المعتقلون السياسيون في تونس يراسلون المنظمات الحاصلة على نوبل للسلام لتصحيح المسار والدفاع عن الحقوق والحريات
وجّه عدد من المعتقلين السياسيين في تونس أخيراً رسالة إلى المنظمات التونسية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام وخاصة إلى الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يحيي اليوم الذكرى الـ78 لتأسيسه طالبوا من خلالها بتصحيح المسار وإعلاء كلمة الحق في الدفاع عن الحقوق والحريات.
وطالب المعتقلون؛ وهم الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، والأمين العام السابق للتيار الديمقراطي غازي الشواشي، وعضو جبهة الخلاص الوطني جوهر بن مبارك، والناشطان السياسيان خيام التركي ورضا بلحاج، المنظمات المعنية، كاتحاد الشغل والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وعمادة المحامين واتحاد الصناعة والتجارة، بموقف حازم في الدفاع عن حرية وكرامة كل التونسيين والتونسيات والذي تنص عليه القوانين الداخلية لهذه المنظمات ولأنه من صميم مسؤوليتهم كرباعي راعٍ للحوار الوطني وضع أسس المسار السياسي من دستور وانتخابات ومؤسسات في 2013.
وأكد المعتقلون في رسالتهم أن الاختلاف في المواقف السياسية والتقييمات حول ما حصل في 25 يوليو/ تموز 2021 (حين بدأ الرئيس التونسي قيس سعيّد في التفرد بالحكم) لا يمكن بأية حال أن يكون سبباً في غض النظر عمّا تعرضت له البلاد من هجمة شرسة على السلطة القضائية، وحل المجلس الأعلى للقضاء المنتخب، وإيقاف أكثر من خمسين قاضياً عن العمل وترهيب القضاة وتحذيرهم من مخالفة السلطة، الأمر الذي أدى إلى إفراغ مبدأ العدالة والأمن القانوني.
وأضافوا أن تونس تشهد موجة من الاعتقالات غير المسبوقة والمبنية على ملفات ملفقة وفاقدة لأدنى مصداقية وخاوية من الأدلة والبراهين المادية، وهي قضايا نالت من جميع شرائح المجتمع وطبقاتها وتوجهاتها الفكرية والسياسية ولم ولن يسلم منها أحد إذا ما تمادت على هذا النسق الجنوني.
وأفاد المعتقلون بأن هذه المنظومة كلما تفاقم عجزها في حل المشاكل القائمة زادت شراستها ووسعت من جبهاتها وكثفت من افتعال القضايا والإحالات على التحقيق والإيقاف لإزاحة كل من تراه يقف في طريقها لإعادة نظام الحكم الفردي الاستبدادي ولو كان ثمن ذلك انهيار الاقتصاد التونسي وتقسيم التونسيين من خلال خطاب التخوين.
تعليقاً على ذلك، قال عبد العزيز الشابي، ابن الأمين العام للحزب الجمهوري، عصام الشابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "من واجب المنظمات التي رعت سابقاً الحوار الوطني أن تلعب دوراً، فقد كانت حاضرة في المحطات التاريخية الكبرى وآخرها قيادتها للحوار الوطني في 2013 وتوجت مجهوداتها بجائزة نوبل للسلام، وكان ذلك لحظة تاريخية ومفصلية".
وأكد أن "المعتقلين السياسيين لم يطلبوا من هذه المنظمات التسيس أو التدخل الحزبي أو الاصطفاف لجهة ما ولكن مطلبهم هو نصرة الحقوق والحريات والدفاع عنها ورفع المظالم عن المظلومين".
ولفت الشابي إلى أن "العديد من المظلومين هم من مناضلي الاتحاد العام التونسي للشغل وطبيعي أنه في ذكرى تأسيس الاتحاد أن تكون الرسالة موجهة اليوم إلى هذه المنظمة العريقة وإلى الرباعي الذي كان في وقت ما صوته عالياً"، مضيفاً أن "الاتحاد يناضل اليوم في صمت، في حين أنه كان بالأمس القريب مدافعاً شرساً عن المطالب والحقوق".
وتابع: "الاتحاد تعاطف مع عدد من المعتقلين السياسيين وكان لديهم لقاء مع الأمين العام للاتحاد نور الدين البحيري واستقبلهم، حيث أكد لهم أن الشابي والشواشي هم أبناء الاتحاد". وتسائل بهذا الصدد: "لكن أين الممارسات الفعلية؟"، مشدداً على أن النضال في صمت لن يؤت أكله.
وأردف الشابي: "نحتاج اليوم إلى كل المنظمات والفاعلين للخروج بالبلاد من المأزق الذي تمر به، وتصحيح المسار"، مشيراً إلى أن تونس "تعيش أزمة اقتصادية وسياسية". واعتبر أنه "حتى الانتخابات الرئاسية قد تكون شفافة ولكن مناخها ليس كذلك، فلا يمكن لأي معارض للرئيس الترشح، وبالتالي الحل الأسلم أن تتولى هذه المنظمات التي قادت تونس إلى بر الأمان لعب دورها".
ويرى عضو جبهة الخلاص الوطني، ووالد الناشط السياسي جوهر بن مبارك، عز الدين الحزقي، أن "لا ملاذ للمعتقلين السياسيين سوى التشبث بأي أمل من أجل الدفاع عن حقوقهم ونيل حريتهم"، مضيفاً في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه لم يفقد الأمل يوماً.
ووضع رسالة المعتقلين السياسيين إلى هذه المنظمات الوطنية في سياق محاولة للدفع إلى الأمام وبالتالي الإنقاذ، مشيراً إلى أن "الغريق يتشبث بقشة، وبالتالي هو نداء لكل من يدّعي أنه يحب البلاد بأن يفكر بصوت عالٍ في حلحلة الأزمة".
وقال الحزقي إن "الحل لن يكون من الخارج وبالتالي الصيحة تأتي دائماً من الداخل، فوسط الظلام والركود يتم رفع الصوت للمنظمات الوطنية لتقوم بدورها".