الملف الليبي في بيان قمة الدول العربية: لغة عمومية وتجاهل لجوهر الخلاف

03 نوفمبر 2022
لم يوضح البيان حجم الاختلاف في الرؤى بشأن ليبيا (Getty)
+ الخط -

لم يحمل البيان الختامي للقمة العربية، التي اختتمت أمس الأربعاء في العاصمة الجزائرية، وضوحاً كاملاً بشأن الملف الليبي وموقف القادة العرب منه، إذ خلا البيان من أي ذكر لجوهر الخلاف الليبي حول الانتخابات، والمتجسد في عدم توافق مجلسي النواب والدولة على القاعدة الدستورية والخلاف على السلطة.

ولم يوضح البيان حجم الاختلاف في الرؤى بشأن ليبيا، لدى الجزائر المستضيفة للقمة والداعمة لحكومة الوحدة الوطنية، والقاهرة الداعمة للحكومة المكلفة من مجلس النواب.

وأعرب البيان الختامي للقمة عن "التضامن الكامل مع الشعب الليبي، ودعم الجهود الهادفة لإنهاء الأزمة الليبية، من خلال حل ليبي- ليبي، يحفظ وحدة وسيادة ليبيا، ويصون أمنها وأمن جوارها، ويحقق طموحات شعبها في الوصول إلى تنظيم الانتخابات في أسرع وقت ممكن لتحقيق الاستقرار السياسي الدائم".

ترحيب حكومي بالبيان

من جهته، رحب رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بتأكيد البيان على أولوية الانتخابات". وقال: "الآن أصبح موقف الأشقاء العرب أكثر تقارباً، وصوت الليبيين أكثر وصولاً"، مطالباً بـ"عدم التمديد للأجسام الحالية، وسرعة إجراء الانتخابات".

كما أثنى رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب الليبي فتحي باشاغا، في بيان، على الموقف العربي المتضامن مع ليبيا "ودعم الحل الليبي، وصولاً إلى الانتخابات".

ويرجع الناشط السياسي الليبي، أشرف النيهوم، أسباب ترحيب الدبيبة وباشاغا ببيان القمة إلى "عدم توغل بيانها في جزئيات الملف الليبي".

وأوضح، في حديث لـ"العربي الجديد"، بالقول: "البيان خلا من أي ذكر لجوهر الخلاف الليبي حول الانتخابات، والمتجسد في عدم توافق مجلسي: النواب والدولة على القاعدة الدستورية، وبالتحديد مادتي: ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، كما لم يتطرق للخلاف على السلطة بين الدبيبة وباشاغا".

وبالتزامن مع اليوم الختامي للقمة، صوت المجلس الأعلى للدولة على مواد القاعدة الدستورية، وأحالها للجنة الدستورية بالمجلس لصياغتها في شكل النهائي قبل إحالتها إلى مجلس النواب.

ويرى النيهوم أن خطوة المجلس الأعلى للدولة بشأن القاعدة الدستورية "هدفها تعقيد المشهد قبل أن تطرح البعثة الأممية أي مبادرة، وهي محاولة لوضع الكرة في ملعب مجلس النواب وإظهاره في موقف المعرقل، كما عودنا مجلس الدولة في كل مرة يتقارب فيها مع مجلس النواب يعقبه موقف معرقل، وهو ما حدث الآن بعد أيام من لقاء رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح في الرباط والاتفاق على التقارب بشكل متواز".

الاختلاف المصري الجزائري حول الملف الليبي

وحول آثار البيان الختامي للقمة العربية على تجسير هوة اختلاف الرؤى المصري والجزائري في الملف الليبي، لا يعتقد النيهوم بوجود تقارب مصري جزائري حول الملف، وبرأيه "هذا ما أبعد بيان الختام عن الخوض في التفاصيل، حيث يكمن الخلاف بين جاري ليبيا من الشرق والغرب". ويضيف: "الموقف المصري لا زال داعماً للحكومة الشرعية المكلفة من النواب، ولم تصدر أي بوادر لتغيير الموقف من حكومة الدبيبة".

على خلاف ذلك، يرى الكاتب الصحافي والمحلل السياسي، عبد الله الكبير أن "الاعتراف العربي بحكومة الدبيبة مستمر، بناء على استمرار الاعتراف الدولي. مع التأكيد على وجود أزمة سياسية ونزاع حول الشرعية".

وقال الكبير لـ"العربي الجديد": "الجزء الخاص بليبيا في البيان الختامي للجامعة جاء بلغة عمومية قابلة للتأويل، ولم يلب المطالب المصرية كاملة، ولا حكومة الدبيبة أو أي طرف آخر في الأزمة، لذلك فسرت كل الأطراف الليبية البيان على ما تهوى".

وفي نظر الكبير، "ما زال التوافق المصري الجزائري حول ليبيا بعيداً"، مضيفاً بالقول: "الجزائر بمنأى عن التدخل المباشر، ورؤيتها تقوم على ضرورة الحوار والمصالحة بين كل الأطراف، وحسم الصراع السياسي عبر الانتخابات، بينما ما تزال مصر متمسكة بحلفائها في الشرق، وتعمل على تمديد المرحلة الانتقالية، خشية من سقوط حلفائها إذا جرت الانتخابات ووقع تغير حاد في المعادلة السياسية قد يفقدها أوراقها في ليبيا".

وبشكل عام، يرى الكبير أن "تأثير الجامعة العربية على الأزمة محدود، ومن غير المتوقع أن تكون هناك أي فعالية للقرار العربي"، لذلك يُتوقع "استمرار الدول المنخرطة بالصراع في تنفيذ أجندتها، ورعاية مصالحها، بصرف النظر عما إذا كان هذا التوجه منسجما مع ما جاء في البيان أم لا".

وفي رأي ثالث، يعتبر الأكاديمي الليبي خليفة الحداد أن الموقف العربي "لن يؤثر بأي شكل من الأشكال في اتجاه التغيير الإيجابي في الملف الليبي"، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "القمة أرضت الجميع، ففي الاجتماعات التحضيرية للقمة على المستوى الوزاري كانت نجلاء المنفوش وزيرة الخارجية بحكومة الدبيبة هي ممثل ليبيا، لكن في القمة على مستوى الرؤساء كان رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي هو الممثل، وهو شخصية لا تزعج السياسات المصرية وليس له أي خلاف مع القاهرة".

ويضيف الحداد: "مثل هذه التصرفات لا توحي برغبة عربية في تحول مواقفها نحو التوافق حول حل ليبي، ما دامت تتعامل بهذه الازدواجية حتى مع القادة الليبيين".

المساهمون