ينهي رئيس مجلس النواب الأردني، عبد المنعم العودات، والوفد النيابي المرافق له، اليوم الأحد، زيارة إلى العراق هي الأولى من نوعها، من حيث جدول أعمالها ومدتها، بدأت مساء الأربعاء الماضي في بغداد، على أن ينتقل، اليوم، الوفد إلى مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق.
وإلى جانب اللقاءات الرسمية التي أجراها الوفد، الذي ضم عددا من رؤساء اللجان وممثلي الكتل النيابية الأردنية، مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ونظيره العراقي محمد الحلبوسي، عقد العودات ونائبه الأول أحمد الصفدي عدة لقاءات مع زعيم جماعة "عصائب أهل الحق" المسلحة قيس الخزعلي، أبرز الفصائل الحليفة لطهران، إلى جانب زعيم منظمة "بدر" ورئيس تحالف "الفتح" هادي العامري، وزعم تحالف "دولة القانون" نوري المالكي، ورئيس الهيئة السياسية في التيار الصدري نصار الربيعي.
وجرت اللقاءات في مكاتب ومقرات القوى والجماعات العراقية في العاصمة بغداد، يومي الجمعة وأمس السبت، قبل أن يغادر العودات إلى مدينة أربيل، حيث من المقرر أن يلتقي بقيادات سياسية فاعلة في الإقليم.
وصدرت عدة بيانات عن أطراف عراقية أجرى الوفد الأردني لقاءات معها في بغداد، ركزت بالمجمل على "تطوير العلاقات بين البلدين".
ونقل بيان عن رئيس الهيئة السياسية للتيار الصدري، نصر الربيعي، تأكيده على أهمية "دعم تنفيذ نتائج القمة الثلاثية الأردنية المصرية"، التي جرت في بغداد، يونيو/حزيران الماضي. وأشار إلى "دور التيار الصدري في الدفاع عن التشريعات الناظمة للتعاون الأردني العراقي خلال جلسات البرلمان العراقي".
فيما ذكر بيان نشر على موقع مجلس النواب الأردني، ملخص لقاء العودات مع رئيس الوزراء الأسبق ورئيس تحالف "دولة القانون"، نوري المالكي، في بغداد، قال إن الأخير "أكد دعمه وتياره السياسي للاتفاقيات الأردنية العراقية".
وخلال لقاء مماثل لرئيس مجلس النواب الأردني مع زعيم جماعة "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي، أعرب الأخير عن "تقديره للموقف الأردني في الدفاع عن القضية الفلسطينية"، متحدثاً عن "الضغوطات" التي يواجهها الأردن بسبب الدفاع عن عدالة القضية الفلسطينية.
كذلك، تحدث هادي العامري، زعيم منظمة "بدر"، من بين الفصائل الأبرز في العراق والحليفة لطهران، عقب لقائه الوفد الأردني، قائلاً، إن "الموقف الأردني مشرف ومقدر، وندرك أن الأردن تعرّض للضغوطات جراء تمسّكه بمبادئه".
وحول اللقاءات الأردنية في بغداد، قال مسؤول عراقي في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إنها "ترطيب أجواء مع الجهات المتحفظة على مضيّ العراق في تنفيذ اتفاقاته مع الأردن ومصر، ضمن مخرجات القمة الثلاثية التي عقدت مؤخرا نهاية حزيران الماضي في بغداد".
وأضاف، في اتصال هاتفي طالباً عدم ذكر اسمه، أن "القوى المعروفة بكونها قريبة أو حليفة لطهران تمارس ضغوطاً على حكومة الكاظمي، من أجل عدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه مع الأردن، فيما يتعلق بمشروع أنبوب نفط البصرة ـ العقبة، أو الربط الكهربائي مع الأردن واتفاقيات الإعفاء الضريبي وغيرها"، مشدداً على أن الزيارة كانت تهدف إلى فتح قنوات تواصل مع تلك القوى، وكانت بشكل عام ناجحة في هذا المجال.
من جهته، أكد النائب في البرلمان العراقي، محمد الخالدي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "زيارة الوفد الأردني إلى العراق تأتي في إطار مساعي التعاون التجاري بين البلدين المرتبطين بمصالح مهمة لا يمكن إغفالها".
ووفقاً للخالدي، فإن "مصلحة العراق تستدعي التعاون والانفتاح تجارياً مع المحيط العربي، في ملف النفط والتبادل التجاري والربط الكهربائي وغيرها، ولا يمكن أن يبقى العراق مرهوناً إلى بلد واحد (في إشارة إلى إيران)".
وأضاف "لا شك أن المباحثات تطرقت إلى أنبوب البصرة - العقبة، والملفات التجارية الأخرى، لا سيما وأن المسؤول الأردني أجرى لقاءات مع القوى الرافضة للانفتاح نحو المحيط العربي"، مستبعداً أن "تغير تلك القوى من مواقفها المتشنجة، كونها تعمل بأجندات ومصالح خاصة، مقدمة بالنسبة لها على مصلحة البلاد".
بدوره، قال الخبير بالشأن السياسي العراقي، مجاهد الطائي، إن "أطرافاً عربية توصّل العراق معها إلى اتفاقات تجارية واقتصادية مهمة تدرك أن حلفاء طهران لهم قدرة على تخريب أي اتفاق ووقف تنفيذه، خاصة إذا كان يتقاطع مع المصالح الإيرانية بشكل أو بآخر، لذا فإن ما يجري يعتبر نوعا من التطبيع الداخلي في العراق سياسياً. فالاعتراف بهم أو إشراكهم في الاستثمارات إقليمياً مقابل عدم رفض تلك المشاريع وتمريرها".
وبيّن، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "إشراك تلك القوى والجماعات في المشاريع أو تطبيع العلاقات معها بشكل معين يعد نوعا من الاحتواء البعيد عن اللغة العسكرية والعقوبات، بعد تراجع الخيارات الأميركية، واهتزاز الثقة في الدفاع عن شركائها الإقليميين من خطر تلك المليشيات التي تتنقل عبر الحدود"، وفقاً لقوله.
واعتبر أن "اللقاءات هذه نوع من التواصل مع مراكز القوى المؤثرة على مخرجات القرار الحكومي. فاللقاءات العربية مع القوى الولائية (الحليفة لإيران في العراق) نوع من التواصل مع مراكز القوى المتعددة والمؤثرة على مخرجات القرار الحكومي الضعيف".