يواصل النظام السوري الترويج لتسوياته الأمنية، التي يسوق لها بأنها أشبه بمصالحات داخلية لإعادة الأمن والاستقرار إلى المناطق التي شهدت عمليات عسكرية، مدعيا أن هذه التسويات هي بمثابة عفو عن جميع المطلوبين لسلطات النظام ممن لم تتلطخ أيديهم بالدماء؛ إلا أن الواقع على الأرض يشير إلى غدر النظام السوري وملاحقته عدداً من الأشخاص رغم إجرائهم التسويات واعتقالهم وزجهم في السجون، فيما أفادت مصادر عن وفاة عدد منهم جراء التعذيب.
ويوم أمس السبت، كشف موقع "صوت العاصمة" المعني بأخبار دمشق وريفها عن وفاة أحد معتقلي مدينة الرحيبة، في منطقة القلمون الشرقي بريف دمشق، تحت التعذيب في معتقلات المخابرات الجوية.
وأشار إلى أن الشاب حسن السيد أحمد قُتل في معتقلات "المخابرات الجوية"، بعد قرابة العام على اعتقاله أثناء توجهه نحو العاصمة دمشق قادما من السودان.
وأوضح ذات المصدر أن السيد أحمد عاد من الأراضي السودانية إلى مدينته منتصف عام 2020، بعد إخضاعه لعملية "تسوية أمنية" مُنح بموجبها مهلة ثلاثة أشهر للالتحاق في صفوف جيش النظام لأداء خدمته العسكرية الإلزامية، إلا أنه اعتقل وعذب عاماً كاملاً قبل أن يقتل.
في سياق متصل، عثر أهالي بلدة الصفصاف، غربي الرقة، يوم أمس السبت، على جثتي شابين قيل إنهما أجريا "مصالحة" مع النظام في بلدة السبخة قبل أيام، بحسب مصادر محلية.
كما وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 15 سوريًّا تحت وطأة التعذيب في معتقلات النظام السوري منذ مطلع يناير/كانون الثاني وحتى يوم أمس السبت.
وفي هذا الصدد، قال الناشط الإعلامي في اللاذقية أبو يوسف جبلاوي، لـ"العربي الجديد"، إن عددا من السوريين العائدين من تركيا إلى سورية عبر معبر كسب الحدودي اعتقلوا من المعبر مباشرة بعد عودتهم، رغم إجرائهم تسويات أمنية بعدم الملاحقة.
وأضاف جبلاوي أن أحد هؤلاء المعتقلين مؤخرا هو جندي منشق عن قوات النظام السوري، أجرى تسوية أمنية على المعبر واعتقل بعدها مباشرة من قبل فرع "الأمن العسكري"، وهو من سكان اللاذقية، إذ لم يتم إبلاغ أهله بمصيره منذ اعتقاله قبل نحو 20 يوما وحتى اليوم.
وأطلق النظام السوري، خلال الأشهر الأخيرة، عمليات تسوية واسعة بدأت من محافظة درعا جنوبي البلاد، وامتدت إلى محافظتي دير الزور والرقة شمالي وشرقي البلاد، وصولا إلى محافظة ريف دمشق مؤخرا.
وكانت منظمة العفو الدولية نشرت، في سبتمبر/ أيلول الماضي، شهادات للاجئين سوريين عائدين إلى سورية تعرضوا للتعذيب والاعتقال على يد أجهزة النظام الأمنية، وحمل التقرير عنوان "أنت ذاهب إلى الموت… الانتهاكات ضد اللاجئين السوريين العائدين إلى سورية".