انتخابات في سورية... مكافأة للبلطجية

14 يوليو 2024
من الحملات الانتخابية للنظام السوري، دمشق 10 يوليو 2024 (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- بدأت اليوم فترة "الصمت الانتخابي" في مناطق سيطرة النظام السوري استعداداً لانتخابات مجلس الشعب، التي تُعتبر غير شرعية وتخالف قرار مجلس الأمن 2254.
- هذه الانتخابات هي الرابعة منذ اندلاع الثورة السورية، وتُجرى في ظل تعديلات دستورية وقانونية شكلية، مع استمرار هيمنة حزب البعث وزيادة تمثيله في المجلس.
- يحاول النظام تصوير الانتخابات كجزء من "الانتصار الوهمي"، بينما يرى الشعب أن المرشحين هم من قادة المليشيات وتجار الحروب، مما يجعل الانتخابات مجرد لعبة سياسية.

بدأ اليوم الأحد في مناطق سيطرة النظام السوري "الصمت الانتخابي" استعداداً لبدء عملية التصويت غداً الاثنين لاختيار "ممثلين" عن السوريين، ضمن ما يُدعى مجلس الشعب، من خلال انتخابات أشبه ما تكون بالمسرحية، كونها تخالف كل قوانين الانتخابات شكلاً ومضموناً، عدا عن عدم شرعيّتها أساساً، كونها تخالف قرار مجلس الأمن 2254 الناظم للعملية السياسية، الذي ينص على إجراء الانتخابات بعد إنشاء هيئة حكم انتقالي ودستور جديد للبلاد، وكونها تستثني أكثر من نصف السوريين الذين يحقّ لهم التصويت. هذه الانتخابات هي الرابعة التي يجريها النظام بعد اندلاع الثورة السورية، إذ جرت الأولى في عام 2012 بعد تعديل الدستور الذي سمح شكلياً بالتعدّدية الحزبية. فيما جرت الانتخابات الثانية في عام 2016، بعد إجراء تعديل على قانون الانتخابات سمح للعسكريين وقوى الأمن الداخلي بالمشاركة في الانتخابات. أما الانتخابات الثالثة التي جرت في عام 2022 فلم تتجاوز نسبة الإقبال عليها الـ10% ممن يحقّ لهم الانتخاب.

ويحاول النظام في الانتخابات الحالية أن يصوّرها لجمهوره جزءاً من حالة الانتصار الوهمي الذي يروّجه. فيما يحاول المرشّحون تصوير أنفسهم منقذين للبلاد من كل الأزمات التي تعصف بها، فمنهم من سيقضي على البطالة، وآخر سيطوّر قطاع الصناعة، وثالث سيحسّن كل الخدمات. وانتشرت مضافات المرشّحين تتخللها حفلات الدبكة، بغرض إكمال مشهد سوريالي يسمّيه النظام عرساً وطنياً، فيما يرى فيه الشعب أن من يجري اختيارهم ممثلين له، سواء من خلال جلسات الاستئناس الحزبي أو من خلال ترشيحات الأفرع الأمنية، هم إما من قادة (أو مموّلي) المليشيات وعناصر الشبّيحة التي تفتك بهم وبممتلكاتهم، أو أنهم أصحاب رؤوس أموال من تجّار الحروب، أو من واجهات النظام الاقتصادية والتجارية. طبعاً، بالإضافة إلى رفد المجلس بشخصيات عشائرية موالية له، بهدف تسويقها زعامات عشائرية، يتم منحهم جميعاً عضوية مجلس الشعب كمكافآت على خدماتهم التي يقدّمونها للنظام.

ويعد إصدار النظام دستور 2012 الذي ألغى شكلياً المادة 8 من الدستور التي تنصّ على أن حزب البعث هو القائد للدولة والمجتمع، لم يتغيّر عملياً أي شيء في العملية الانتخابية الخاصة بمجلس الشعب سوى زيادة نسبة تمثيل حزب البعث داخل المجلس. ففي انتخابات 2007 كان تمثيل البعثيين 135 عضواً من أصل 250 هم مجموع أعضاء المجلس. زاد هذا العدد ليصل إلى 166 عضواً في الانتخابات الماضية، وبقيت نسبة الأحزاب الأخرى تحت مسمّى قائمة الجبهة بالنسبة نفسها، رغم التعدّدية الحزبية التي أقرّها الدستور، والمفترض أن تزيد تمثيل الأحزاب الأخرى. أما التعديل الذي أجراه عام 2016 بتمكين العسكريين وقوى الأمن من الانتخاب، فكان بسبب ضعف الإقبال على العملية الانتخابية، ومن أجل زيادة نسبة التصويت، من خلال أصوات يتحكّم فيها. هذه الآلية في الانتخابات، بالإضافة إلى الفساد والتجاوزات في طريقة تنفيذ هذه الآلية، تجعل من انتخابات الغد مجرّد لعبة من ألعاب النظام التي لا يزال يمرّرها على المجتمع الدولي، هرباً من الاستحقاقات السياسية وتطبيق قوانين الشرعية الدولية الخاصة بسورية، خصوصاً قرار مجلس الأمن 2254.

المساهمون