فتح إعلان الطبيب المصري والناشط المعارض محمد فتوح عوض، نيّته العودة إلى مصر، ملف المعارضين المصريين في الخارج، الذين يتجنّبون العودة إلى وطنهم خوفاً من الملاحقة والاعتقال.
ومساء السبت 22 يوليو/تموز الحالي، أعلن عوض، أنه اتخذ قرار العودة إلى بلاده خلال أسبوع، مؤكداً عبر حسابه على "فيسبوك" أنه تواصل مع السلطات البريطانية، للدفاع عنه بصفته حاملاً للجنسية البريطانية، بحال القبض عليه في مصر. عوض، كان عضواً نشطاً في مجلس نقابة الأطباء المصريين سابقاً، واضطُر للهجرة بسبب معارضته للنظام، وحصل على الجنسية البريطانية.
وبرزت على مدار السنوات الماضية، ظاهرة ملاحقة المعارضين المصريين في الخارج ومنهم باحثون، بمجرد عودتهم إلى مصر.
اعتقال معارضين لدى وصولهم إلى مصر
ووثّقت وحدة الرصد والتوثيق في "مؤسسة حرية الفكر والتعبير"، خمس حالات على الأقل لباحثين مصريين قُبض عليهم عقب عودتهم إلى القاهرة. ومنهم على سبيل المثال، أستاذ العلوم السياسة أمجد الجباس، الذي ألقي القبض عليه من مطار القاهرة الدولي، في مايو/ أيار 2022 أثناء عودته إلى مصر لقضاء إجازة مع أبنائه.
وسبق أن رصدت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، ظاهرة القبض على المواطنين المصريين العائدين أو المسافرين في مطار القاهرة، في تقرير سمته "المصيدة... عن تحوّل المطارات المصرية إلى فخ للمنتقدين والمعارضين".
وجاء التقرير بعد ما تنامت خلال السنوات القليلة الماضية ظاهرة إيقاف ومنع الجهات الأمنية بمطارات مصر، لبعض المصريين المسافرين إلى الخارج أو العائدين من الخارج، خصوصاً هؤلاء المحسوبين على المعارضة أو الحقوقيين والباحثين والصحافيين، من دون أسباب قانونية غالباً.
وقالت الشبكة العربية، إن هناك العديد من القوائم الموجودة في المطارات التي يمكن أن يجد المسافر أو العائد اسمه ضمن إحداها. وأهم القوائم هي: قوائم المنع من السفر، وقوائم ترصد السفر، وكذلك قوائم ترصد الوصول، إلى جانب قوائم المنع من الدخول، وإخطار الجمارك.
ملف أمني
وفي السياق قالت مديرة منظمة "هيومن رايتس مونيتور" سلمى أشرف، في حديث لـ"العربي الجديد" إن "النظام يتعامل مع ملف المصريين المعارضين في الخارج، باعتباره ملفاً أمنياً بالدرجة الأولى". وأضافت أنه حرص خلال السنوات الماضية على انتهاك حقوقهم بشكل واضح بأشكال مختلفة، سواء الملاحقة الأمنية وإصدار قوائم الإرهاب ووضع بعضهم على قوائم الإنتربول.
سلمى أشرف: النظام يتعامل مع ملف المعارضين في الخارج باعتباره ملفاً أمنياً
واعتبرت أشرف بذلك أن النظام "على أقل التقديرات ساهم في حصارهم وشلّ حركتهم، حتى لو اكتسبوا جنسية أخرى". وأضافت أن "النظام يعمل كذلك على التضييق عليهم عبر المنع من استخراج الأوراق، وحتى مجرد الدخول إلى السفارات أو القنصليات صار ممنوعاً على كثير منهم".
من جهته قال الباحث في الشأن السياسي المصري سيف الإسلام عيد، لـ"العربي الجديد" إن السلطة "لا تتعامل مع المصريين المعارضين في الخارج بسياسة واحدة". وأوضح أنها مثلاً ترفض التعامل والتواصل تماماً مع الإسلاميين، سواء من الإخوان المسلمون التنظيميين أو حتى المتعاطفين إيديولوجياً معهم.
وبالمقابل تتعامل السلطة، بحسب عيد، مع من كانوا داعمين لها وانقلبوا عليها، بحسب رصيدهم لديها، خصوصاً لو كانوا قد التزموا بسقف لانتقادهم، لافتاً إلى أن "هؤلاء يمكن الترحيب بهم من جديد بتنسيق أمني مسبق".
سيف الإسلام عيد: لا تتعامل السلطة مع المعارضين في الخارج بسياسة واحد
وتابع عيد: لا أعتقد أن لدى النظام توجهاً حالياً لتسوية ملف المعارضين في الخارج وفتح الباب لعودتهم وضمان سلامتهم. وقال إن "ما يحدث هو تواصل مع أفراد من التيار المدني تحديداً ومحاولة إقناعهم بالعودة لاستغلال ذلك في تحسين صورته".
من جهة أخرى فإن المدير الإقليمي للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، مصطفى عزب، أشار لـ"العربي الجديد"، أن النظام "يسعى بشكل مستمر إلى استخدام الإنتربول والاتفاقيات الأمنية الثنائية لملاحقة المعارضين في الخارج".
وقال إن المعارضين خارج مصر يواجهون انتهاكات النظام المصري، "أبرزها حرمانهم من الاستمتاع بحقوقهم المدنية الأساسية، مثل الحصول على وثائق رسمية وتجديد جوازات سفرهم، بما يعرضهم للعديد من المشاكل والتعقيدات القانونية والمعوقات في حياتهم اليومية".