المخدرات تحدٍّ آخر على الحدود العراقية مع سورية

15 أكتوبر 2020
اتهام فصائل مسلحة موالية لإيران برعاية تجارة المخدرات (العربي الجديد)
+ الخط -

في إعلان هو الثالث من نوعه بغضون شهر واحد، يتعلق بالقبض على مهربي المخدرات، تبرز عصابات وشبكات تهريب المخدرات بين العراق وسورية، وعلى امتداد الشريط الحدودي البالغ نحو 600 كيلو متر، في تحدٍّ آخر أمام القوات العراقية، التي تؤكد أنّ تجارة المخدرات وتهريبها أخذا طابعاً جديداً على الحدود، يتمثل بتورط عناصر فصائل مسلحة معروفة في هذه التجارة المتنامية على الحدود بين البلدين.

واليوم الخميس، قالت خلية الإعلام الأمني التابعة لقيادة العمليات المشتركة في بغداد، في بيان مقتضب، إنّ قوات حرس الحدود تمكنت من التصدي لمجموعة يبلغ عددها 15 شخصاً، حاولوا دخول العراق قادمين من سورية، وجرى الاصطدام بهم، ما أجبرهم على الفرار إلى داخل العمق السوري، مؤكداً اعتقال أحد أفراد المجموعة، وهو سوري الجنسية، وبحوزته صندوق كبير مملوء بـ100 كيس حبوب مخدرة، كل كيس يحتوي على 2000 حبة، أي ما مجموعه 200 ألف حبة مخدر.

وكانت السلطات العراقية قد أعلنت، في 25 من سبتمبر/ أيلول الماضي، القبض على اثنين من مهربي المخدرات غرب الموصل على الحدود مع سورية، قبل أن تعلن في نهاية الشهر نفسه إحباط محاولة تسلل لثلاثة أشخاص من مناطق سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، يمتهنون تهريب المواد المخدرة أيضاً.

ووفقاً لمسؤول عراقي في قيادة قوات حرس الحدود العراقي بالمنطقة الثانية المنتشرة على الشريط الغربي العراقي مع سورية، فإنّ تهريب المخدرات على الحدود تقف خلفه جهات تعتبر أطرافاً في معادلة القوى المسلحة على الجانبين السوري والعراقي.

وأضاف المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، أن "محاولات التهريب سابقاً كانت تجري من العراق كدولة معبر أو ممر، لكن حالياً هناك حبوب مخدرة وحشيش تحاول أن تجد طريقاً من سورية إلى العراق، وهذا يعني أنّ مناطق شرقيّ سورية التي تسيطر عليها جهات مسلحة مختلفة باتت منطقة منتجة ومصنعة للمخدرات".

واتهم المسؤول العراقي فصائل مسلحة مدعومة من إيران بالوقوف وراء هذه التجارة على الجانبين السوري والعراقي، إذ "باتت مصدر دخل مالي لهم".

وبحسب المسؤول ذاته، فإنّ القوات العراقية، بعد تولي مصطفى الكاظمي الحكومة، حصلت على دعم أكبر في مواجهة ملف الحدود السورية، سواء نشاط تنظيم "داعش"، أو تهريب المخدرات والأدوية والسيارات المسروقة، ومحولات الكهرباء والبضائع الممنوعة بمختلف أشكالها.

ونهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلنت قيادة العمليات المشتركة أنها اعتمدت آلية وأسلوباً جديدين لإنهاء ملف الحدود المشتركة بين العراق وسورية.

وقال المتحدث باسم العمليات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي، في بيان له، إنّ الآلية التي ستُستخدَم تتضمن الشروع بإقامة أسيجة وكاميرات حرارية، وأشار إلى وجود ضعف من الجانب السوري، و"هذا الضعف يستغله الإرهابيون لتنفيذ عمليات تسلل إلى الأراضي العراقية عبر مناطق لا توجد فيها قوات الإقليم، ولا حتى قواتنا الأمنية"، مؤكداً أنّ "عملياتنا الاستخبارية، وكذلك مصادرنا، تلاحقهم ويجري القبض عليهم".

والسبت الماضي، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، هريم آغا، إنّ الحدود الفاصلة بين العراق وسورية "تحتاج إلى تثبيت تقنيات حديثة، ومنها الكاميرات الحرارية، لرصد أي تحركات مشبوهة والتصدي لها"، مبيناً أنّ "هناك الكثير من الشركات العالمية المتطورة تكنولوجياً، بالإمكان الاستعانة بها في هذا المجال من أجل تعزيز أمن البلاد واستقرارها".

وحول نشاط مهربي المخدرات على الحدود مع سورية، أكد الخبير بالشأن الأمني العراقي العميد المتقاعد علي منسي القيسي، أنها "تتسم بالعشوائية، وهناك أكثر من طرف متورط بالموضوع، لكنها تبقى في تزايد مستمر".

وأضاف القيسي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "القوات العراقية تحقق تقدماً في مكافحتها، غير أنّ التحدي الأبرز هو وجود جهات مستفيدة من هذه التجارة، أبرزها فصائل مسلحة مدعومة من إيران، وأيضاً قوات النظام السوري على الحدود التي توجد فيها مقابل العراق، حيث ينخرها الفساد، ويتلقى ضباط فيها الأموال للسماح بأنشطة مثل هذه، إضافة إلى مليشيات "قسد"، ومن الجانب العراقي هناك ضبط أكثر، لكن يبقى هناك متورطون بتسهيل الأنشطة المتعلقة بالمخدرات تحديداً".

واعتبر القيسي أنّ موضوع تبادل المخدرات بالتهريب من العراق إلى سورية، ومن سورية إلى العراق، يؤكد وجود شبكات تهريب متعددة ومختلفة الاتجاهات، وأن "ثمة صناعة رخيصة للمخدرات قد نشأت فعلاً في الشرق السوري، برعاية جماعات مسلحة، مستغلة الفراغ الحاصل هناك".

المساهمون