يشهد المغرب، اليوم الإثنين، انطلاق النسخة 19 من مناورات "الأسد الأفريقي"، التي تعد أكبر تمرين عسكري في أفريقيا، بمشاركة نحو 6 آلاف جندي من 20 بلداً من القارة وخارجها و27 بلدا ملاحظا، في ظل تحديات أمنية عدة تواجه المنطقة جراء استمرار التوتر بين الرباط والجزائر والتهديدات الإرهابية المتزايدة والتنافس بين القوى الدولية حول مراكز النفوذ.
وستشمل مناورات "الأسد الأفريقي" بين الجيشين المغربي والأميركي، للمرة الثالثة على التوالي، منطقة "المحبس" في الصحراء وعلى خط التماس عند الحدود مع الجزائر، وذلك بعد نحو 12 يوماً من تنظيم الجيش الجزائري مناورات بالمنطقة العسكرية الثالثة والقطاع العملياتي الجنوبي، المعروفين بوجودهما ببشار وتندوف، المتاخمتين للحدود المغربية الشرقية، في إشارة واضحة إلى استمرار التوتر بين البلدين الجارين، إذ اتخذ خلال السنتين الأخيرتين صبغة التنافس على إجراء المناورات والتدريبات العسكرية في المناطق الحدودية.
وفضلاً عن منطقة المحبس بالصحراء سيجري تمرين "الأسد الأفريقي 23"، الذي يعد من أهم التدريبات المشتركة في العالم، في جهات: آكادير وطانطان وتزنيت والقنيطرة وبنجرير وتفنيت.
وكان بيان صادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية المغربية، في إبريل/نيسان الماضي، قد كشف أنه فضلا عن التكوينات المتعلقة بالكثير من المجالات العملياتية، من المقرر إجراء مناورات مسلحة متعددة ومشتركة، خصوصا (للقوات) البرية، والمحمولة جوا، والبحرية، والقوات الخاصة والجوية، وكذا العمليات المدنية - العسكرية، وتلك المتعلقة بإزالة التلوث النووي والإشعاعي والبيولوجي والكيميائي.
وانطلقت أول نسخة من مناورات "الأسد الأفريقي" بين المغرب والولايات المتحدة عام 2007، حيث تشارك فيها دول أوروبية وأفريقية، وهي تجرى سنويا، لكن أقيمت أحيانا أكثر من نسخة في العام الواحد.
وتعد مناورات هذه السنة التي تستمر إلى 16 يونيو/حزيران المقبل، منعطفا هاما في مجال التعاون العسكري بين الرباط وواشنطن، خاصة منذ توقيع البلدين، في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2020، على خريطة طريق تتعلق بمجال الدفاع العسكري لعشر سنوات، وتتمحور حول تأكيد الأهداف المهنية المشتركة، لا سيما تحسين درجة الاستعداد العسكري، وتعزيز الكفاءات، وتطوير قابلية التشغيل البيني للقوات، في حين يقترح الجانب المغربي تعزيز التعاون، من خلال النهوض بمشاريع مشتركة للاستثمار بالمغرب في قطاع صناعة الدفاع.
استراتيجية أميركية "مترسخة"
في السياق، اعتبر الخبير المغربي في الشؤون العسكرية، محمد شقير، أن مناورات "الأسد الافريقي" في نسختها 19" تندرج ضمن استراتيجية أميركية مترسخة جعلت من المغرب شريكا استراتيجيا في المنطقة الأفريقية ومواجهة التحديات الجيوستراتيجية للنفوذ الأميركي.
ورأى شقير في حديث مع "العربي الجديد"، أن تنظيم هذه المناورات يتم في ظل وضع جيو إقليمي يتميز بالأساس بانسحاب عسكري فرنسي من منطقة الساحل في الوقت الذي يتعزز فيه التواجد الروسي في هذه المنطقة، وعلى ضوء تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية التي تتزعم الولايات المتحدة إدارة توجيهها من خلال الدعم العسكري والسياسي لكييف.
ولفت إلى أن المناورات تأتي تحسبا لاحتواء تمدد أنشطة الحركات المتطرفة، خاصة في دول الساحل وكذا دولة نيجيريا التي تعرف هجمات هذه الحركات، موضحا أن ما يزيد من خطر هذه التنظيمات فضلا عن انتشار السلاح بالمنطقة بعد انهيار نظام معمر القذافي، الحرب الدائرة بالسودان وتداعياتها على استقرار المنطقة.
وقال إن التهديدات الإرهابية تعطي للمناورات أهميتها الاستراتيجية بتنظيمها بالمغرب بالموازنة مع تنظيم تدريبات عسكرية مواكبة بكل من تونس والسنغال وغانا.