المحكمة الدستورية تقر تعديل "القاسم الانتخابي": صفعة للعدالة والتنمية المغربي

09 ابريل 2021
استبعاد طلب التحكيم الملكي (فاضل سنة/فرانس برس)
+ الخط -

أجهضت المحكمة الدستورية آمال حزب "العدالة والتنمية"، قائد الائتلاف الحكومي الحالي في المغرب، بإسقاط تعديل القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية، بعدما قضت، اليوم الجمعة، بدستورية مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان).

وخلصت المحكمة الدستورية، في حكمها المنشور اليوم، إلى أن القانون التنظيمي رقم 04.21 بتغيير وتتميم القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، ليس فيه ما يخالف الدستور.

وقالت المحكمة الدستورية، في القرار الذي اطلع "العربي الجديد" على نسخة منه، إنه لا يندرج ضمن صلاحياتها التعقيب على السلطة التقديرية للمشرع في شأن اختيار نوعية التدابير التشريعية التي يرتضيها، أو المفاضلة بين اختيارات تشريعية ممكنة، أو اقتراح بديل تشريعي من شأنه أن يحقق الغايات الدستورية نفسها، طالما أن ذلك لا يمس بأحكام الدستور.

وأمرت المحكمة الدستورية، في قرارها، بتبليغ نسخة من قرارها بشأن القانون التنظيمي لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني، وبنشره في الجريدة الرسمية ليصبح بذلك ساري المفعول.

وبصدور حكم المحكمة الدستورية يكون "العدالة والتنمية " قد خسر الجولة الأخيرة من معركة إقرار تعديل احتساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية العامة بدل الأصوات الصحيحة المعمول بها حالياً.

ويبقى خيار لجوء الحزب إلى التحكيم الملكي كخطوة أخيرة من أجل إسقاط التعديل، الذي كان محط خلاف بين الحزب وباقي الأحزاب الممثلة في البرلمان المغربي (أغلبية ومعارضة)، مستبعدا، على اعتبار أن إقرار المحكمة الدستورية للتعديلات التي تضمنها القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، لا سيما المادة 84 منها، لا يترك له أي إمكانية أخرى دستوريا للإطاحة بها. كما أن اللجوء إلى تحكيم ملك البلاد يقتضي وجود تنازع بين المؤسسات يمس بسيرها العادي، وهو ما لا ينطبق على حالة إقرار تعديل القاسم الانتخابي على أساس المسجلين.

وفي تعليقه على قرار المحكمة الدستورية، اعتبر أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة رشيد لزرق أن قرار المحكمة صائب، لكون تحديد هندسة نمط الاقتراع هو اختصاص أصيل للبرلمان، ولا يدخل في اختصاص المحكمة الدستورية، لافتا، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن المشرع  المغربي نص في الفقرة الثانية من الفصل 62 من الدستور على أنه "يبين قانون تنظيمي عدد أعضاء مجلس النواب ونظام انتخابهم ومبادئ التقسيم الانتخابي، والشروط القابلة للانتخاب، وحالات التنافي، وقواعد الحد من الجمع بين انتدابات ونظام "المنازعة الانتخابية"، وذلك خلافا لبعض التجارب الدولية التي نصت على تحديد نمط الاقتراع، كالتجربة الهندية، لكي لا يترك للفاعلين السياسيين مهمة تغيير نمط الاقتراع.

وكان "العدالة والتنمية" قد نقل حربه لإسقاط تعديل القاسم الانتخابي على أساس المسجلين إلى المحكمة الدستورية، بعدما تقدّم، في 23 مارس/ آذار الماضي، بطعن في المادة 84 من مشروع القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، باعتبارها تتضمن مقتضيات غير دستورية، قبل أن يتبعها بمذكرة طعن أخرى، في 24 مارس الماضي، تستهدف مشروع القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية (البلديات، المجالس الجهوية).

وعلى امتداد الأسابيع الماضية، تمسك حزب رئيس الحكومة سعد الدين العثماني برفضه القاطع لإقرار تعديل القاسم الانتخابي، والذي سيحدد إلى مدى بعيد، وربما حاسم، نتائج الانتخابات المقبلة، وطبقاً لذلك طبيعة الخريطة السياسية والحكومة المقبلتين.

وسيمكّن إقرار التعديل الخاص بالقاسم الانتخابي من منع الحزب، الذي سيحصل على أكبر عدد من الأصوات، من الحصول على أكثر من مقعد واحد في الدائرة الانتخابية، وهو ما قد يحرم حزب "العدالة والتنمية" في حال فوزه من نحو 40 مقعداً، ومن تكرار سيناريو اكتساحه لصناديق الاقتراع في 2016 بحصوله آنذاك على 125 مقعدا.

واعتبر الحزب أن احتساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين سيحول العملية الانتخابية إلى توزيع للمقاعد بين الأحزاب المشاركة بالتساوي وبدون منافسة، وسيؤدي إلى بلقنة المشهد السياسي، كما أنه "يضرب أساس العملية الديمقراطية، وهي المنافسة، في عمقها، ويضر بنسب المشاركة التي ستكون بدون جدوى". 

كما لفت إلى أن التعديل "يخالف الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، ويعاكس المراجع الفقهية والتجارب المقارنة الفضلى، ويشكل تراجعا وانتكاسة خطيرة للديمقراطية التمثيلية بالبلاد".

واقترحت أحزاب "الأصالة والمعاصرة" و"الاستقلال" و"التقدم والاشتراكية"، في تعديلاتها على مشاريع القوانين الانتخابية، تعديل المادة 84 من مشروع القانون التنظيمي، بالتنصيص على توزيع المقاعد على اللوائح بواسطة "قاسم انتخابي" يُستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين المقيدين بالدائرة الانتخابية على عدد المقاعد المخصصة لها، وتوزع المقاعد الباقية حسب قاعدة أكبر البقايا، وذلك بتخصيصها للوائح التي تتوفر على الأرقام القريبة من القاسم المذكور.

وعللت ذلك التعديل بـ"تحقيق تمثيلية موسعة للناخبين برسم الدائرة المحلية، وفتح المجال أمام كافة القوى السياسية للمشاركة في القرار من خلال المؤسسة التشريعية".

المساهمون