انفجارات أصفهان: هل سترد إيران؟ وبأي طريقة؟

انفجارات أصفهان: هل سترد إيران؟ وبأي طريقة؟

19 ابريل 2024
مناورة عسكرية في أصفهان في 28 أكتوبر الماضي (رويترز)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في الفجر الأولى ليوم الجمعة، شهدت إيران انفجارات في تبريز وأصفهان، وسط تكهنات بشأن هجوم إسرائيلي، بينما تنفي إيران تعرضها لهجوم أجنبي، معتبرة الحادث تصدياً لأجسام طائرة مشبوهة.
- الروايات الرسمية متضاربة؛ إيران تصف الحادث بأنه عملية نفسية وتقلل من أهميته، فيما تشير تقارير إسرائيلية إلى هجوم "محدود للغاية"، والخبراء يرون في الحادث محاولة للحفاظ على مستوى الردع دون التصعيد.
- التقييم النهائي للحادث قد يحدد طبيعة الرد الإيراني، مع توقعات بأن ينتهي الأمر دون تصعيد كبير، وسط إمكانية اعتبار الحادث "صفقة" لتجنب التوترات العسكرية المتزايدة في المنطقة.

تقديرات بأن إسرائيل ودولا غربية تضخم الحادث لتسويقه كرد على إيران

التقليل من شأن الحادث في إيران مرده أنه ليس هناك توجه للرد غالباً

يمكن القول إن "هذه الجولة قد انتهت" بين الطرفين

على وقع تهديدات إسرائيلية مستمرة، سُمع دوي انفجارات في مناطق إيرانية في تبريز غربي البلاد وفي أصفهان وسطها، فجر اليوم الجمعة، لتتجه الأنظار سريعاً نحو احتمال شنّ الاحتلال الإسرائيلي هجوماً داخل إيران، غير أن الرواية الإيرانية حتى الآن تعزو الانفجارات إلى تصدي الدفاعات الجوية الإيرانية لـ"أجسام طائرة مشبوهة"، مع نفي تعرض البلاد لـ"أي هجوم أجنبي".

من جهتها، تشير وسائل إعلام إسرائيلية إلى شنّ إسرائيل هجوماً "محدوداً للغاية"، قيل إنه استهدف مواقع في محافظة أصفهان التي تحتضن منشآت نووية وعسكرية حساسة، كما أن مسؤولين إسرائيليين لمّحوا إلى وقوع هجوم إسرائيلي محدود، في مقدمِهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي وصفه بأنه "مسخرة". ولم تكشف السلطات الإيرانية بعد مصدر تلك الأجسام الطائرة "المشبوهة"، وطبيعتها، ونوعها، وما إذا كانت قد دخلت أجواء البلاد من خارجها، أو أنها بحسب ما قاله القيادي السابق في الحرس الثوري الإيراني حسين كنعاني مقدم لـ"العربي الجديد" في وقت سابق من اليوم الجمعة، قد انطلقت من الداخل من قبل "مجموعات مرتبطة بإسرائيل".

وتقلّل السلطات العسكرية الإيرانية من أهمية الحادث، وتتعامل معه على أنه "حادث أمني وليس هجوماً مباشراً"، إذ اعتبر قائد مقر "سيد الشهداء" التابع للحرس الثوري الإيراني، الجنرال جواد استكي، أن ما حصل "عملية نفسية" إسرائيلية للتعويض عن تعرضها لـ"تحقير" من جراء الهجمات الإيرانية ليل السبت - الأحد الماضي.

وفي السياق، يقول أستاذ الدراسات الإسرائيلية والفلسطينية في جامعة طهران، هادي برهاني، لـ"العربي الجديد"، إنه بحسب المعلومات المتوفرة حالياً، لم تُسجَّل من جراء حادث أصفهان "أي خسائر في الأرواح والممتلكات"، مشيراً إلى عدم وجود ما يثبت تعرض الأراضي الإيرانية لهجوم. ويضيف برهاني في الوقت ذاته، أن ثمة شواهد عن اقتراب "مسيّرات معتدية من قاعدة جوية إيرانية (في أصفهان) وتصدي الدفاع الجوي لها"، قائلاً إن مصادر إسرائيلية وغربية تسعى إلى تضخيم الحادث، واعتبار ما حصل "هجوماً واسعاً" على قاعدة إيرانية لتسويقه على أنه ردّ على الهجمات "الواسعة وغير المسبوقة" التي نفذتها إيران ليل السبت - الأحد.

