المركز العربي يبحث واقع وسيناريوهات العدوان الإسرائيلي على غزة.. أميركا تتجه للتدخل المباشر في الحرب
ناقش باحثون في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، اليوم الثلاثاء، الأوضاع السياسية والإنسانية والاقتصادية في قطاع غزة، الذي يتعرض لعدوان عسكري إسرائيلي لا يحترم أي من قواعد القانون الدولي، عقب عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها "كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة حماس، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
وعرض الأستاذ المساعد في معهد الدوحة للدراسات العليا تامر قرموط لأسباب وتوقيت وتداعيات عملية "طوفان الأقصى" والحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، ومنها حالة الغليان لدى الشعب الفلسطيني وانسداد الأفق السياسي، وحكومة الاحتلال الإسرائيلي المتطرفة، إضافة إلى عوامل تخص حركة حماس، وتموضعها كحركة مقاومة.
ولفت قرموط إلى أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن فشل في الحصول على ضوء أخضر عربيا لخطة تهجير سكان غزة، حيث وجد خلال جولته معارضة عربية شديدة لهذه الخطة. كما تحدث عن سيناريوهات للحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على غزة، منها إنهاء حكم حماس في غزة، خاصة إذا حصلت عملية برية واسعة ومدمرة، أو حرب برية محدودة ومدمرة في شمال قطاع غزة، ومن ثم صفقة سياسية واقتصادية وتبادل أسرى ووقف إطلاق طويل للنار بضمانات دولية. وتسائل عمن سيدفع ثمن إعادة الإعمار في قطاع غزة، الدول العربية أم المجتمع الدولي؟ وحذر قرموط من إمكانية أن يورط رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجميع في المنطقة بالحرب، خاصة أن مستقبله السياسي على المحك.
أسر كاملة محيت من السجل المدني
من جهته، تحدث مدير مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني غسان كحلوت عن الانتهاكات التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي للقانون الدولي الإنساني خلال حربه على قطاع غزة، كقتل المدنيين، مشيراً إلى أن أسراً كاملة محيت من السجل المدني الفلسطيني، فضلا عن تدمير الممتلكات وتعمد مهاجمة المدنيين والأهداف المدنية، واستهداف مقار الأمم المتحدة والمستشفيات والمدارس والجامعات.
واعتبر كحلوت أن الحرب التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة استكمال للحرب التي قامت بها إسرائيل عامي 1948 و1967، للاستيلاء على فلسطين. وقال كحلوت في تصريح لـ"العربي الجديد" إن الإسرائيليين يحاولون الضغط على الشعب الفلسطيني للنزوح، ومن ثم السعي لتهجيره الى سيناء، وللأسف نحن لا نستطيع ضمان استمرار الموقف العربي الرافض لهذا التهجير، فالضمان الوحيد هو الصمود الكبير للشعب الفلسطيني على أرضه، والتضحيات الكبيرة التي يقدمها الشعب الفلسطيني، لكن ذلك يحتاج الى دعم ومساندة من قبل الدول العربية.
سجن مفتوح
وخصصت الباحثة في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات آيات حمدان مداخلتها لرصد الوضع الإنساني في قطاع غزة، والسياق الذي تجرى فيه عملية القتل والتدمير والتهجير من قبل الاحتلال الإسرائيلي، لافتة إلى أن الاحتلال يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية مدعوما من دول غربية ضد شعب أعزل.
وأشارت إلى أن قطاع غزة يشهد كارثة إنسانية مستمرة وحصارا جويا وبحريا وبريا من 17 عاما، وهو لم يعد صالحا للعيش منذ عام 2020، وفق للخبراء، خاصة بعد أن خاض، حتى عام 2021، 5 حروب، نتج عنها استشهاد أكثر من 5365 شهيد، وتهجير آلاف الغزيين من بيوتهم بعد تدميرها، حيث تحول القطاع بفعل هذا الواقع إلى سجن مفتوح.
أما زميلها الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أحمد قاسم حسين، فتطرق إلى الأداء العسكري للمقاومة في عملية "طوفان الأقصى"، مستعرضا تطور صناعة الصواريخ وأنواعها ومسمياتها، فيما بحث الأستاذ المشارك في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني طارق دعنا أزمة العقيدة العسكرية الإسرائيلية بعد عملية "طوفان الأقصى".
واعتبر أن نجاح عملية المقاومة الفلسطينية يعد أكبر ضربة عسكرية توجه للكيان الصهيوني، ومحطة فارقة تمهد لنقلة نوعية في الأوضاع الإقليمية، مشيراً إلى أن فشل مفهوم الجدار الحديدي سيزعزع الثقة بالجيش الإسرائيلي، وسيسبب أزمة ترتبط بالأسس التي يقوم عليها المشروع الإسرائيلي.
خشية أميركية من توسع الحرب
من جانبه، استعرض مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في واشنطن خليل جهشان مراحل تدرج الموقف الأميركي من الحرب على غزة، والذي يتجه نحو التدخل المباشر في الحرب، ووصف هذا الموقف بالمتسرع والعاطفي وأنه يتجاهل الخلفية السياسية لهذه الحرب والأسباب التي قامت عليها عملية "طوفان الأقصى".
وقسم مراحل الموقف الأميركي إلى ثلاثة مراحل، الصدمة، والرد السياسي المتسرع، فيما تتمثل المرحلة الثالثة بمحاولة منع توسع الحرب عبر التهديد والوعيد، فهناك خشية أميركية من اشتعال جبهة الشمال. وأوضح أنه مع ذلك ما زالت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تدعم حرب الانتقام التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، معتبراً أن اقتراب البوارج الأميركية من مناطق النزاع سيقود إلى المشاركة في الحرب.
واعتبر جهشان أن الهوس الشخصي للرئيس الأميركي جو بايدن وانشغاله بحماية "أمن إسرائيل" حالا دون تبني موقف أو سياسية واضحة وعقلانية للإدارة الأميركية، متوقعاً ألا تحمل زيارته الوشيكة إلى المنطقة أي تغيير جذري في الموقف الأميركي. وقال إن الدعم الأميركي لإسرائيل مستمر لإتمام المهمة، ولكن بحذر شديد ومن دون احتلال قطاع غزة.
ورداً على سؤال لـ"العربي الجديد" بخصوص خيارات المقاومة في ظل العدوان المتواصل، قال الأستاذ في جامعة قطر محمد المسفر إن الخيار الوحيد أمامها في مواجهة التدمير والتهجير الذي يقوم به الاحتلال الإسرائيلي هو الصمود والمقاومة بكل الوسائل، داعياً من يطلق عليهم محور المقاومة والممانعة إلى القيام بدورهم. وقال إن عليهم الدور الأكبر ليثبتوا مواقفهم، فنحن نريد مقاومة صادقة وصحيحة تواجه المستوطنين والمستوطنات، وليس الجبال الفارغة.