استمع إلى الملخص
- الوساطة التركية تواجه تحديات بسبب المواقف المتباينة للطرفين، خصوصًا حول وصول إثيوبيا لمنفذ بحري دون المساس بسيادة الصومال، لكنها تبقى خطوة نحو مفاوضات مباشرة مستقبلية.
- الجانبان وافقا على العودة للتشاور قبل الجولة الثانية من المفاوضات في سبتمبر، مما يعكس الحاجة لمزيد من الجهود لتقريب وجهات النظر وتحقيق تقدم نحو حل الأزمة، مع الأخذ بعين الاعتبار الدعم الدولي لوحدة الصومال.
رجح محللون وسياسيون صوماليون أن تواجه الوساطة التركية بين الصومال وإثيوبيا، التي عُقدت الجولة الأولى منها في العاصمة التركية أنقرة أمس الاثنين، عقبات عدة، من بينها إصرار إثيوبيا على عدم التخلي عن مذكرة التفاهم التي وقعتها مع صوماليلاند (إقليم جمهورية أرض الصومال غير المعترف بها دولياً). وأكدت الخارجية التركية في بيان لها حول المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين التي جرت الاثنين أن الجابين تبادلا وجهات النظر حول خلافاتهما بطريقة ودية واتفقا على تسوية خلافاتهما بطريقة ترضي الطرفين، كما أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن الجولة الثانية من المفاوضات ستعقد في 2سبتمبر/أيلول المقبل. وجاءت مفاوضات الأمس بعد أن رفض الجانبان سابقاً عرضين للوساطة من كينيا والاتحاد الأفريقي.
وقال المحلل السياسي في مركز الصومال للدراسات محمد عثمان لـ"العربي الجديد" إن "الوساطة التركية جاءت بطلب من إثيوبيا التي لا تزال تتحفظ على التراجع عن مذكرة التفاهم مع إقليم صوماليلاند، لكن هذه المفاوضات غير المباشرة في أنقرة تشي بأنّ الجانبين تراجعا عن موقفيهما السابقين ما يخلق بوادر الشروع في مفاوضات مباشرة مستقبلاً". ولفت إلى أنه حتى الآن "لم تقدم إثيوبيا على أي خطوة لتنفيذ مذكرة التفاهم مع إقليم صوماليلاند التي كان من المقرر بدء تنفيذها في يونيو/حزيران الماضي، وهو ما يعكس رغبة إثيوبيا في حل مشكلاتها مع الصومال قبل الشروع في تنفيذ بنود المذكرة من أجل رفع الضغوط الدبلوماسية عن نفسها".
من جهته، قال المحلل وأستاذ الإعلام أويس حسن لـ"العربي الجديد" إن التحديات "أكبر من الفرص في الوساطة بين الصومال وإثيوبيا التي ترعاها تركيا، إذ إن الرئيس الصومالي أكد الأسبوع الماضي أن بلاده لا تمانع وصول إثيوبيا إلى منفذ بحري، ولكنها ترفض قطعيّاً أن تكون طريقة وصولها إلى البحر على حساب الصومال، في إشارة ضمنية إلى أن بلاده لن تقبل وصول إثيوبيا إلى البحر عبر أراضي إقليم صوماليلاند". ويرى حسن أن "الجانب الإثيوبي ليس مستعداً لخوض تجربة الوصول إلى منفذ بحري عبر مناطق جنوبي الصومال (بالاتفاق مع مقديشو بدلاً من منفذ بحري في إقليم صوماليلاند) نظراً إلى التكلفة المادية الكبيرة لهذا الخيار على أديس أبابا وما يشكله أيضاً من تحدٍّ أمني وهو ما يقلل من فرصة قبول إثيوبيا بالتخلي عن المذكرة" معرباً عن اعتقاده بأن "الرهانات على الوساطة التركية ضعيفة وأن نجاحها يتطلب مزيداً من الجولات والضغوط على كلا الجانبين".
من جهته قال المحلل السياسي والنائب السابق محمد الأمين في حديث لـ "العربي الجديد" إن تركيا لديها "مصالح استراتيجية لدى الجانبين (الصومال، إثيوبيا)، وستحاول لعب دور محايد ما يعني أنها لن تخاطر بعلاقتها مع الدولتين وهذا يعيق نجاح هذه الوساطة على الأقل في الجولات المقبلة"، مضيفاً أن "الخطوة الوحيدة المتوقعة من الوساطة هي إلغاء الخيار العسكري المطروح حالياً في الساحة حيث يلوح الجانب الصومالي به استعداداً للدفاع عن أراضيه بكل الطرق التي تتطلبها الحاجة". ورغم ذلك، اعتبر الأمين أنه "لا يمكن التنبؤ باستحالة نجاج الوساطة التركية، إذ إن توظيف الضغوط الاقتصادية والعسكرية والتعاون مع جهات أخرى سيساهم في تقريب وجهات النظر بين الدولتين ولو مستقبلاً وقد يؤدي إلى تقديم تنازلات جادة لدفع جهود المفاوضات إلى حل الأزمة السياسية بين البلدين".
وكان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود قال بكلمة له في ختام أسبوع الحرية في البلاد بالقصر الرئاسي في العاصمة مقديشو، أمس الاثنين، إنّ إثيوبيا طلبت من أنقرة التوسط مع الصومال لتسوية الأزمة الأخيرة. وأضاف "تلقينا اتصالات من أنقرة حول استعداد إثيوبيا للتفاوض مع الصومال فوافقنا على وساطة تركيا، لأن الصومال كانت مستعدة لإنهاء الأزمة وديّاً، وهذا ما نسعى إليه منذ بدء الأزمة". وأشار إلى أن الوفدين (الصومالي والإثيوبي) لم يجتمعا في مفاوضات مباشرة وإنما عن طريق الوزارة الخارجية التركية، لافتاً إلى أن المفاوضات غير المباشرة لم تسفر عن أية نتيجة ملموسة بعد، واتفق الجانبان على العودة إلى بلادهما للتشاور، إذ سيعقد الجولة الثانية من المفاوضات في سبتمبر/أيلول المقبل.
وكانت إثيوبيا وصوماليلاند وقعتا مذكرة تفاهم بينهما في يناير/كانون الثاني الماضي حصلت أديس أبابا بموجبه على حق استخدام واجهة بحرية في صوماليلاند، وقال رئيس صوماليلاند موسى بيهي عبدي وقتها إن أديس أبابا وعدت بموجب الاتفاق الاعتراف بـ"جمهورية أرض الصومال"، لكن الحكومة الإثيوبية لم تعلن نيتها القيام بذلك إلا أنها أشارت إلى أنها ستجري "تقييماً متعمقاً بهدف اتخاذ موقف بشأن جهود أرض الصومال للحصول على الاعتراف الدولي". وأثارت الاتفاقية حفيظة الصومال الذي اعتبرها تعدياً صارخاً على سيادته، قبل أن تتطور الأزمة إلى طرد السفير الإثيوبي لدى الصومال، مختار محمد واري، واستدعاء السفير الصومالي لدى إثيوبيا، عبد الله محمد ورفا. وهو موقف حظي بدعم من دول ومنظمات عدة بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والتي دعت إلى احترام وحدة الصومال وسيادتها.