وبحسب الخبير الإيراني، فإن "التضخيم" مرده إلى محاولة إسرائيلية لتسويق فكرة أنها قد "ردت على الهجمات الإيرانية وأنها لن تبقى مكتوفة اليد"، مشيراً إلى أن طهران يمكنها أن "تتجاهل ما حصل" إذا كان الهجوم الإسرائيلي فعلاً بهذا المستوى من خلال إطلاق ثلاث مسيّرات أو كواد كابترات إلى أجواء إيران، وأنه تم إسقاطها "لأن مصدر المسيّرات غير واضح ما إذا كان من إسرائيل أو داخل إيران". ويمضي برهاني قائلاً إن كل طرف يتمسك بروايته، ما من شأنه أن "يشكل مخرجاً للخروج بشكل محترم من هذه الظروف المكلفة للطرفين".

إلى ذلك، يؤكد الخبير العسكري الإيراني مرتضى موسوي، أن الرد الإيراني يتوقف على ما ستخلص إليه التقديرات الإيرانية حتى مساء اليوم الجمعة عن طبيعة ما حصل، وما إذا كان ناتجاً عن هجوم صاروخي مباشر أو إطلاق مسيّرات صغيرة. ويضيف في حديثه إلى "العربي الجديد" أن ما ستخلص إليه نهائياً السلطات الإيرانية سيحدد طبيعة ردها، قائلاً إنه إذا تأكدت السلطات أن إسرائيل نفذت هجوماً مباشراً، فطهران "سترد بلا محالة حسب المعادلة التي رسختها أخيراً، وبالتالي يمكن أن نرى ذلك خلال الساعات المقبلة". لكن إذا كانت نتيجة التقييم أن الحادث كان مجرد إطلاق مسيّرات صغيرة، فالرد "سيكون بنفس المستوى ومن جغرافية أخرى".

بدوره، يرى الخبير الإيراني صلاح الدين خديو في حديث إلى "العربي الجديد"، إنه "على الرغم من أن أبعاد الحادث لا تزال مجهولة، لكن يبدو أننا أمام هجوم محدود للغاية، بغض النظر عن طبيعته"، قائلاً إن ردود الفعل الإيرانية تجاه الحادث، والسعي إلى عدم تضخيم الموضوع والتقليل من شأنه، مردها إلى أنه على الأغلب ليس هناك توجه للرد، كما أن سلوك الجانب الإسرائيلي أيضاً يشي بعدم وجود رغبة في استفزاز طهران بطريقة تستقطب ردها.

ويخلص خديو إلى أنه يمكن القول إن "هذه الجولة قد انتهت" بين الطرفين، متوقعاً أن ينتهي الأمر عند هذا الحدّ، وأن ينخفض منسوب التوترات العسكرية المتزايدة أخيراً، والتي كادت أن تؤدي إلى مواجهة شاملة في الشرق الأوسط. ويرى الخبير الإيراني أنه لو افترض أن الحادث ناتج عن هجوم إسرائيلي "ضعيف"، فيمكن اعتبار ذلك "مساومة أو صفقة" بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن الذي حث تل أبيب على عدم الرد لخفض فتيلة التصعيد في المنطقة، عازياً عدم تنفيذ إسرائيل تهديداتها بتنفيذ هجوم معلن وواسع على إيران إلى مشاكل تواجهها في الداخل، فضلاً عن ضغوط أميركية وغربية.

ولا يستبعد خديو لجوء إسرائيل إلى "أعمال تخريبية" داخل إيران في الفترة المقبلة، مؤكداً أنه لو اعتبرنا ما حصل في أصفهان "نهاية لهذه الجولة، فيمكن القول إن إيران قد نجحت في إحياء مستوى من الردع" في مواجهة إسرائيل.

المساهمون