انتخابات الكونغرس الأميركي: الإجهاض يحسّن حظوظ الديمقراطيين

26 اغسطس 2022
السيناتور الجمهوري ميتش ماكونيل وأعضاء جمهوريون في الكونغرس، 2017 (Getty)
+ الخط -

يقترب الجمهوريون من السيطرة على مجلس النواب الأميركي، بحسب ما ترجحه جميع استطلاعات الرأي لكن المفاجأة باحتفاظ الديمقراطيين بالمجلس تبقى قائمة لأسباب عدة. وجرت العادة، في منتصف ولاية أي رئيس، أن يتقدم في الانتخابات النصفية للكونغرس (يتكون من مجلسي النواب والشيوخ)، الحزب المنافس للحزب الذي ينتمي إليه الرئيس. والانتخابات النصفية هي انتخابات عامة تجرى في الولايات المتحدة في منتصف كل ولاية رئاسية (كل عامين)، حيث جميع مقاعد مجلس النواب (435 مقعداً)، وثلث مقاعد مجلس الشيوخ المائة، سيُعاد تجديدها عبر التصويت.

ويتقدم الديمقراطيون حالياً، على الجمهوريين، في مجلس النواب بالكونغرس، ولكن ليس بفارق كبير، ويحتاج الجمهوريون، بحسب صحيفة "واشنطن بوست"، إلى 5 مقاعد فقط لاستعادة المجلس، وذلك بعد ما شهدته البلاد طوال العامين الأخيرين من انتخابات خاصة. وتسمى بالانتخابات الخاصة، الانتخابات التي تجري خلال فترة ولاية أي كونغرس، إذا ما استقال أحد النواب، لأسباب خاصة، أو توفي.

بقاء سيطرة الحزب الديمقراطي على مجلس النواب، لم يعد مستحيلاً

لكن، وفيما يأمل الحزب المحافظ بأكثر من السيطرة فقط على الكونغرس بمجلسيه، أي حصد أكثرية واضحة وواسعة، فإن ذلك يبدو صعباً، اليوم، لأسباب تتعلق خصوصاً برفع الجمهوريين لقضايا مجتمعية عدة، أصبحت من صلب اهتمام الأميركيين، وتتخذ بعداً مسيّساً أكثر من أي وقت مضى.

الإجهاض يدخل في صلب حملات المرشحين للكونغرس

وفي صلب ذلك، يؤكد محللون ومتابعون لآخر مستجدات الواقع الانتخابي في الولايات المتحدة، لا سيما بعد ما شهدته البلاد من "انتخابات خاصة" أخيراً، أن مسألة الإجهاض، التي تعود لتتحول إلى قضية مسيّسة بامتياز في أميركا، أثرت على مزاج الناخبين المترددين.

إذ عادت أسهم الحزب الديمقراطي للارتفاع، بعدما صوّتت المحكمة العليا، التي تضمّ 9 قضاة، ويسيطر عليها الجمهوريون حالياً، لإبطال قانون "روي ضد واد" الشهير حول حقّ الإجهاض، في يونيو/حزيران الماضي، ما اعتبر في أوساط الليبراليين "يوماً أسود"، وأجّج التوجهات المناهضة للحزب الجمهوري، لا سيما في أوساط المستقلين والمترددين من الناخبين.

وبإمكان ذلك أن يطيح تطلعات الحزب المحافظ للاستحواذ على مقاعد في ولايات (أو مقاطعات) تمكن فيها الرئيس جو بايدن من التقدم على منافسه في انتخابات الرئاسة قبل عامين، الرئيس السابق دونالد ترامب، بفارق كبير.

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست"، في تقرير لها نشر أول من أمس الأربعاء، أن حظوظ الجمهوريين لاكتساح مجلس النواب، في انتخابات الكونغرس النصفية المقررة في 8 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، عادت لتتقلص، بحسب محلّلين مستقلين، واستراتيجيين من كلا الحزبين.

يستثمر الديمقراطيون في مسألة الاهتمام المجتمعي بقضية الإجهاض، وتحويلها إلى عنوان أساسي لحملاتهم الانتخابية

وقالت الصحيفة، إن الديمقراطيين باتوا أكثر تحدّياً لـ"الموجة الحمراء" التي برزت خلال استحقاقات انتخابية عدة، منذ 2021 (تتعلق بالانتخابات الخاصة وانتخابات حكّام ولايات وغيرها)، عبر الاستثمار في مسألة الاهتمام المجتمعي بقضية الإجهاض، وتحويلها إلى عنوان أساسي لحملاتهم الانتخابية. كما يعيد الديمقراطيون التركيز على الرئيس السابق الجمهوري دونالد ترامب، وقضية اقتحام الاستخبارات الأميركية لمقر إقامته في فلوريدا، للتحقيق في مسألة نقله وثائق خاصة بالبيت الأبيض إليه.

