احتضنت العاصمة المغربية الرباط، الثلاثاء، الاجتماع الثالث للجنة العسكرية المختلطة بين المغرب وموريتانيا لبحث سبل تعزيز التعاون العسكري الثنائي بين البلدين، برئاسة كل من الجنرال دوكور دارمي، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، قائد المنطقة الجنوبية، والجنرال دو ديفزيون، والمختار بول شعبان، قائد الأركان العامة للجيوش الموريتانية.
وقال بيان للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية إن الاجتماع الثالث للجنة العسكرية المختلطة، المنعقد اليوم، تناول حصيلة أنشطة التعاون الثنائي برسم سنة 2021، والأنشطة العسكرية المخطط لها لسنتي 2022-2023، المرتبطة أساساً بمجالات التكوين والتدريب العملياتي، والدعم التقني وتبادل الزيارات والخبرات.
ويشمل التعاون العسكري بين القوات المسلحة لكلا البلدين، تبادل الزيارات الاستطلاعية والمشاركة في مختلف التدريبات والدعم التقني والدورات التكوينية، ويجري تكوين المتدربين الموريتانيين في مراكز التكوين التابعة للقوات المسلحة الملكية منذ عام 1970، كذلك عُزِّز التعاون العسكري المغربي الموريتاني بتوقيع مذكرة تفاهم بالرباط في 21 يوليو/ تموز 2006 تتعلق بإحداث اللجنة العسكرية المختلطة.
من جهة أخرى، كان لافتاً تأكيد الجانبين خلال المباحثات التي أجراها المسؤول العسكري الموريتاني مع الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف إدارة الدفاع الوطني عبد اللطيف لوديي، "ضرورة تعميق وتوسيع نطاق التعاون العسكري الثنائي في مجال الدفاع والأمن، فضلاً عن تعزيز تبادل الخبرات والتجارب بين القوات المسلحة في البلدين بهدف مواجهة التهديدات والتحديات الأمنية، وخاصة مكافحة الهجرة غير الشرعية والتهريب".
وأشاد المسؤولان، خلال المباحثات، بجهود المغرب وموريتانيا في تعزيز التعاون الإقليمي في غرب البحر الأبيض المتوسط في إطار مبادرة "5+5 دفاع" بمناسبة الرئاسة الموريتانية عام 2021، ورئاسة المملكة المغربية عام 2022. ويتطلع المغرب وموريتانيا إلى تحقيق المزيد من التقارب من خلال التعاون في العديد من المستويات العسكرية والأمنية والاقتصادية وغيرها.
وفي السياق، شكلت الدورة الثامنة للجنة العليا المشتركة، التي انعقدت في 11 مارس/ آذار الماضي بالعاصمة المغربية، بعد تسع سنوات من التوقف، وترأسها كل من رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، والوزير الأول الموريتاني محمد ولد بلال مسعود، بمشاركة وفود من مختلف القطاعات الوزارية في البلدين، فرصة لبحث آفاق جديدة لتوطيد علاقات التعاون بين المغرب وموريتانيا، ومناسبة لإرساء شراكات مثمرة في العديد من المجالات.
وشهدت العلاقات بين الجارين طوال العقد الماضي، وحتى مع وصول الرئيس الموريتاني الجديد إلى السلطة، حالة من الفتور والتوتر بسبب ارتباطات جبهة "البوليساريو" بالنظام والقوى السياسية في هذا البلد، غير أن إعلان الملك محمد السادس في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الموريتاني ولد الشيخ الغزواني استعداده لزيارة نواكشوط، اعتبر من قبل مراقبين انعطافة جديدة في العلاقات، ومدخلاً لتقارب بين الرباط ونواكشوط، سيكون له أثر إيجابي على النزاع في الصحراء، وكذا على انعكاسات التوتر الصامت بين البلدين، رغم تأكيد الجانب المغربي، منذ وصول ولد الشيخ الغزواني إلى الرئاسة، على "ألا تكون العلاقة مع موريتانيا علاقة عادية، بل علاقة استثنائية، بحكم ما يميزها من تاريخ ووشائج إنسانية وجوار جغرافي".
وعاشت موريتانيا خلال الأشهر الماضية بعد أزمة معبر الكركرات، جدلاً ونقاشاً حول علاقاتها بـ"البوليساريو" نتيجة ما لحق مصالحها من أضرار، وما ترتب من انعكاسات على أسواق الاستهلاك الموريتانية المعتمدة على المعبر، الذي يعتبر حيوياً، سواء للتصدير أو الاستيراد، ليس فقط مع المغرب، بل مع أوروبا من جهة، وباقي بلدان غرب أفريقيا من جهة أخرى.