أحيا نشطاء بالمغرب، مساء الإثنين، الذكرى الـ12 لانطلاق احتجاجات "حركة 20 فبراير"، النسخة المغربية من الربيع العربي، من خلال وقفات احتجاجية دعت إليها "الجبهة الاجتماعية المغربية" تنديدا بـ"الغلاء ومن أجل انتزاع المطالب والحريات".
وشهدت نحو 45 مدينة مغربية وقفات احتجاجية إحياء لذكرى انطلاق حركة 20 فبراير في العام 2011، وفق ما كشف عنه المنسق الوطني لـ"الجبهة الاجتماعية المغربية" يونس فراشن لـ"العربي الجديد".
وبالعاصمة الرباط تظاهر عشرات النشطاء، في وقفة دعت إليها "الجبهة الاجتماعية المغربية" أمام مقر البرلمان المغربي، منددين بارتفاع الأسعار وللمطالبة بالحد من الغلاء، وتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية.
وردد المحتجون، خلال الوقفة الاحتجاجية التي دامت لأكثر من ساعة، شعارات من قبيل: "باركا من الغلا" (كفى غلاء)، و"الشعب يريد سراح المعتقل"، و"الموت ولا المذلة"، وأخرى خاصة بحركة 20 فبراير من قبيل "حرية كرامة عدالة اجتماعية". كما رفع المحتجون لافتات كتب عليها "موحدون ضد الغلاء وتفقير شعبنا"، و"باش حنا (بما نحن) مواطنين لا حقوق لا قوانين".
ويأتي ذلك في وقت يعرف فيه المغرب مؤشرات احتقان اجتماعي متصاعد من جراء التهاب الأسعار، وسط اتهامات للحكومة بـ"التلكؤ" في اتخاذ إجراءات كافية لدعم المواطنين من الطبقتين الفقيرة والمتوسطة.
وبدا لافتا، خلال الأيام الماضية، حجم الغضب الشعبي وتعبير المعارضة والمركزيات النقابية (الاتحادات العمالية) عن قلقها من تردي الأوضاع الاقتصادية جراء السياسة التي تنتهجها الحكومة في التعاطي مع ارتفاع أسعار عدد من المواد الاستهلاكية، ما انعكس على جيوب المواطنين وعلى قدرتهم الشرائية.
وقال فراشن إن "البلاد تعرف ارتفاعا في الأسعار وغلاء غير مسبوق وانهيارا للقدرة الشرائية للمواطنين دون أن تكون هناك إجراءات عملية من قبل الحكومة، وإنما مجرد خطابات في وسائل الإعلام والبرلمان".
وأضاف: "صحيح هناك أزمة تضخم في العالم، لكن ليست هي السبب الوحيد لغلاء المعيشة في المغرب، وإنما أيضاً ما يعيشه البلد من مضاربة واحتكار وأساليب ريعية".
وتابع قائلا "صبر المغاربة نفد، لذا خرجنا للتعبير عن غضبنا مما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية دون نسيان ما تعيشه البلاد من ردة حقوقية كانت آخر صورها المنع الذي طاول المسيرات الاحتجاجية التي كانت تعتزم نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تنظيمها، الأحد، احتجاجا على غلاء المعيشة. كما أن هناك ضربا للمكتسبات وتضييقا على الحقوق والحريات".
وكان الآلاف من المغاربة قد خرجوا، في 20 فبراير/ شباط 2011، إلى شوارع المملكة للاحتجاج، بناء على دعوة أطلقتها حركة شكلها شباب من تنظيمات سياسية ومستقلين عبر منصات التواصل الاجتماعي، مطالبين بالعدالة الاجتماعية والحرية والكرامة، والفصل بين الثروة والسلطة في المناصب الحكومية، ومحاكمة الضالعين في قضايا فساد واستغلال نفوذ ونهب ثروات المملكة.
كما طالبوا وقتها باستقلال القضاء وحرية الإعلام وإقامة ملكية برلمانية وإجراء انتخابات نزيهة ووضع دستور جديد، وذلك في سياق ثورات الربيع العربي التي أطاحت عدة أنظمة عربية حاكمة.
وبعد أقل من شهر من الاحتجاجات، سارع العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى وضع أجندة للإصلاح من خلال خطابه في 9 مارس/ آذار 2011، وأقرّ تعديلات دستورية قلّصت من صلاحياته في الحكم، ووسعت من صلاحيات رئيس الحكومة. غير أن شباب الحركة لم تقنعهم تلك الإصلاحات، وعدّوها "التفافاً" على مطالبهم الرئيسية، وقضوا ما يزيد عن العام في معارضتها، قبل أن يبدأ الزخم الشعبي الذي كان يحركهم في الخفوت لأسباب ذاتية وأخرى خارجية.
ومن اللافت على امتداد السنوات الـ12 الماضية تحول ذكرى "حركة 20 فبراير" إلى مناسبة تعود فيها الهيئات الحقوقية والمدنية والسياسية والنقابية للاحتجاج والمطالبة بمزيد من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، في إشارة إلى أن الأوضاع تكاد تشبه، إلى حد كبير، تلك التي دفعت في 20 فبراير/ شباط 2011 آلاف المغاربة للخروج إلى الشارع للتظاهر والاحتجاج.