وبحسب "تقرير كوك السياسي"، والذي يعدّ غير منحاز حزبياً، الأربعاء الماضي، فإن بقاء سيطرة الحزب الديمقراطي على مجلس النواب، لم يعد مستحيلاً كما كانت عليه الترجيحات قبل أشهر فقط. وللمفارقة، فإن شعبية الرئيس جو بايدن، لا تزال في انخفاض، على الرغم من تمكنه من تمرير حزمة قوانين، لتسهيل حياة الأميركيين في مواجهة الأزمة الاقتصادية والانكماش الاقتصادي الذي تواجهه الولايات المتحدة، لا سيما بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط الماضي. ويراهن الجمهوريون على هذا التراجع، ونسبة التضخم القياسية التي تسجلها الولايات المتحدة، لاستعادة الكونغرس من يد الديمقراطيين، قبل أن يأتي قرار المحكمة العليا، ليقلصّ آمالهم.

الانقلاب على قانون "روي ضد واد"

ومنذ أن صوّتت المحكمة للانقلاب على قانون "روي ضد واد" (الذي يعود إلى عام 1973)، وقضت ببطلانه، منهية حقّ الإجهاض في الولايات المتحدة، تخطى المرشحون الديمقراطيون في الانتخابات الخاصة، هوامش الفرق التي كان حصل عليها بايدن بمواجهة ترامب، في 2020. وجعل بعض المرشحين الديمقراطيين من مسألة الإجهاض شعاراً لحملته، علماً أن قانون "روي ضد واد" كان كفل للمرأة الأميركية منذ ما يقرب من 50 عاماً حقّ الإجهاض في الولايات المتحدة، وقنّنه على مستوى البلاد. لكن المحكمة صوّتت بواقع ستة قضاة مع إبطال القانون، مقابل ثلاثة قضاة صوّتوا عكس ذلك، في انقسام حزبي واضح. وجاءت النتيجة لتعكس الهيمنة الجمهورية على المحكمة، بعدما عيّن ترامب خلال ولايته قضاة جمهوريين فيها، قلبوا موازين القوى داخلها لصالح الحزب المحافظ.

وحتى بداية شهر أغسطس/آب الحالي، شهدت الولايات المتحدة 12 انتخابات خاصة منذ انتخاب الكونغرس الـ117 للبلاد، مع الانتخابات الرئاسية للعام 2020. وظلّت تنتظرها 5 انتخابات خاصة، شهدت ولاية نيويورك آخرها في 23 أغسطس. وفاز الثلاثاء الماضي، الديمقراطي بات ريان، على الجمهوري ماركوس مولينارو، في الانتخابات الخاصة للمقاطعة 19 في نيويورك، بحصوله على 51.5 في المائة، مقابل 48.8 في المائة للمرشح المحافظ.

في المقابل، وبحسب آخر الأرقام، فقد تمكن الجمهوري جوزيف سيمبولينسكي، من أن يصبح النائب عن المقاطعة 23 في نيويورك، بفوزه بهامش ضئيل، على الديمقراطي ماكس ديلا بيا، في الانتخابات الخاصة بالمقاطعة، لشغل المقعد الشاغر عن النائب الجمهوري (السابق) توم ريد، الذي قدّم استقالته في مايو/أيار الماضي.

وحذّر النائب الجمهوري توم كول (أوكلاهوما)، أخيراً، من انعكاسات الانتخابات الخاصة، التي اعتبر أنها قد تكون "جرس إنذار" للحزب وللجمهوريين الذين تفيض ثقتهم بقدرتهم على اكتساح الكونغرس في الخريف المقبل. ودعا كول في مقابلة صحافية، المشرعين الذين تعدّ مقاعدهم آمنة، لضخّ المزيد من الأموال، للجنة مؤتمر الحزب الوطني "إن آر سي سي"، ولمرشحين آخرين، لا سيما في الولايات المتأرجحة. وبحسب "واشنطن بوست"، فإن كول لا يزال يأمل في المنافسة بشدّة هذه المرة داخل معاقل الديمقراطيين، لكن نواباً آخرين، وشخصيات أخرى داخل الحزب، ترى أن التركيز يجب أن ينصب حالياً على الولايات المتأرجحة.