وقّع المغرب وهولندا، الثلاثاء، "خطاب نوايا"، يحدد مجالات وأشكال التعاون الأمني الثنائي لمواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، وذلك في خطوة تشير إلى الانفراج في الأزمة التي مرت بها العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة، على خلفية احتجاجات "حراك الريف" التي شهدتها منطقة الحسيمة في عامي 2017 و2018.
وأعلنت المديرية العامة للأمن الوطني أن الاتفاق الثنائي ينطلق من الرغبة المشتركة في توطيد علاقات التعاون الأمني بين مصالح الأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني (المخابرات الداخلية) من جهة، والشرطة الهولندية من جهة ثانية، كما يهدف إلى تثمين وتقوية هذا التعاون، بشكل يسمح بضمان التصدي الحازم والفعال للتحديات التي تطرحها الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية والتهديدات المرتبطة بالخطر الإرهابي والتطرف العنيف.
وأوضحت المديرية، في بيان لها، أن "خطاب النوايا" الموقّع بين الشرطة المغربية ونظيرتها في هولندا يشكل "إطاراً اتفاقياً" لتنظيم ودعم التعاون الثنائي، يحرص فيه الطرفان على تبادل المعلومات وتعزيز التعاون في مجال الأبحاث الجنائية والتكوين الشرطي، وكذلك تقاسم الخبرات والتجارب والمعرفة المرتبطة بالعمل الأمني.
كذلك يحدد هذا الخطاب نطاق التعاون، الذي يبقى قابلاً للتطوير كلما فرضت مصلحة الطرفين ذلك، في ميدان مكافحة الإرهاب والتطرف، وجرائم المخدرات والاتجار غير المشروع في الأسلحة النارية، والجرائم المالية والاقتصادية، بما فيها غسيل الأموال المتأتية من أنشطة محظورة، والاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، وكذلك الجرائم السيبرانية المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة.
وقالت المديرية إنه "حرصاً على تنسيق الجهود المشتركة، وضمان نجاعة وسرعة التعاون الثنائي بين الطرفين تم تعيين نقطة اتصال مركزية على مستوى المديرية العامة للأمن الوطني، وكذلك على صعيد شرطة الأراضي المنخفضة، يعهد لهما بمهام تسهيل وتسريع تبادل المراسلات والاتصالات والطلبات التي يقتضيها التعاون الثنائي بين الطرفين في المجال الأمني".
وحسب المديرية العامة، فإن توقيع المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني ومفوض شرطة الأراضي المنخفضة على "خطاب النوايا" المشترك يؤشر إلى مدى الأهمية المتزايدة التي يكتسيها التعاون الدولي الثنائي والمتعدد الأطراف في المجال الأمني، خصوصاً في ظل تنامي البعد العابر للحدود الوطنية لمختلف صور الجريمة المنظمة، وأيضاً تزايد مخاطر التهديد الإرهابي على الصعيد العالمي.
وتشكل آلية التعاون والتنسيق الأمني أحد محاور الشراكة الاستراتيجية التي تجمع المغرب بعدد من الدول الأوروبية (منها: فرنسا، بريطانيا، إسبانيا، إيطاليا)، ويأتي التوقيع على الاتفاق الأمني في سياق عودة الدفء إلى العلاقات بين الرباط وأمستردام، التي عاشت نحو ثلاث سنوات توتراً وخلافاً جراء تقديم وزير الخارجية الهولندي السابق ستيف بلوك تقريراً حول احتجاجات "حراك الريف" أمام لجنة الخارجية في برلمان بلاده.
وزاد من تفاقم الأزمة قيام وفد من البرلمان الهولندي، ترأسته رئيسة الحزب الاشتراكي ليليان مراينيسن، والبرلمانية عن الحزب نفسه سادات كارابولوت، بزيارة إلى الحسيمة في يناير/ كانون 2019، والتقى بعائلات معتقلي "حراك الريف"، وفي مقدّمتهم أحمد الزفزافي، والد ناصر الزفزافي، قائد الحراك.
وأثارت خطوة البرلمان الهولندي حفيظة الحكومة المغربية التي أعلنت، في فبراير/ شباط 2020، رفضها التقرير حول ملف "حراك الريف"، مؤكدة أن "المملكة دولة ذات سيادة ولا تقبل تدخل أي جهة في شؤونها الداخلية كيفما كان".
ووصل التوتر ذروته، حينما وجّهت هولندا، في مارس/ آذار 2020، اتهامات إلى المغرب بعدم السماح لها بترحيل مواطنيها، الحاملين للجنسية المغربية، وعدم الترخيص لها لإجراء رحلات استثنائية، ورد المغرب باتهام السلطات الهولندية بـ"التمييز" في إعادة المغاربة الحاملين للجنسية المزدوجة، قبل أن "تطرح نفسها كمدافعة عن حقوقهم لدى الدولة المغربية".
بدأ الدفء يعود إلى العلاقات بين البلدين بعد التوقيع في 9 يوليو/ تموز 2021 بالرباط على خطة عمل مشتركة من أجل تعزيز التعاون الثنائي، تروم على وجه الخصوص تكريس التزام البلدين بتعزيز علاقاتهما الثنائية، وتأكيد احترام سيادة ومؤسسات كل منهما، وتوطيد قواعد الشراكة على أساس احترام المصالح المشتركة للبلدين.