المحادثات حول أفغانستان في الدوحة اليوم: قبول بالتمثيل المنفرد لـ"طالبان"

30 يونيو 2024
مجاهد خلال مؤتمر صحافي بكابول أمس (ساهل أرمان/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الدوحة تستضيف المحادثات حول أفغانستان بمشاركة طالبان كممثل وحيد لأفغانستان وحضور ممثلين من 25 دولة ومنظمة، مع التركيز على مستقبل أفغانستان وليس الاعتراف بحكومة طالبان.
- طالبان تؤكد التزامها بمعالجة قضايا مثل حقوق المرأة ضمن السياق الأفغاني وتسعى لإقامة علاقات إيجابية مع الدول دون السعي للاعتراف الدولي خلال المحادثات.
- أجندة المحادثات تشمل رفع العقوبات، تطوير التجارة، مكافحة تهريب المخدرات، وتبرز قضايا مثل قيود التعليم على النساء والفتيات كعوائق أمام التنمية، مع التأكيد على أهمية الحوار لإيجاد حلول مستدامة.

تعقد الجولة الثالثة من المحادثات حول أفغانستان في الدوحة اليوم الأحد وغداً الاثنين، برعاية الأمم المتحدة، ومشاركة حركة طالبان للمرة الأولى، وذلك بعد القبول بأهم شروط حكومة الأمر الواقع في كابول، التي سبق أن قدمتها في الجولة الماضية التي غابت عنها، في فبراير/شباط الماضي، بأن تكون الممثل الوحيد للبلاد في المحادثات حول أفغانستان في الدوحة التي سيحضرها ممثلون عن 25 دولة ومنظمة، بينها الولايات المتحدة والصين وباكستان والاتحاد الأوروبي.

وأعلنت مسؤولة الشؤون السياسية بالأمم المتحدة روزماري ديكارلو، التي يتوقع أن ترأس المحادثات حول أفغانستان في الدوحة الأربعاء الماضي، أن الاجتماع لن يكون لمناقشة الاعتراف الدولي بالحركة. وقالت للصحافيين: "هذا ليس اجتماعاً حول اعتراف، وليس اجتماعاً ليقود إلى اعتراف. المشاركة لا تعني الاعتراف، والأمر لا يتعلق بطالبان، بل يتعلق بأفغانستان وشعبها".

تبدل موقف حكومة "طالبان" بعد أن ضمنت تمثيلها المنفرد لكابول في المحادثات

وكانت رئيسة بعثة الأمم المتحدة إلى أفغانستان روزا أوتونباييفا قد نفت، خلال جلسة لمجلس الأمن أخيراً، أن تكون المشاركة في المحادثات حول أفغانستان في الدوحة اعترافاً من قبل الأمم المتحدة أو المبعوثين الدوليين المشاركين فيها بشرعية حكومة الأمر الواقع في أفغانستان. ولفتت إلى عقد اجتماع موازٍ لممثلي المجتمع المدني في أفغانستان مع المبعوثين الدوليين في الأول من يوليو/ تموز المقبل (غداً الاثنين).

وقال المتحدث باسم حكومة تصريف الأعمال الأفغانية ذبيح الله مجاهد، الذي سيرأس وفد الحكومة في المحادثات حول أفغانستان في الدوحة في تصريحات صحافية أخيراً، إن "وفداً من الإمارة الإسلامية سيشارك في مؤتمر الدوحة المقبل المقرر عقده اعتباراً من نهاية يونيو/ حزيران" الحالي، وإن الوفد "سيمثل أفغانستان هناك ويعبّر عن موقفها". وقال مجاهد، في مؤتمر صحافي في كابول أمس السبت، إن سلطات "طالبان تعترف بالقضايا المتعلقة بالمرأة". وشدد على أن "هذه القضايا هي قضايا أفغانستان"، موضحاً: "نعمل على إيجاد طريق منطقي نحو الحلول داخل أفغانستان حتى لا تقع بلادنا، لا سمح الله، في الصراع والخلاف مرة أخرى". ورأى أن "حكومة طالبان ستمثل أفغانستان بأكملها في الاجتماعات (في الدوحة)، وبالنظر إلى سلطتها، يجب أن تكون الممثل الأوحد للأفغان على الطاولة". وأشار إلى أنه "إذا شارك الأفغان من خلال قنوات عدة، فهذا يعني أننا ما زلنا مشتتين، وأمتنا ما زالت غير موحدة". وجدد مجاهد التأكيد أن حكومة "طالبان" تسعى إلى إقامة علاقات إيجابية مع جميع الدول، لكنه أشار إلى أنه "لن تجرى أي مناقشات كبيرة أو رئيسية" في الدوحة، وأن الاجتماع يمثل فرصة لتبادل وجهات النظر، خاصة مع الدول الغربية.

