المقاومة تحت جلد الفلسطيني

01 ديسمبر 2023
من تظاهرة في الدنمارك دعماً للفلسطينيين (العربي الجديد)
+ الخط -

استدعت إدارة مدرسة دنماركية أماً شابة، ولدت وكبرت في الدنمارك، للشكوى من أن صغيرها "يرفع علم فلسطين ويردد هتافاً عن الأطفال". في الظروف "الطبيعية" كان يمكن لإجابة هذه الشابة التسبب بعديد المشاكل، إذ أجابتهم صراحة: "حين كنت في سنه كنت مثله، فأنا ولدت وكبرت هنا على وقع استمرار الاحتلال (الإسرائيلي)، وبالتالي لا أحد في هذا العالم، حتى أنا، يستطيع أن يقول لطفل ما عليه أن يفكر فيه ويشعر به، هو يهتف بما سمعه في الشارع عن حق الأطفال في غزة بالحياة".

في تظاهرة منددة بالعدوان على غزة وقفت تراقبها شابة أوروبية، التقطتها العدسة باكية من ذات هتاف الطفل. بالتالي، فإن المسألة الفلسطينية عادت اليوم لدى رأي عام واسع لتكون قضية شعب مُحتل وحقه بالمقاومة، وذلك بعد جهود طمسها، وتحويلها إلى "مسألة سكان" و"مجموعات" يمكن توزيعهم بالـ"ترانسفير" إلى بعض الدول لـ"إعادة توطينهم"، إفساحاً بالمجال، برعاية رسمية، لعتاة التطرف الاستيطاني.

حصار غزة، الذي دمّر مقومات حياتها واقتصادها، وإغلاق نحو 80 في المائة من مصانعها، وإجراءات طويلة أخرى تتعلق بكرامة وحق الناس في الحياة، كلها مع غيرها الكثير وليدة ممارسات موثقة بعد اتفاق أوسلو. قس على ذلك تدمير مقومات حياة سكان الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وجعل حياة "المواطنين" من فلسطينيي الـ48 أشبه بمعاملة سلطات الأبرتهايد لكانتونات السود في جنوب أفريقيا سابقاً.

إذاً، 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي لم يكن سوى جزء من حالة أوسع. هذا دون توسيع النقاش إلى 75 عاماً منذ النكبة، وملايين اللاجئين بسبب مذابح عصابات احتلالية إحلالية، والتي فضحت طبيعتها الحرب على غزة.

فبعض الغرب الذي "فوجئ"، وهو يدرك، على الأقل استخبارياً، بأن الأوضاع المتراكمة ستنفجر، أوصله ارتباكه إلى حد الإعلان أن مثل تلك الأم "لم تتبنَ قيمنا" (أعلنتها رئيسة الوزراء الدنماركية ميتا فريدركسن صراحة). وبالطبع يتناسى أنها ذات القيم عن حق الحرية والكرامة وتقرير المصير، فوقع في مطب كارثي تحت يافطة "ازدواجية المعايير"، أو ما تسميه التظاهرات في شوارعهم "نفاقاً".

لعلهم اليوم يقتربون من النزول عن الأشجار العالية التي حددها لهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير عن "وأد المقاومة"، مدركين أن روح المقاومة والتمرد على الخنوع عند الفلسطيني أينما ولد وكبر، هي "تحت الجلد"، من المهد إلى اللحد. وبالتأكيد يراقبون توسع هتافات الشارع الفلسطيني للمقاومة بعد إطلاق الأسرى.

المساهمون