قضت المحكمة العليا الأميركية الثلاثاء بأنّ المجالس التشريعية للولايات لا تمتلك سلطة مطلقة في اتّخاذ قرارات تتعلّق بقوانين الاقتراع، وذلك في قضية تحظى باهتمام شديد، وقد تكون لها انعكاسات كبيرة على الانتخابات الفيدرالية.
وفي القرار الذي حصل على ستة أصوات مؤيّدة مقابل ثلاثة معارضة، وأصدره القاضي جون روبرتس، رفضت المحكمة ما يُسمّى نظرية "استقلالية المجلس التشريعي للولاية".
وكان مشرّعون جمهوريون في كارولاينا الشمالية قد قالوا أمام المحكمة في ديسمبر/كانون الأول إنّه يجب أن تتمتّع برلمانات الولايات بالسلطة المطلقة في اتّخاذ القرارات المتعلّقة بمن يحقّ لهم التصويت في الانتخابات الرئاسية وانتخابات الكونغرس الفدرالي وكيف ومتى.
وأثار هذا المطلب مخاوف على الديمقراطية لدى اليسار، وبدرجة أقل لدى اليمين، في بلد لا يزال يعاني من الانقسامات منذ رفض الرئيس السابق دونالد ترامب القبول بنتائج انتخابات 2020.
واستخدمت برلمانات الولايات صلاحيتها بموجب بند الانتخابات في الدستور الأميركي، لتحديد دوائر الكونغرس وساعات الاقتراع والموافقة على قواعد تسجيل الناخبين والاقتراع البريدي.
وعمدت هذه البرلمانات في بعض الأحيان إلى ممارسة ما يسمّى التلاعب الحزبي، الذي يحصل من خلال تشكيل دوائر لحزب سياسي معين، لكنّ القوانين التي أقرّتها وُضعت تحت مجهر محاكم تلك الولايات، فيما سعى مشرعو كارولاينا الشمالية للتخلّص من تلك الوصاية القضائية.
ورفضت المحكمة العليا الطلب المقدّم من روبرتس وقاضيين محافظين آخرين، هما بريت كافانو وإيمي كوني بريت، وأيّدت القضاة الليبراليين الثلاثة الأعضاء فيها. وكتب روبرتس أنّ "بند الانتخابات لا يحصّن برلمانات الولايات من الممارسة الطبيعية للمراجعة القضائية في الولاية".
- أوباما يرحّب بالقرار -
ورحّب الرئيس الديمقراطي الأسبق باراك أوباما بالحُكم. وكتب في تغريدة: "اليوم رفضت المحكمة العليا نظرية استقلالية برلمان الولاية، وهي نظرية هامشية هدّدت بقلب ديمقراطيتنا رأساً على عقب وتفكيك نظام فصل السلطات".
واعتبر ممثّل المدّعين في القضية آبها كانا الحُكم "نصراً مدوّياً لانتخابات حرّة ونزيهة في الولايات المتحدة"، وقال في بيان إنّ "نظرية استقلالية برلمانات الولايات كان من شأنها إضعاف أسس ديمقراطيتنا وإلغاء الرقابة المهمّة على برلمانات للولايات".
وخلال مرافعات شفهية أمام المحكمة العليا في كانون الأول/ ديسمبر، حذّرت المدّعية العامّة إليزابيث بريلوغار ممثلة إدارة الرئيس بايدن من أنّ قبول عقيدة "استقلالية كونغرس الولاية" يمكن أن "يعيث الفوضى" في الفترة التي تسبق الانتخابات "وينشر الفوضى على الأرض".
وقالت إن من شأن ذلك أن "يحتم إجراء انتخابات على مستوى الولايات والمستوى الفدرالي بموجب قواعد متباينة".
وحذّرت من أنّ هذا الأمر "سيُغرق المحاكم الفدرالية، بما فيها هذه المحكمة، في اعتراضات جديدة".
وبرزت أيضاً مخاوف من أنّ حكماً لصالح النظرية سيسمح لبرلمانات الولايات بالاعتراض على النتائج التي لا توافق عليها، مثلما دعا بعض أنصار ترامب في انتخابات 2020.
وتعود قضية "مور ضد هاربر" الشهيرة لنزاع انتخابي في ولاية كارولينا الشمالية.
وأظهر الإحصاء السكاني عام 2020 ارتفاع عدد سكان الولاية، ما يخوّلها مقعداً إضافياً في مجلس النواب الأميركي.
وأعاد المشرعون في كارولاينا الشمالية تحديد دوائر الكونغرس لإضافة منطقة جديدة، لكنّ المحكمة العليا للولاية رفضت ذلك، معتبرة أنّ هذا الأمر يصبّ في مصلحة الجمهوريين من خلال تجميع الديمقراطيين في مناطق معيّنة، ما يؤدّي إلى إضعاف أصواتهم.
واعترض المشرعون في كارولاينا الشمالية على القرار أمام المحكمة العليا، معتبرين أنّ المحاكم المدنية تتعدّى على سلطتهم.
(فرانس برس)