لا يزال النظام السوري ومن خلفه روسيا يحاولان اللعب بورقة عودة المهجرين الذين تركوا مدنهم وبلداتهم نتيجة تدميرها من قبل النظام نفسه وبدعم روسي، فعاد للتباكي عليهم وفتح معابر مع مناطق المعارضة، مدعياً أن هدفه إعادتهم إلى مدنهم وقراهم، وذلك بعد طلب روسي من تركيا فتح ثلاثة معابر يعود من خلالها المهجرون، وتعبر من خلالها السلع إلى مناطق النظام الذي يعاني أزمات اقتصادية خانقة تسبّبت في فقدان الكثير من السلع وفي تدهور قيمة الليرة السورية، نتيجة الحصار الاقتصادي المفروض عليه دولياً.
يعرف النظام أن أياً من المهجرين لن يعود عبر المعابر التي افتتحها، وهو لا يرغب في عودة أي منهم. وعلى العكس، تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة حركة تهريب أشخاص من مناطق النظام إليها. لكن الهدف الحقيقي من وراء فتح تلك المعابر لا علاقة له بالمهجرين وعودتهم، فسبق أن افتتح النظام معابر تحت عنوان عودة المهجرين، في فبراير/شباط الماضي وفي إبريل/نيسان من العام الماضي، إلا أنها لم تشهد عودة أحد عبرها، كما أن عدداً محدوداً من السوريين الذين حاولوا العودة بطرق أخرى تعرّض بعضهم لملاحقات أمنية. كما أن النظام لم يسمح حتى اللحظة للمهجرين، ضمن مناطق سيطرته، بالعودة إلى بيوتهم في كثير من البلدات، خصوصاً ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي.
يثبت النظام من خلال تعاطيه مع الأزمات التي يعيشها المواطن العادي في مناطق سيطرته، أن هذه الأزمات لا تعنيه، وأن سعيه لإدخال السلع من مناطق المعارضة هدفه الأساسي جني المزيد من الأرباح لتمويل حربه على السوريين، بالإضافة إلى تعويض النقص الحاد في القطع الأجنبي لديه، وبالتالي فإن فتح تلك المعابر محاولة روسية لترميم النظام اقتصادياً، من خلال التحايل على "قانون قيصر" والعقوبات المفروضة عليه.
إلا أن هذا المسعى الروسي يبدو بعيد المنال حالياً لسببين: الأول الرفض الشعبي للتعامل تجارياً مع النظام ونبذ كل من يقوم بنقل أو بيع سلع له، بالإضافة إلى نبذ أي فصيل قد يتصدى لهذه المهمة، إذ شهدت محافظة إدلب عمليات تصدٍ سابقة لمحاولات "هيئة تحرير الشام" فتح معبر تجاري مع النظام. أما السبب الثاني، فيعود إلى عدم سماح الولايات المتحدة بخرق "قانون قيصر" من بوابة المعابر. وعلى الرغم من استثناء مناطق المعارضة من القانون، إلا أن معظم السلع في تلك المناطق هي سلع تركية، وبالتالي نقلها إلى مناطق النظام يدخل في باب خرق القانون.