أكد التقرير النهائي لنتائج مراقبة الانتخابات النيابة لمجلس النواب الأردني التاسع عشر، الذي أطلقه "المركز الوطني الأردني لحقوق الإنسان" (جهة رسمية)، اليوم الإثنين، رصد وتوثيق انتهاكات ومخالفات رافقت العملية الانتخابية، بلغ بعضها حدّاً يعيب العملية الانتخابية برمتها.
وقال رئيس مجلس أمناء "المركز الوطني لحقوق الإنسان" رحيل غرايبة، خلال مؤتمر صحافي عقده المركز اليوم، إنّ "من حق الشعب الأردني أن يحظى بانتخابات عامة صادقة، من دون وصاية من أي جهة".
من جهته، أوضح المفوض العام لحقوق الإنسان علاء العرموطي، أنّ المركز تلقى شكاوى من مرشحين للانتخابات قالوا إنهم تعرضوا لضغوط لثنيهم عن الترشح أو الانسحاب، و"بالمتابعة والتحقق تشكلت لدى المركز قناعة بصحة هذه الادعاءات".
وخلص التقرير حول الانتخابات التي جرت في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إلى أنّ "ما تم رصده وتوثيقه من انتهاكات ومخالفات رافقت العملية الانتخابية -خاصة خلال فترة الترشح والاقتراع -قد بلغ بعضها من الجسامة حداً يعيب العملية الانتخابية برمتها، حيث شهدت الأيام التي سبقت عملية تسجيل المرشحين، انتخابات عشائرية خارج الأطر القانونية لإحداث توافقات وإفراز مرشحين تحت مرأى ومسمع الجهات المعنية والحكام الإداريين، وقد شكلت جميعها خرقاً لأوامر الدفاع التي تحظر عقد اجتماعات لأكثر من (20) شخصاً".
وقال التقرير، إنه خلال فترة الدعاية الانتخابية وما قبلها وأثناء يوم الاقتراع، "نشطت ظاهرة استخدام المال السياسي (الأسود) للتأثير على قناعات الناخبين، سواءً كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر، وقد رصد المركز انتشار هذه الظاهرة على نطاق واسع".
وسجل التقرير النهائي نحو 40 ملاحظة على مرحلة يوم الاقتراع، أبرزها شكاوى حول عدم جاهزية ما نسبته 65% من مراكز الاقتراع لاستقبال الأشخاص ذوي الإعاقة، واستمرار الدعاية الانتخابية بما نسبته 87% من مراكز الاقتراع التي تم رصدها، ومنع بعض مراقبي المركز من دخول غرف الاقتراع، وعدم التزام عدد من لجان الاقتراع بالبطاقة الشخصية كمصدر تعريف حصري ووحيد بالناخب، خلافاً لما نصت عليه المادة (4/ك) من قانون الانتخاب.
وكانت النسبة الكبرى لعملية المنع من ممارسة حق الاقتراع من نصيب الأشخاص المصابين بفيروس كورونا، رغم إعلان الهيئة عن تهيئة الظروف المناسبة لتمكينهم من الاقتراع، بحسب تقرير المركز، كما تم رصد استغلال الأطفال في العمل بالدعاية الانتخابية، وتمديد مدة الاقتراع لساعتين بسبب الانخفاض الشديد لأعداد المقترعين، وعدم التطابق بين عدد أوراق الاقتراع داخل الصندوق وعدد المقترعين وفق جدول الناخبين.
وقال التقرير إن الانتخابات اتسمت بضعف المشاركة الشعبية إذ بلغت 29.90% حسب البيانات الصادرة عن الهيئة المستقلة للانتخاب، مقارنةً بالانتخابات النيابية السابقة التي بلغت 36%، وهي نسبة تضعف من القناعة العامة بتمثيلية المجلس.
وقدم التقرير توصيات أبرزها "ضرورة تطوير القانون الانتخابي، بحيث يكون أكثر تمثيلاً للقواعد الشعبية والحزبية، وتعديل نص المادة (71) من الدستور الأردني بما يضمن الحق بالتقاضي على درجتين للطعن بصحة نيابة أعضاء مجلس النواب، وإجراء التعديلات القانونية اللازمة بما يضمن عدم الخرق لفترة الصمت الانتخابي، وتعديل القوانين اللازمة كقانون العقوبات وأصول المحاكمات الجزائية بما يحقق نجاعة أكبر في متابعة وملاحقة مرتكبي الجرائم الانتخابية، وتفعيل دور الهيئة المستقلة في مراقبة الحملات الانتخابية وضبط الدعاية الانتخابية وتفعيل إجراءات المحاسبة والمساءلة المتعلقة بها".
وكان تحالف "راصد" لمراقبة الانتخابات النيابية 2020، قد أصدر، أمس الأحد، تقريره النهائي لمراقبة انتخابات المجلس التاسع عشر، مشيراً إلى أنّ فريق المراقبين رصد عدداً من الشكاوى المتعلقة بتدخلات من قبل بعض الجهات الرسمية وشبه الرسمية قبيل انتهاء موعد انسحابات المترشحين والمترشحات بهدف تحييد وسحب بعضهم، "وذلك أثر بشكل مباشر على معيار حرية المترشحين والمترشحات من جهة، ومعيار حرية الناخبين والناخبات من جهة أخرى، وأن هذه التدخلات أسهمت بالتأثير على مخرجات العملية الانتخابية، ومثال ذلك ما حصل في الدائرة الثالثة في عمان ودائرة مادبا الانتخابية".
وأظهر التقرير أنّ "المال الفاسد وما ارتبط به من عمليات شراء أصوات قبيل يوم الاقتراع وحتى يوم الاقتراع شكل تأثيراً على مجمل العملية الانتخابية، خصوصاً وأننا شهدنا انتشاراً غير مسبوق لتفاقم هذه الظاهرة التي بدورها أثرت سلباً على مخرجات العملية الانتخابية".
كما شهدت العملية الانتخابية بكافة مراحلها تحويل 51 قضية مرتبطة بعمليات شراء الأصوات واستخدام المال الفاسد منها 9 قضايا حولت إلى الأجهزة الأمنية، بينما حولت 42 قضية إلى المدعي العام، وتم البت بعدد محدود من القضايا، على الرغم من أن كافة القضايا التي تم تحويلها إلى المدعي العام من قبل الهيئة المستقلة للانتخابات تم تدعيمها بأدلة كافية.
وأوصى "راصد" بـ"ضرورة تطوير الأطر التشريعية الناظمة للعملية الانتخابية وذلك بهدف تعزيز التطور الديمقراطي والإصلاح الانتخابي، للمساهمة بالحد من المخالفات والجرائم الانتخابية وبما يضمن تحقيق انتخابات منسجمة مع الممارسات الدولية الفضلى والمعايير الدولية المتمثلة بالحرية والشفافية والعدالة والنزاهة".