انتخابات أقاليم إيطاليا: تقاسم بين اليمين واليسار وخرق "تاريخي" للفاشية

22 سبتمبر 2020
فشل سالفيني في حصد نتائج 7 إلى صفر لمعسكره (فرانس برس)
+ الخط -

تشير نتائج الانتخابات في سبعة أقاليم إيطالية إلى تقاسمها بين تحالف اليمين واليسار، فيما تحقق الحركة الفاشية خرقاً "تاريخياً" في إقليم مارشي، بعد 25 عاماً من حكم يسار الوسط.

وبحسب الأرقام والتقسيمات الرسمية الصادرة اليوم، الثلاثاء، عن نتائج انتخابات الأقاليم والاستفتاء الشعبي لتخفيض عدد أعضاء البرلمان، بغرفتيه، والتي جرت، يومي الأحد والإثنين الماضيين، فإنّ تحالف يسار الوسط حقق تقدماً في توسكانا وكامبانيا وبوليا، رغم مراهنة زعيم حزب "الليغا" (الرابطة) الشعبوي، وزير الداخلية السابق ماتيو سالفيني، على انتزاع توسكانا (شمال وسط الغرب الإيطالي)، من تحالف يسار الوسط.

ويبدو أنّ تحالف يمين الوسط، الذي يضم حزب "الليغا"، لم يحقق النتائج التي أمل بتحقيقها في الأقاليم السبعة، بوعود سالفيني أن تكون النتائج 7 إلى صفر لمعسكره في الأقاليم التي شهدت خلطاً للأوراق بين مختلف التيارات السياسية في البلاد، وسط أزمة جائحة كورونا وانعكاساتها الكبيرة على الاقتصاد والمزاج العام للإيطاليين.

ورغم ذلك، فإنّ تحقيق اليمين ويمين الوسط انتصاراً في 3 من الأقاليم: فينتو وليغوريا ومارشي، غيّر من الخريطة السياسية، ومنح دفعة قوية في مارشي تحديداً للحركة الفاشية "إخوة إيطاليا"، بزعامة السياسية المثيرة للجدل جورجيا ميلوني.

وبهذا الانتصار لمعسكر يمين الوسط، فإنّ 15 إقليماً إيطالياً، من أصل 20، باتت اليوم في قبضته، ويعتبر هذا التطور كبيراً مقارنة بما كان عليه الوضع في 2014، حيث كان معسكر يسار الوسط (بما فيه الحزب الديمقراطي) يهيمن على 16 إقليماً مقابل 4 لليمين ويمين الوسط.

وتغيرت ألوان الخريطة السياسية المحلية في إيطاليا منذ العام الماضي 2019، حيث هيمن المعسكر الأخير على 10 من الأقاليم، لتتوالى التغييرات حتى صارت النتيجة على ما هي عليه اليوم من تقدم، ليس فقط لليمين التقليدي، بل لمعسكر شعبوي وفاشي.

ويراهن هذا المعسكر على تحقيق نتائج أفضل في أقاليم الجنوب خلال الفترة المقبلة. وبدأت مع ظهور النتائج الأولية، مساء أمس الإثنين، ترتفع أصوات مطالبة بانتخابات برلمانية مبكرة، وخصوصاً من معسكر الفاشيين والشعبويين، الذين يراهنون على انتشار سخط شعبي من نتائج كورونا على أوضاعهم بصفة عامة.

جدير بالذكر أنّ الانتخابات المحلية تزامنت مع استفتاء عام بـ"نعم" أو "لا"، على تخفيض عدد أعضاء البرلمان ومجلس الشيوخ، حيث حازت "نعم" على نسبة 70% تقريباً. ويعني ذلك تغيير البندين 56 و57 من الدستور الإيطالي، بعد 60 يوماً من الاستفتاء العام، قبل أن يصبح التعديل نافذاً في أي انتخابات برلمانية مقبلة. وتعني الموافقة الشعبية خفض عدد النواب من 630 إلى 400 والشيوخ من 315 إلى 200.

وفي بعض التفاصيل الدقيقة للنتائج، ورغم تحقيق يسار الوسط نجاحاً بالمحافظة على 3 أقاليم، لا سيما في توسكانا، يبدو جلياً أنّ "الليغا" حقق اختراقاً في الإقليم بحصول مرشحته لمنصب المحافظ، سوزانه سيكاردي، على نحو 40% (715 ألف صوت) من أصوات الناخبين، مقابل 48% لـمرشح تحالف "الديمقراطي" إيجينيو جياني (860 ألف صوت). وحصلت مرشحة "خمس نجوم" إيريني جيليتي، على نحو 6%.

وترسم نتائج توسكانا العامة تقدماً للحزب "الديمقراطي" بشكل طفيف بحصوله كحزب على نحو 34%، فيما حل "الليغا" الشعبوي ثانياً بنحو 22%، وحصول الفاشيين على نسبة 13%، وهي نتيجة غير مسبوقة له في إقليم ظل لسنوات ذا توجه نحو اليسار ويسار وسط.

وينسحب تقدم الحزب "الديمقراطي" في توسكانا على بقية الأقاليم الخمسة الأخرى، باستثناء إقليم مارشي، الذي حقق فيه الفاشيون خرقاً ملفتاً بحصول مرشحه ومرشح اليمين، فرانشيسكو أكوارولي، على نحو 49% من الأصوات لمنصب المحافظ (رئيس الإقليم)، الذي سار، مساء الإثنين، مزهواً يرفع ذراعه مع ذراع الزعيمة الفاشية جورجيا مليوني.

واستغل اليمين المتشدد والحركة الفاشية الحالة الصعبة التي مر فيها إقليم مارشي، الذي حُكم لربع قرن من يسار الوسط، للعب على مشاعر الناخبين بعد انتشار البطالة (7 آلاف عاطل من العمل فقط خلال الأشهر الماضية)، ومعاناة أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة، وقطاع السياحة، لتحقيق فوز لمتطرف مثل أكوارولي (46 سنة)، الذي بدأ حياته السياسية في سن العشرين في "حركة الشباب" اليمينية، قبل أن ينتقل إلى معسكر "إخوة إيطاليا" الفاشي.

وبالرغم من تاريخ إيطاليا غير المستقر سياسياً، ومساعٍ يبذلها معسكر اليمين واليمين المتطرف، منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعد انفراط عقد التحالف بين "الليغا" و"خمس نجوم"، للدفع نحو انتخابات برلمانية مبكرة، مع تصاعد شعبية سالفيني، إلا أنّ رئيس الوزراء الحالي جوزيبي كونتي قطع الطريق على كل تكهنات ورغبات سالفيني، حيث أكد، صباح الثلاثاء، أن لا انتخابات برلمانية قبل 2023.

ورغم الانتصارات التي يضخمها سالفيني، جاءت الفاشية ميلوني لتزايد عليه، حيث باتت الصحافة الإيطالية، وخصوصاً "كوريري"، تتحدث عن "صراع على الشعبية بين زعيمي اليمين المتطرف والحركة الفاشية".