الانتخابات الرئاسية التركية: المكاسب والخسائر بتحالف كلجدار أوغلو وزعيم حزب النصر

24 مايو 2023
تساءلت الأوساط التركية عن فائدة تحالف مرشح المعارضة مع زعيم حزب النصر (Getty)
+ الخط -

تساءلت الأوساط السياسية التركية، اليوم الأربعاء، عن فائدة تحالف مرشح المعارضة كمال كلجدار أوغلو مع زعيم حزب النصر القومي المتطرف أوميت أوزداغ، وتأثيرات وانعكاسات ذلك على الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التركية الأحد المقبل.

ومن المؤكد أن ثمة مكاسب للمعارضة من هذا التحالف، وكذلك خسائر من الطرف الآخر، لأن تحالف المعارضة يضم أحزاباً من تيارات متفاوتة يمينة وقومية ويسارية، ولعل التصادم الأبرز سيكون بالمواقف المتباينة بين حزب النصر، وحزب الشعوب الديمقراطي الكردي، الذي يدعم كلجدار أوغلو، وهناك مواقف متضاربة بين الحزبين.

وفي وقت سابق من اليوم أعلن زعيم حزب النصر أنّ حزبه قرر دعم مرشح المعارضة كمال كلجدار أوغلو في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية الأحد المقبل، بسبب أولوياته بطرد اللاجئين، وقال في تصريحاته إنّ "أهم مشكلة لتركيا هي إعادة 13 مليون لاجئ إلى بلدانهم ومنع قدوم المزيد، وبدون هذا لن تحل مشكلات تركيا، ولا يمكن حل مشكلات الفقر وارتفاع أسعار أجرة المنازل، ولا يمكن تأمين الشوارع، ولا يمكن للشبان أن يجدوا عملاً".

وكشفت الورقة التي توصل إليها أوزداغ وكلجدار أوغلو عن 7 مواد، وهي "الحفاظ على المواد الأربع الأولى في الدستور المتعلقة بقومية الدولة والتعريف بالمواطنين، والحفاظ على المادة 66 المتعلقة بنظام الحكم وحمايته، وعدم التخلي عن مبادئ الدولة".

ونصّت المادة الثالثة على أنه "سيتم ترحيل اللاجئين إلى بلادهم، وعلى رأسهم السوريون خلال عام"، فيما تمحورت المادة الرابعة حول مكافحة التنظيمات الإرهابية مثل "داعش" وحزب العمال الكردستاني، وجماعة الخدمة، والمادة الخامسة تتعلق بالتعيينات في الدولة، والسادسة بخصوص بمكافحة الفساد، والسابعة مرتبطة بالشفافية في الدولة.

وأدت هذه التوافقات إلى حالة سجال سياسي في مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل ترقب بأن تثير التوافقات حفيظة الناخبين الأكراد الذين يطالبون بتعديلات دستورية أبرزها إلغاء الوصاية على البلديات، وتعديلات تتعلق بتعريف الدولة، والإدارات المحلية المستقلة.

وتوجهت الأنظار في السياق نفسه إلى حزب الشعوب الديمقراطي، الذي أعلن أن اجتماعه لتقييم التطورات، حيث كان قد أعلن عن دعمه لكلجدار أوغلو في انتخابات الجولة الثانية من الانتخابات أمام الرئيس رجب طيب أردوغان.

ومع إعلان حزب النصر عن تحالفه مع كلجدار أوغلو يكون تحالف "أتا" الذي خاض الانتخابات في الجولة الأولى ورشح سنان أوغان في الرئاسيات ويضم خمسة أحزاب، قد انقسم ما بين داعم لمرشح المعارضة، ومرشح التحالف الحاكم الرئيس رجب طيب أردوغان.

ودعم حزبا العدالة والنصر كلجدار أوغلو، فيما أعلن أوغان دعمه الرئيس أردوغان قبل يومين، فيما تجرى الجولة الثانية للانتخابات الأحد، بعد فشل أي مرشح في الحصول على نسبة 50% زائداً واحداً في الجولة الأولى التي أقيمت في 14 مايو/ أيار الجاري.

