المنظمات الدولية تناقض نفسها

10 أكتوبر 2021
أعادت منظمة الإنتربول فتح مكتبها في دمشق (Getty)
+ الخط -

شكّلت إعادة منظمة الشرطة الجنائية الدولية "الإنتربول" فتح مكتبها في دمشق، وتمكين النظام السوري من الوصول إلى قاعدة بياناتها، صدمة كبيرة لكل من يعوّل على جدوى عمل المنظمات الدولية في تحصيل الحقوق، وذلك بسبب التناقض الجديد والخطير في عمل تلك المنظمات، وفي طريقة تعاطيها مع الأنظمة التي تمارس الإجرام والإرهاب، المثبت بالأدلة من قبل المنظمات الدولية نفسها.

فقد جاء قرار منظمة "الإنتربول" بإعادة فتح مكتبها في دمشق في العام نفسه الذي اتهمت فيه لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سورية نظام بشار الأسد بشن اعتقالات تعسفية، وعمليات تعذيب وإعدام فوري للسجناء أثناء الاحتجاز، بالإضافة إلى انتهاكات تشكل جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية. هذا الأمر يجعلنا أمام جهة دولية تتيح لنظام مجرم ومدان من قبل جهة دولية أخرى، الوصول إلى بياناتها، وتنصب رموز هذا النظام الذين من المفترض أن يكونوا على لوائحها السوداء، كقيمين على تصنيف من يشاؤون من معارضيهم كمجرمين، علماً أن النظام وقبل أن يتاح له الوصول إلى قاعدة بيانات الإنتربول، كان يقوم بالكثير من الممارسات القذرة بحق من يعارضه بالرأي من خلال تلفيق تهم جنائية لهم. وباع في عام 2014 مئات جوازات السفر عبر سماسرة إلى معارضين، ثم قام بتعميم أرقام تلك الجوازات على أن تنظيم "داعش" استولى عليها وهي الآن بحوزة إرهابيين، وذلك بهدف شل حركة المعارضة والتسبب باعتقالات لكل من استخدم تلك الجوازات. إلا أن تلك اللعبة وعلى الرغم من انكشافها بسبب طبيعة الشخصيات التي تم تعميم أرقام الجوازات التي تحملها، والتي كان معظمها ضمن الهيئات السياسية للمعارضة، وعلى الرغم من تغاضي الكثير من الدول عنها إلا أن عدداً منهم تم منعهم من الحصول على تأشيرات سفر وتم وضع إشارة إلى جانب أسمائهم على اعتبار أن لديهم مشكلة مع منظمة الإنتربول، الأمر الذي من شأنه أن يتيح الآن للنظام التلاعب بشكل أكبر بمصائر معارضيه، وتلفيق تهم جنائية لهم ووضع أسمائهم على لوائح الإنتربول. كما من شأنه أن يعرقل طلبات اللجوء للكثير ممن هربوا من الحرب التي يشنها النظام على شعبه.

وكانت منظمة دولية أخرى هي "الاتحاد البرلماني الدولي" وبالاشتراك مع الأمم المتحدة قد دعت النظام السوري للمشاركة في المؤتمر العالمي الأول لمكافحة الإرهاب، في الوقت الذي أثبتت فيه منظمات دولية أخرى ممارسة هذا النظام للإرهاب وارتكاب مجازر وجرائم حرب بأسلحة محرمة دولياً، وبالتالي حولت النظام من إرهابي مدان إلى مكافح للإرهاب.

تعاطي المنظمات الدولية مع النظام السوري بهذه الطريقة المتناقضة من شأنه أن يُفقد تلك المنظمات مصداقيتها كونها لا تأخذ بتقارير مثيلاتها من المنظمات، ولأنها تشجع الأنظمة التي تمارس الإجرام والإرهاب بحق شعوبها على الاستمرار في أعمالها من دون أي رادع.

المساهمون