وذكرت المصادر أنّ الجولة الأخيرة "فشلت فشلاً ذريعاً"، في ظلّ مجموعة من "اللاءات" الجديدة القديمة التي وضعتها حركة "فتح"، ورفض حركة "حماس" العودة إلى تنفيذ اتفاقية 12 أكتوبر/ تشرين الأوّل 2017 والتي وقعت في ظروف كانت الحركة تريد منها دفع العجلة للأمام وبقوة، لكنها فشلت في "استدراج" الرئيس محمود عباس لتقديم تنازلات مقابل تنازلاتها.
وأوضحت المصادر أنّ اتفاقية "التمكين" في 2017 لم تعد مقبولة لدى حركة "حماس"، لأن الحركة وقعتها في ظروف وبتفاصيل مختلفة عن الواقع، وكانت "مبادرة" منها لدفع عجلة المصالحة للأمام، وكان يفترض أنّ تقنع مصر الرئاسة الفلسطينية بتقديم تنازلات مقابل ما قدمته "حماس"، لكن الاستخبارات المصرية فشلت في ذلك.
وفي حينه، حلّت حركة "حماس" لجنتها الإدارية التي تدير العمل الحكومي في القطاع، وكان يفترض أن يقابل ذلك رفع العقوبات التي وضعتها السلطة على موظفيها، لكن ذلك لم يتم. وتتهم السلطة "حماس" باستمرار عمل لجنتها الإدارية وعدم تمكينها من العمل في الوزارات والمؤسسات الحكومية. وقالت المصادر إنّ "الأخطر" على المصالحة ومصيرها متعلّق بما وصل إلى جهات فلسطينية متعددة في الأيام الماضية، عن نية السلطة الفلسطينية إضافة عقوبات قاسية وإجراءات جديدة على القطاع، والضغط على إسرائيل لعدم إدخال أموال المنحة القطرية الثانية إلى موظفي غزة المدنيين.
ويتعزز ذلك كله، مع سيل التراشق الإعلامي الذي برز في الأيام الأخيرة، والذي افتتحه مسؤول ملف المصالحة في "فتح"، عزام الأحمد، عبر شاشة التلفزيون الفلسطيني الرسمي. وعقب ذلك ردت "حماس" على الهجوم بتأكيد عدم جدية "فتح" والسلطة في المضي بالمصالحة للأمام. وأشارت المصادر إلى أنّ السلطة تعمل على اقتصار ملف المصالحة على تمكينها وإعادة سيطرتها على قطاع غزة، ولا تريد الذهاب إلى إصلاح "منظمة التحرير" ولا الانتخابات في الوقت الحالي، موضحةً أنّ ذلك تقابله "حماس" وفصائل أخرى بالرفض، ويريدون تطبيقاً شاملاً لاتفاق 2011، الذي نصّ على تفعيل ملفات المصالحة والوضع الفلسطيني الداخلي كلها، بما فيها إنهاء الانقسام واتمام المصالحة والذهاب إلى إصلاح حقيقي وترتيب البيت الداخلي و"منظمة التحرير"، ومن ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة والذهاب إلى انتخابات عامة للمجلس التشريعي والمجلس الوطني والرئاسة.
وعلى حسابه في "تويتر"، أكّد عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، موسى أبو مزوق، أنّ اتفاقية 2017 "مجرد" آليات لتطبيق اتفاقية المصالحة (الموقعة في) 2011.
وذكر أبو مرزوق الذي هاجمه الأحمد شخصياً في حواره مع تلفزيون "فلسطين"، أنّه إذا لم تنجح هذه الآليات "فلنبحث عن آليات جديدة لإنجاح اتفاقية 2011، فهي الأساس الذي يجب أن ننطلق من خلاله لتحقيق الوحدة الوطنية والمصالحة المجتمعية وأمننا الوطني وإعادة ترتيب منظمة التحرير الفلسطينية لتشمل الكل الوطني".
وبدأت مصر في دعوة فصائل فلسطينية أخرى لزيارة القاهرة من أجل بحث الملفات العالقة، ومنها المصالحة والتهدئة. لكن فرص الوصول إلى توافق فلسطيني على التهدئة، مع استثناء حركة "فتح" من الأمر، تبدو الأقرب، في ظلّ تنافر طرفي الانقسام الفلسطيني وعدم رغبتهما في التقدّم بملف المصالحة، ووضع العراقيل في طريقها.
ويبدو أنّ مصر كذلك، غير قادرة على القيام بعملية ضغط حقيقية على الطرفين للوصول لتفاهمات بإعادة المصالحة إلى سكتها الصحيحة. ورغم رغبتها العلنية بإعادة السلطة إلى القطاع من بوابة المصالحة، إلا أنّ القاهرة لا تستطيع الضغط على السلطة ولم تنجح في ذلك، خصوصاً في ملف رفع العقوبات المفروضة على غزة، والتي وضعتها "حماس" كشرط للبدء في أي حوار مقبل.