انتخابات الجزائر 2024: هل تنجح الجالية في المهجر برفع نسبة التصويت؟

02 سبتمبر 2024
ملصقات انتخابية للمرشحين للرئاسة الجزائرية، 25 أغسطس 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **انطلاق الانتخابات الرئاسية الجزائرية في الخارج**: بدأ التصويت اليوم لما يقارب 900 ألف ناخب جزائري في الخارج لاختيار بين ثلاثة مرشحين، مع فتح مكاتب التصويت في القنصليات حتى السابع من سبتمبر.

- **توزيع الناخبين ومكاتب التصويت**: يتجاوز عدد الناخبين في الخارج 845 ألف موزعين على أكثر من 500 مكتب تصويت تديرها 117 لجنة فرعية، مع تجهيزات لوجستية لضمان تصويتهم.

- **أهمية الانتخابات للجالية الجزائرية**: تعتبر الانتخابات رمزاً سياسياً لترسيخ الجالية ضمن النسيج الوطني، مع تنظيم لقاءات وأنشطة انتخابية لتقديم برامج المرشحين.

بدأ اليوم الاثنين ما يقارب 900 ألف ناخب جزائري مسجلين في اللائحة الانتخابية، التصويت في الانتخابات الرئاسية للاختيار بين ثلاثة مرشحين: الرئيس عبد المجيد تبون الذي يسعى لولاية ثانية، ورئيس حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني، والسكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش. يُعَدّ هذا التصويت فرصة للجالية الجزائرية لتجديد انتمائها الوطني، وإن كانت مشاركتهم ذات طابع رمزي أكثر من تأثيرها المباشر على النتائج العامة للانتخابات.

وفتحت مكاتب التصويت في القنصليات الجزائرية بالخارج أبوابها، اليوم الاثنين، أمام الناخبين من الجالية، وتستمر حتى السابع من سبتمبر/أيلول الجاري، الذي يصادف تاريخ الاقتراع العام داخل الجزائر. وبناءً على طبيعة الجالية وظروفها، ستظل مكاتب الاقتراع مفتوحة لمدة خمسة أيام متتالية، من الثلاثاء حتى السبت المقبل.

وفقًا للأرقام التي قدمتها سلطة الانتخابات، يتجاوز عدد الناخبين في الخارج 845 ألف ناخب، موزعين على أكثر من 500 مكتب تصويت، تديرها 117 لجنة فرعية، منها 18 لجنة في فرنسا، و30 لجنة في باقي الدول الأوروبية، و22 لجنة في الدول العربية، و21 لجنة في الدول الأفريقية، و26 لجنة في آسيا والولايات المتحدة الأميركية.

وبث التلفزيون الجزائري مشاهد لتوافد الناخبين على مكاتب التصويت في عدد من المدن الفرنسية، وفي إسبانيا ومصر. وقد جهزت القنصليات الجزائرية في الخارج، تحت إشراف مندوبيات السلطة المستقلة للانتخابات، جميع الاستعدادات اللازمة لضمان تصويت أفراد الجالية في ظروف لائقة. وفي بعض الدول، جُهّزت خطط لوجستية لنقل الناخبين إلى مراكز الاقتراع. كما خُصص عدد محدود من المكاتب الانتخابية المتنقلة لخدمة الناخبين الجزائريين في المدن التي لا تتوفر فيها مكاتب ثابتة، مثل مكتبين متنقلين في كل من القيروان وصفاقس بتونس. وفي المغرب، يصوت الجزائريون في مكاتب التصويت في قنصليات الدار البيضاء ووجدة.

وأدلت المهندسة حجيبة عمار بصوتها في قنصلية وجدة، معبرة لـ"العربي الجديد" عن اعتزازها بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية، وقالت: "الجالية في الجهة الشرقية للمغرب تشارك في هذا العرس الانتخابي وتؤدي واجبها الوطني كما تعودت دائمًا. لقد كنت من أوائل الناخبين، وأنا الآن بصدد مرافقة ابنتيّ للتصويت أيضًا. نتمنى أن تثمر هذه الانتخابات بما يخدم بلدنا الجزائر".

