اليمن: الانتقالي الجنوبي يطلق مجلس العموم ويراهن على اتفاقات التطبيع

02 يناير 2024
الزبيدي أكد أن الحوثيين يعطلون كل جهود إنهاء الحرب وإحلال السلام (فرانس برس)
+ الخط -

خطا "المجلس الانتقالي الجنوبي" في اليمن خطوة جديدة في طريق تحقيق أهدافه لاستعادة ما يسميها دولة الجنوب، مع عقد الاجتماع التأسيسي لمجلس العموم الجنوبي، لأول مرة في العاصمة المؤقتة عدن، اليوم الثلاثاء، بالتزامن مع تطورات معقدة تشهدها الساحة المحلية والإقليمية، لا سيما في ظل الحوارات اليمنية-اليمنية في الرياض والقاهرة ومسقط وجنيف، إضافة إلى تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة وامتدادها إلى المياه الدولية لليمن.

ولكن اللافت في كلمة رئيس "المجلس الانتقالي" عيدروس الزبيدي، خلال عقد هذا الاجتماع، حديثه عن "السعي لتعزيز السلام والأمن والاستقرار الإقليمي وفقاً لـاتفاق أبراهام" (اتفاق التطبيع بين دول عربية وإسرائيل)، وهو ما يذكّر بما كانت قد ذكرته قناة "كان 11" الإسرائيلية، قبل أيام، من أن الانفصاليين في جنوب اليمن، الذين يقودهم الزبيدي، أبدوا استعدادهم "للتعاون مع إسرائيل في وجه تهديد الحوثيين". ونقلت القناة عن مسؤول وصفته بالمقرب من الزبيدي، لم تسمّه، قوله إنهم "في المجلس الانتقالي مهتمون بالتصدي للإرهاب الحوثي والحصول على دعم دولي بما في ذلك الدعم من قبل إسرائيل". وأضافت القناة العبرية نقلاً عن مصدرها قوله: "إذا اعترفت إسرائيل بحقنا في تقرير المصير في جنوب اليمن، فستجد حليفاً (لها) على الأرض ضد التهديد الحوثي".
 
ما هو مجلس العموم الجنوبي؟

ووفق مصادر في "المجلس الانتقالي"، فإن مجلس العموم المنعقد في عدن هو مجلس شُكّل أخيراً بقرار من رئيس "المجلس الانتقالي" عيدروس الزبيدي، وهو مشكّل من عدد من الهيئات والمجالس المكونة لكيان "المجلس الانتقالي"، ويضم كلاً من هيئة رئاسة المجلس الانتقالي، والقيادة التنفيذية العليا للمجلس الانتقالي، والجمعية الوطنية العمومية للمجلس الانتقالي، ومجلس المستشارين للمجلس الانتقالي. كما أن مجلس العموم، سيكون هو الجهة المختصة بمناقشة القرارات المصيرية للجنوب بما فيها الاختصاص السيادي، الأمر الذي يجعل المجلس أهم وأكبر هيئة سياسية على الإطلاق داخل "المجلس الانتقالي الجنوبي".

وكان المتحدث الرسمي لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" سالم ثابت العولقي، قد تحدث في وقت سابق عن أن مجلس العموم يأتي في إطار تعزيز الشراكة الوطنية في الجنوب، وستكون له مهام قادمة، من بينها المصادقة على القرارات المصيرية بشأن الجنوب، إضافة إلى أن من مهام مجلس العموم المصادقة على تشكيل اللجنة الوطنية لصياغة مسودة الدستور وعلى تشكيل اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء في الجنوب.

رسائل الزبيدي

وخلال الاجتماع، وجه رئيس "المجلس الانتقالي" عيدروس الزبيدي ثلاث رسائل أساسية، الأولى كانت للجنوبيين وأكد فيها الدور الذي يقوم فيه مجلس العموم وخريطة الطريق التي سيرسمها جميع الجنوبيين تحت مظلة هذا المجلس، وأهمية تعزيز القوات العسكرية والأمنية وفرض سيطرته على الأرض لتحقيق أهدافه في استعادة دولة الجنوب والخيارات الديمقراطية المفتوحة لتحقيق ذلك، والتي يحددها مجلس العموم المشكّل، حيث اعتبره الزبيدي تجسيداً للاصطفاف الوطني الجنوبي، ويعزز من الأداء السياسي والبناء المؤسسي لاستعادة دولة الجنوب، وفق قوله.

