قال معتقل سوري محرر إن مسؤولي النظام يستغلون ملف المعتقلين للحصول على أموال من العائلات، مشيراً إلى أنه خرج من السجن أخيراً، بعد أن دفع مبلغاً كبيراً، رغم مرسوم العفو الذي أصدره رئيس النظام بشار الأسد.
المعتقل محمد شاليش (26 عاماً)، من مدينة صور بريف محافظة دير الزور شرقي سورية، الذي قضى 3 سنوات في سجون النظام، روى ما تعرض له خلال فترة اعتقاله والطريقة التي خرج بها من السجن.
وأوضح شاليش أنه مع تدهور الوضع الاقتصادي، قرر في عام 2019 الذهاب إلى لبنان للعمل، ولكي لا يقع في قبضة قوات النظام، اتفق هو وأصدقاؤه مع مهرّب لكي يعبر بهم الحدود إلى لبنان. وقال إن قوات النظام ألقت القبض عليهم خلال لقائهم المهرب في دمشق، وألقوا بهم في السجن 3 سنوات.
وفي 30 إبريل/ نيسان الماضي، أصدر النظام مرسوماً للعفو عن معتقلين، بعد نشر صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، تسجيلاً مصوراً لمجزرة ارتكبتها قوات النظام في حيّ التضامن بالعاصمة دمشق، راح ضحيتها 41 شخصاً على الأقل.
التهمة: عراقي
قال شاليش إنه اعتقد في البداية أنه سيُطلَق سراحه هو ورفاقه خلال يومين، إلا أنهم نُقلوا من مكان احتجازهم إلى مكان آخر، حيث عُصبت عيونهم وألقوا في زنازين انفرادية، وحينها أدركوا أنهم وقعوا في يد المخابرات.
وذكر أنه حينما خرج من بيته، حمل معه بطاقة هوية قريبه الذي يصغره بالعمر بكثير، لكي لا يُساق إلى الخدمة العسكرية في حال القبض عليه، لكنه من شدة خوفه اعترف بكل شيء، ومن بين ما اعترف به، أن بطاقة الهوية ليست له.
وأوضح أنه بعد افتضاح أمر الهوية، اتهموه بأنه عراقي، وبقي تحت الضرب والتعذيب مدة شهر ونص، ووُجه إليه شتى أنواع السباب والشتائم، وفق سرده.
تعذيب بعد منتصف الليل
وأضاف المعتقل السابق: "بعد شهر ونصف من التعذيب المضني، نُقلت إلى سجن صيدنايا سيّئ الصيت وأُلقي بي في حجرة لا يتجاوز عرضها 3 أمتار مليئة بكثير من المساجين، ولا مكان للجلوس".
وأردف: "نقلنا بعدها إلى زنزانات منفردة، حيث تعرضنا للتعذيب دون تحقيق، وعلقونا في أسقف الزنازين، وكان مؤلماً جداً، وهو أقسى ما تعرضنا له إلى جانب وسائل التعذيب الأخرى، حيث كانوا يسكبون الماء علينا ونحن معلقون بالسقف ويضربوننا".
وتابع: "كانت جلسات التعذيب تحدث بعد منتصف الليل، ووصلنا إلى مرحلة أن تعوَّدناها، لم نكن نتمكن من الذهاب إلى الحمامات، فنضطر إلى قضاء حاجاتنا في مكاننا، وكانوا يجوعوننا ولا يعطوننا سوى 3 حبات زيتون، ورغيف خبز يومياً".
حرق جثث المعتقلين
وتابع: "الكثير من المعتقلين كانوا يمرضون بسبب الوضع المتردي في السجن الذي مكثنا به، ونتيجة عدم توافر الخدمات الصحية توفي عشرات منهم"، موضحاً أن "جثث الموتى تبقى لفترات طويلة قبل حملها، وكثير من تلك الجثث يجري التخلص منها عبر الحرق".
وأفاد بأنه لم يتمكن من التواصل مع عائلته مباشرةً طوال فترة وجوده في سجن صيدنايا، إلا أنه تمكن من إرسال معلومات عن مكان وجوده من طريق أشخاص خرجوا من المعتقل.
وقال إن أهله دفعوا رشىً بمبالغ كبيرة حتى تمكنوا من نقله إلى سجن عدرا في ريف دمشق، وهو أقل قساوة من سجن صيدنايا، ودفعوا مبالغ أكبر لإطلاق سراحه.
وذكر أنه "بالرغم من مرسوم العفو المزعوم، فإن عائلات المعتقلين يدفعون أموالاً طائلة من أجل أبنائهم"، مبيناً أن "المسؤولين عن السجون يحصلون على أموال كبيرة من عائلات المساجين، حيث تحول الأمر بالنسبة إليهم إلى تجارة".
المال مقابل الحرية
وذكر شاليش أنه اتُّهم بالإرهاب وواجه التعذيب ولم يعرض على أي محكمة خلال فترة مكوثه في السجن، وأنه ما زال يعيش حالة صدمة مما عاناه، لافتاً إلى أنه يشعر وكأنه في حلم بعد خروجه من السجن.
وأضاف: "بعد أن دفعت عائلتي المبلغ المطلوب خرجت وعدت إلى بيتي بريف دير الزور، وأشعر بالسعادة لأني نلت حريتي، وأتمنى لزملائي الذين بقوا هناك أن يخرجوا في أقرب وقت".
وقالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في تقرير أخيراً، إن النظام أفرج عن 476 معتقلاً وفق مرسوم العفو الأخير، وما زال لديه قرابة 132 ألف معتقل على خلفية الحراك الشعبي منذ مارس/آذار 2011.
وأضافت الشبكة أن مرسوم العفو هو المرسوم التاسع عشر منذ مارس/ آذار 2011، و"ما زال لدى النظام السوري 87 ألف مختفٍ قسراً، كذلك فإنه لم يتوقف عن عمليات الاعتقال التعسفي".
(الأناضول)