كشفت وثيقة محكمة اطلعت عليها وكالة "رويترز" أن المحكمة الإسبانية العليا استدعت، اليوم الأربعاء، زعيم جبهة "البوليساريو"، إبراهيم غالي، للمثول أمامها في الأول من يونيو/ حزيران المقبل لسماع اتهامات ستوجه له في قضية تتعلق بارتكاب جرائم حرب. وهذا الاستدعاء هو الخطوة الأولى نحو محاكمة محتملة.
وذكرت الوثيقة أن غالي، الذي يعالج في الوقت الراهن في مستشفى شمالي إسبانيا، امتنع عن التوقيع على الاستدعاء قائلا إنه يتعين عليه الرجوع إلى السفارة الجزائرية أولا.
وقالت الوثيقة إن جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان وأفرادا في الصحراء يتهمون غالي وغيره من زعماء "الجبهة" التي تطالب بانفصال الصحراء عن المغرب بالإبادة الجماعية والقتل والإرهاب والتعذيب والتورط في عمليات اختفاء قسري.
وكانت الأحزاب المغربية الممثلة في البرلمان، قد اعتبرت في بيان مشترك سابق استقبال الحكومة الإسبانية زعيم جبهة "البوليساريو"، بداعي العلاج جرّاء إصابته بفيروس كورونا، "استفزازاً صريحاً تجاه المملكة".
واستهجنت الأحزاب المغربية استقبال إسبانيا زعيم "البوليساريو" بـ "استعمال هوية مزورة تجسد سلوك المليشيات والعصابات الإجرامية"، معتبرة ذلك "عملاً مرفوضاً ومداناً، واستفزازاً صريحاً تجاه المملكة المغربية، في تناقض صارخ مع جودة العلاقات الثنائية بين الشعبين والبلدين وحسن الجوار"، لا سيما أن هذا الشخص تلاحقه "تهم خطيرة تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان وجرائم ضد الإنسانية، وتجاوزات جسيمة لحقوق المحتجزين بمخيمات تندوف، لا يمكن التغاضي عنها".
وبدت لافتة ارتدادات الكشف عن الدخول السرّي لزعيم "البوليساريو" إلى الأراضي الإسبانية ببطاقة هوية جزائرية مزيفة، بعدما سارعت الخارجية المغربية إلى استدعاء السفير الإسباني في الرباط، ريكاردو دييز هوشلايتنر، في 24 إبريل/ نيسان الماضي، للتعبير عن استياء المغرب من موقف بلاده، الذي وصفته الخارجية المغربية بأنه "غير عادل"، ولتأكيد "عدم تساهل المغرب في قضية وحدته الترابية باعتبار الصحراء موضوعاً وجودياً للمملكة المغربية"، وأن "تجاهل هذا الواقع هو عمل ضد الشراكة الاستراتيجية بين البلدين".
ولم يكن استدعاء السفير الإسباني سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد المرتبط بالأزمة الصامتة بين البلدين، والتي تلقي بظلالها على العلاقات الثنائية على امتداد السنوات الماضية بالنظر إلى حجم الملفات الساخنة التي تواجه البلدين الجارين، ومنها ملف الصحراء، وخصوصاً مقاربة الحزب الاشتراكي الإسباني للنزاع، وأيضاً ملف الهجرة السرّية، وموضوع مدينتي سبتة ومليلية، الخاضعتين للإدارة الإسبانية، وصولاً إلى الاتفاقيات الزراعية.
وخلّف تمكن نحو 6 آلاف مهاجر، غالبيتهم مغاربة، بينهم نساء وأطفال، وعائلات بأكملها، ونحو 1500 قاصر مغربي، من دخول سبتة، بين فجر وليل الإثنين، ضمن موجة هجرة جماعية غير مسبوقة، حالة استنفار في صفوف الجيش الإسباني، من أجل تقديم الدعم اللوجستي الذي طلبته الحكومة المحلية، جرّاء عدم قدرتها على إيواء هذا العدد الكبير من المهاجرين.
وتحدثت الصحافة الإسبانية عن وجود "عقاب" مغربي لمدريد، بعد إصرارها على استضافة زعيم الجبهة الانفصالية، و"تضييق الخناق عليها، بعدما تعاملت (مدريد) ببرودة مع مطالب الخارجية المغربية بضرورة توضيح موقفها من استضافة غالي على أراضيها، وهو ما اعتبرته الرباط استفزازاً لها". وبلغ الأمر اعتبار العديد من الصحف الإسبانية أنّ ما جرى في مدينة سبتة من تدفق للمهاجرين "لا يحدث كلّ يوم"، وأن مدريد لا بد لها أن تلجأ إلى الاتحاد الأوروبي لمواجهة الضغوط المغربية عليها، خصوصا أنّ هذا الكم من المهاجرين "غير مسبوق"، حتى في عز الأزمات السابقة مع المغرب.