ومن المؤكد أن هذه التطورات ستُلقي بظلالها على الساحة السياسية التركية وصولاً إلى يوم الانتخابات، حيث يستنزف التحالف الحاكم تحالف المعارضة في تناقضاته، وسيجد بالتأكد مساحة جديدة، وقد تؤدي التطورات إلى مزيد من الخلافات داخل صفوف المعارضة.

سلبيات أكثر من الإيجابيات

ورأى الصحافي التركي إلياس كلج أصلان في حديث مع "العربي الجديد" أنه "لا يتوقع أن تكون هناك تأثيرات إيجابية أو سلبية حقيقية على التحالف بين كلجدار أوغلو وأوزداغ، ومع ذلك فإن السلبيات أكثر من الإيجابيات، وأهم نقطة أن ناخبي تحالف الشعب معنوياتهم منخفضة بسبب نتائج الجولة الأولى، وكذلك أنصار حزب النصر، وهو ما قد يدفعهم لعدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع".

وأضاف أصلان "هذه الحالة قد تعمق من مسألة الإحباط هذه، كما أن هذا التحالف لن يغيّر من الحقائق التي التصقت بمرشح المعارضة، وأسباب عدم التصويت له مستمرة رغم ما فعله من تحول في الخطاب تجاه القوميين، ولم يبنِ جداراً واضحاً بينه وبين حزب الشعوب الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني، وحديثه عن الإرهاب عام جداً".

وأكد أن "أوزداغ يراهن في كلامه كثيراً على مسألة اللاجئين، ولكن لأن هناك قناعة بعدم فوزه فلا توجد أهمية لكلامه، ولهذا يمكن القول إن نتيجة التحالفات التي حصلت بدعم المرشح الرئاسي سنان أوغان للرئيس أردوغان، ودعم أوميت أوزداغ للمرشح كلجدار أوغلو، ستمنح أردوغان 20% من أصوات تحالف أتا، و20% لصالح كلجدار أوغلو، والنسبة الكبرى لن تذهب إلى صناديق الاقتراع، وبالنهاية الكتلة التي صوتت لتحالف أتا ليست متجانسة وتعمل وفق نداءات أوزداغ وأوغان".

خلط أوراق

من ناحيته، رأى الباحث في الشؤون التركية طه عودة أوغلو في حديثه مع "العربي الجديد" أن "دعم أوزداغ لكلجدار سيكون سلبياً بشكل كبير على الأخير، خاصة بعد الإعلان عن التوافق، وعدم ذكر المقابل، ولكن الحديث عن حصوله على وزارة الداخلية ستسحب كثيراً من أصوات الأكراد والأصوات المحافظة من مثل حزب المستقبل ودواء، وهذا لن يقدم كثيراً لكلجدار أوغلو رغم الضجة التي حصلت اليوم".

وأضاف عودة أوغلو أن "هناك حالة من الانقسام في تحالف الأجداد، إذ إن قسماً من الأصوات سيذهب لأوغان والرئيس أردوغان، وقسم من أصوات أوزداغ ليست بالصندوق بل بالقرب منه، أي لن يكون لها تأثير في السباق الانتخابي، فيما الطاولة السداسية ستحدث فيها حالة من خلط الأوراق، خاصة فيما يتعلق بالأصوات المحافظة والمؤيدة لأحزاب المستقبل ودواء والسعادة والديمقراطي، وسيكون لها تأثير بحسابات الربح والخسارة، فأوميت أوزداغ وتصريحاته العنصرية وتركيزه الكبير على موضوع اللاجئين ستكون لها تداعيات غير مفيدة لكلجدار أوغلو خلال الجولة الثانية".

وختم بالقول "الرئيس أردوغان هو الشخص المرتاح لحد هذه اللحظة، حقق نصف النصر في البرلمان، وحالياً يحاول حسم الجولة الثانية وتحقيق نصر كامل، على خلاف تحالف الشعب، حيث وضع كلجدار أوغلو صعب بين الأكراد والقوميين، فأعتقد أن وضع أردوغان وفرصه أفضل ويمكن القول إنه حسم الأمر قبل بداية الجولة الثانية، إلا أننا نؤكد دائماً أن الأيام الأخيرة الحاسمة من موعد الانتخابات قد تحصل فيها مفاجآت تغير النتائج".

المساهمون