تمهلت السعودية، التي يحتمل أن تخسر أكثر من أي دولة عربية أخرى من فوز جو بايدن في الانتخابات الأميركية، في التعليق بعد هزيمة دونالد ترامب الذي حظي بدعم الرياض لسياساته في الشرق الأوسط ومعارضته الشديدة لإيران.
ففي الوقت الذي سارعت فيه دول عربية أخرى لتهنئة المنافس الديمقراطي، لزم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الصمت في ما يتعلق بالانتخابات الأميركية لساعات، رغم أنه هنأ الرئيس التنزاني بمناسبة إعادة انتخابه.
وشكلت العلاقات الشخصية الوثيقة، التي ربطت ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بترامب، حائلا مهما في مواجهة موجة من الانتقادات الدولية لسجل الرياض في ما يتعلق بحقوق الإنسان، أطلق شرارتها مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي ودور الرياض في حرب اليمن واعتقال ناشطات سعوديات.
وربما تصبح هذه النقاط الآن موضع احتكاك بين بايدن والسعودية التي تعد من أبرز مصدري النفط ومن كبار مشتري السلاح الأميركي.
كان بايدن، نائب الرئيس الأميركي السابق، تعهد في حملته الانتخابية بإعادة تقييم العلاقات مع المملكة، وبالمطالبة بقدر أكبر من محاسبة المسؤولين عن مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول، ودعا إلى وضع حد للدعم الأميركي لحرب اليمن.
ونشرت سعودية باسم الدكتورة منى تغريدة على "تويتر" قالت فيها "الشيء الوحيد الأسوأ من كوفيد-19 سيكون بايدن-20".
وتجاهل عدد كبير من السعوديين المستخدمين لمنصة التواصل الاجتماعي نتيجة الانتخابات لساعات بعد أن أعلنت شبكات التلفزيون الأميركية فوز بايدن.
وهوّن مصدر سياسي سعودي من خطر حدوث شقاق بين المملكة والولايات المتحدة، مشيرا إلى العلاقات التاريخية التي تربط الرياض بواشنطن.
وقالت صحيفة عكاظ في مقال بصفحتها الأولى إن المنطقة تنتظر وتتأهب لما سيحدث بعد انتصار بايدن في الانتخابات. وربما لا تضطر المملكة للانتظار طويلا. فقد قال نيل كويليام، الزميل الباحث في تشاتام هاوس ببريطانيا، إن إدارة بايدن ستسعى على الأرجح لإبداء عدم رضاها مبكرا عن السياسات الداخلية والخارجية السعودية.
وقال "القيادة السعودية يقلقها أن تجري إدارة بايدن والكونغرس المعادي لها مراجعة كاملة للعلاقات، بما في ذلك إعادة تقييم العلاقات الدفاعية، ومن ثم ستسعى على الأرجح لإطلاق إشارات وخطوات إيجابية باتجاه إنهاء حرب اليمن".
وكانت السعودية من أشد أنصار سياسة "الضغوط القصوى" التي اتبعها ترامب تجاه إيران، خصم المملكة الإقليمي، وفرض عقوبات قاسية عليها. غير أن بايدن قال إنه سيعود إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين القوى العالمية وطهران، الذي تم التفاوض عليه في الفترة التي كان بايدن يشغل فيها منصب نائب الرئيس في إدارة باراك أوباما.
وقال عامل الخزينة في سوبر ماركت بالرياض اسمه أبو زيد إنه يأمل أن ينهج بايدن نهجا مختلفا. وأضاف أنه غير راض عن فوز بايدن لكنه يأمل أن يتعلم من أخطاء أوباما ويدرك أن إيران عدو مشترك.
وقال مصدر سياسي سعودي إن "لدى المملكة القدرة على التعامل مع أي رئيس، وفق العمل المؤسسي الذي تقوم عليه العلاقات الدولية، وهو ما تؤكده المملكة على الدوام".
وأضاف "الولايات المتحدة دولة مؤسسات لذا تعمل المملكة وفق هذه الرؤية، ما يعني أن التغيير في الرئاسة لا يمكن أن يؤثر على العلاقة الاستراتيجية بين البلدين".
وتابع "تتصف العلاقات السعودية الأميركية بالعمق والاستدامة، فهي علاقات استراتيجية لا يمكنها التحول لمجرد تغير الرئيس، وهذا ما تؤكده الفترات الرئاسية خلال العقود الماضية".
وكان الأمير محمد قد نفى أنه أصدر الأمر بقتل خاشقجي، لكنه سلم في 2019 بأنه يتحمل بعض المسؤولية الشخصية لأن الجريمة وقعت وهو في موقع المسؤولية. وأصدرت الرياض أحكاما بالسجن مددا بين سبعة أعوام و20 عاما على ثمانية متهمين في القضية.
(رويترز)