب رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، عن دعمه جهود "التوحيد" التي تحدث عنها باتيلي، في كافة المؤسسات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية. 

وأكد الدبيبة، في منشور على حسابه في "فيسبوك"، الثلاثاء، أن دعمه هذا يأتي "بالتوازي مع اتجاهنا نحو تحقيق رغبة الشعب في تجديد شرعية كافة الأجسام عبر صندوق الانتخاب"، مؤكداً دعمه لتأكيد باتيلي على "أهمية الحفاظ على الاستقرار للوصول للانتخابات"، وإشارته إلى "التأثير السلبي لمحاولات الانقسام في المضي نحو ذلك الهدف". 

وختم الدبيبة بقوله "فلنمض جميعاً نحو تحقيق إرادة الليبيين في إنهاء المراحل الانتقالية، وإعادة الأمانة للشعب عبر إنجاز الاستحقاق الانتخابي". 

المساهمون