وفي الرسالة الثانية ركز الزبيدي على موضوع السلام في اليمن، مؤكداً أن "السبيل الوحيد إلى السلام هو العودة لوضع الدولتين لما قبل 21 مايو/ أيار 1990، وتلك مصلحة جنوبية ويمنية وإقليمية ودولية".

الزبيدي أعلن في الوقت نفسه تأكيد المجلس على نهج التفاوض لحل النزاعات السياسية ودعم كافة الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار والشروع في عملية سياسية شاملة للتوصل لحل عادل ودائم في الجنوب واليمن، مشدداً على أن "أي توجه لتجزئة العملية السياسية أو انتقاء أولوياتها يعد إخلالاً بمبدأ العدالة والشمول مما يقوض الجهود المبذولة في إحلال السلام المنشود". ودعا المجتمع الإقليمي والدولي في الوقت ذاته إلى "التعامل مع تعقيدات الأزمة من منطلق المسؤولية التاريخية التي تحتم على الجميع العمل لتحقيق سلام عادل وشامل ودائم بإجراءات متسلسلة ومترابطة ومتزامنة وانتقالية، من خلال سلام لا يحتكم لثقافة الغلبة ولا يعيد تكريس تجارب الماضي الأليمة التي تناسلت عنها سلسلة حروب، وكلفت أثماناً باهظة لا يزال الجميع يدفع ضريبتها إلى يومنا هذا".
وأعلن الزبيدي أنه "لا رجعة عن استعادة دولة الجنوب الفيدرالية"، مع التأكيد على "مضي المجلس الانتقالي في دعم قوى الشمال وفق خياراتهم لمقاومة المشروع الحوثي الإيراني".

وأكد الزبيدي أن عمليات التصعيد للحوثي في البحر الأحمر تهدد بشكل مباشر الأمن القومي والغذائي للجنوب، وتفاقم من حدة الأزمة الإنسانية والاقتصادية وتداعياتها، وتعطل حركة الملاحة البحرية وخطوط التجارة الدولية وخليج عدن وباب المندب والبحر الأحمر. وأضاف: "سبق ذلك ممارساتهم في التضييق والحصار ومنع دخول السفن إلى موانئ الجنوب منذ أكثر من عام، مما خلف أزمة إنسانية غير مسبوقة، وبذلك يؤكد الحوثيون على نهجهم المعطل لكافة جهود إنهاء الحرب وإحلال السلام، وأي طروحات لحل الأزمة دون وقف التصعيد الحوثي فلن تنهي الصراع، بل تفرغ العملية السياسية من مضمونها".

وقال إن "الجنوب لن يتوانى عن أداء دوره لتعزيز الأمن والسلم الإقليمي، انطلاقاً من موقعه المحوري الذي يؤهله ليشكل طوقاً وحزاماً أمنياً لدول الخليج والجزيرة العربية في الركن الجنوبي الغربي منها".

أما الرسالة الثالثة فركزت على ما يجري في غزة، إذ دعا الزبيدي الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة والمجتمع الدولي، إلى تحمل مسؤوليتهم التاريخية في العمل لوقف إطلاق النار وإنها معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وحماية حقوق الإنسان وإنفاذ القانون الإنساني الدولي، معتبراً أن تجاهل الكارثة الإنسانية في غزة يعرّض الولايات المتحدة لمخاطر فقدان مصداقيتها والتزاماتها بحماية حقوق الانسان وتعزيزها على المستوى الدولي. مشددا على أن "المجتمع الدولي بات مطالباً بتحرك لإنقاذ سكان غزة وتكثيف جهود الإغاثة الإنسانية، والعمل لإحلال السلام في المنطقة من خلال تطبيق حل الدولتين وفقا لمبادرة العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، والتي تمثل الحل الفعلي والأساس الحقيقي لضمان إنهاء الصراع وحل القضية الفلسطينية، والسعي لتعزيز السلام والاستقرار والأمن الإقليمي وفقا لاتفاق أبراهام كمدخل للسلام الشامل والدائم في المنطقة".

المساهمون