ورغم أن الانتخابات النيابية تتيح للجزائريين في المهجر اختيار ثمانية نواب يمثلونهم بحسب المناطق، لكن تصويت الجالية الجزائرية في الانتخابات الرئاسية لا يؤثر عادةً على النتائج النهائية. لذلك، تعتبر مشاركة الجالية في الانتخابات من منظور السلطة الجزائرية رمزاً سياسياً لترسيخهم ضمن النسيج الوطني، وإبراز رمزي لمشاركتهم في اختيار الرئيس والمؤسسات السياسية، أكثر من كونها فرصة لتحقيق تأثير انتخابي مباشر.

يعود ذلك إلى اعتبارات تاريخية وظروف سياسية، حيث تتمتع الجالية بمساحات واسعة من الحريات والديمقراطية في أوروبا، مما جعل الانتخابات السابقة تسجل مؤشرات ثابتة. الأولى تتعلق بتدني نسبة التصويت التي لم تتجاوز في أفضل الأحوال 9%، والثانية بأن أصوات الجالية كانت غالبًا تذهب لصالح المعارضة والمستقلين، حيث منحت ستة مقاعد من بين ثمانية مخصصة لتمثيل الجالية في البرلمان.

ومع ذلك، تحمل انتخابات 2024 مؤشرات على وجود رهان سياسي جديد من قبل السلطة الجزائرية لتحسين نسب المشاركة في المهجر، خاصة بعد القرارات التي اتخذها الرئيس تبون في ولايته الأولى لصالح الجالية، مثل خفض أسعار تذاكر السفر وتكفل الدولة بنقل جثامين الموتى. هذه الإجراءات تهدف إلى تعزيز انتماء الجالية إلى الوطن، ومنح السلطات الجزائرية ورقة قوية في المناكفة السياسية، خاصة تجاه فرنسا التي تضم 82% من الناخبين الجزائريين في المهجر.

يرى المحامي الجزائري والناشط في الجالية التونسية جمال خذيري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الانتخابات تحمل معنى مختلفًا للجالية الجزائرية في الخارج. وقال: "قد يكون الناخبون في الجزائر معنيين بشكل مباشر باختيار مرشح أو دعم مشروع سياسي، لكن بالنسبة للجالية، الانتخابات هي مناسبة لتجديد الانتماء إلى الوطن. يمكن ملاحظة كيف يحرص الناخبون في المهجر عند توجههم إلى مكاتب التصويت على ارتداء العلم الوطني واصطحاب أبنائهم، لربطهم بالاستحقاق الوطني وإظهار حبهم لبلادهم".

قبل بدء التصويت، نظم ممثلو المرشحين الثلاثة لقاءات وأنشطة انتخابية في بعض العواصم والمدن في عدد من الدول لتقديم برامجهم وتصوراتهم، خاصة في ما يتعلق بمشكلات الجالية الجزائرية المقيمة في الخارج. في باريس ومارسيليا بفرنسا، عقدت لقاءات مع المغتربين لصالح الرئيس المرشح عبد المجيد تبون، حيث شاركت في إحدى هذه اللقاءات أنيسة بومدين، زوجة الرئيس الراحل هواري بومدين. كما نظم نواب حركة مجتمع السلم، توفيق خديم، عبد الوهاب يعقوبي، وإبراهيم دخينات، لقاءات لصالح المرشح عبد العالي حساني في فرنسا وباقي أوروبا.

وخلال تجمعات الحملة الانتخابية في الجزائر، أكد المرشحون الثلاثة، تبون، وحساني، وأوشيش، أهمية الاهتمام بالجالية الجزائرية وحل مشكلاتها، مع التركيز على الاستفادة من الكفاءات الجزائرية في الخارج. وأوضح الرئيس عبد المجيد تبون في تجمع سابق بقسنطينة أنه سيواصل دعم الجالية في حال انتخابه لولاية ثانية. من جانبه، أكد المرشح عبد العالي حساني أن "جاليتنا الجزائرية في الخارج يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في تنمية البلاد، ويجب أن نحافظ على النوابغ والإطارات من بين أفراد الجالية ونبقي على قنوات اتصالهم بوطنهم". بينما شدد المرشح يوسف أوشيش على أن "الجالية الجزائرية التي لعبت أدوارًا متقدمة في مرحلة الكفاح التحرري، تستحق أن تُعنى بها الدولة ويتم الدفاع عن حقوقها على كل الأصعدة، ليشعر المواطن المغترب بأهمية مكانته في وطنه".