رئيس الدائرة السياسية بوزارة الخارجية في حكومة الأمر الواقع الأفغانية ذاكر جلالي، قال في منشور على حسابه في منصة إكس، أول من أمس، إن "الإمارة الإسلامية ودول المنطقة ستطرح موضوع رفع العقوبات الأحادية وغير الشرعية في الاجتماع الثالث بالدوحة"، مشيراً إلى أن "العقوبات المالية والمصرفية المفروضة على الإمارة الإسلامية أثرت في تطور التجارة بين أفغانستان والمنطقة".

ووضعت حكومة "طالبان" في فبراير الماضي شروطاً لحضور الاجتماعات الأممية، أهمها اعتراف المجتمع الدولي بها واقتصار التمثيل الرسمي في الاجتماعات على ممثلي الحكومة، وهي الشروط التي قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس آنذاك إنها "غير مقبولة".

واجتمع مبعوثون دوليون إلى أفغانستان، برعاية الأمم المتحدة في الدوحة منتصف فبراير الماضي، بحضور ممثلين عن المجتمع المدني الأفغاني بينهم نساء وبغياب "طالبان"، وناقشوا على مدى يومين تعزيز التزام المجتمع الدولي بشكل منسق أكثر في أفغانستان برعاية الأمم المتحدة. مع العلم أن الحركة لم تدعُ إلى الاجتماع الأول الذي عقد في مايو/ أيار 2023 في الدوحة.

تبدل موقف "طالبان" من المحادثات حول أفغانستان في الدوحة

تبدل موقف حكومة "طالبان"، كما هو واضح، بعد أن ضمنت تمثيلها المنفرد لكابول في المحادثات حول أفغانستان في الدوحة إثر غيابها عن الاجتماع الثاني للمبعوثين الدوليين في فبراير الماضي، اعتراضاً على مشاركة وفد من منظمات المجتمع المدني الأفغانية في الاجتماعات. ووصفت وزارة الخارجية في حكومة "طالبان" تلك المحادثات "بأنها غير مجدية". وقالت، في بيان وقتها، إن "نهج المجتمع الدولي اتسم بإملاءات واتهامات وضغوط أحادية الجانب". وأضافت أن مشاركتها في المحادثات التي دعت إليها الأمم المتحدة حول أفغانستان ستكون غير مجدية "إذا لم تلبّ شروطاً معينة".

وكانت مصادر دبلوماسية قد كشفت، لـ"العربي الجديد" مطلع الشهر الحالي، أن عدداً من الأطراف الدولية بذل جهوداً حثيثة من أجل إقناع حكومة حركة طالبان الأفغانية بحضور الاجتماع الثالث للمبعوثين الخاصين بشأن أفغانستان، الذي تعقده الأمم المتحدة، بهدف مناقشة تعزيز مشاركة المجتمع الدولي بطريقة أكثر تماسكاً وتنسيقاً في أفغانستان، وتحقيق تفاهم مشترك داخل المجتمع الدولي حول كيفية التواصل مع "طالبان"، والتحديات التي تواجه العمل الإنساني وتعوق وصول المساعدات إلى الشعب الأفغاني، وهي الجهود التي نجحت كما يبدو في تذليل عقبة تمثيل حكومة الأمر الواقع في محادثات الدوحة.

أوتونباييفا: المناقشات مع "طالبان" ستركز على الشركات والبنوك ومكافحة تهريب المخدرات

وزار وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي، كابول في الأسبوع الأخير من مايو/ أيار الماضي. وحسب بيان لوزارة الخارجية القطرية، آنذاك، فقد التقى الخليفي عدداً من المسؤولين في حكومة تصريف الأعمال الأفغانية، منهم النائب الأول لرئيس الحكومة الملا عبد الغني برادار، والقائم بأعمال وزير الخارجية أمير خان متقي، ووزير الدفاع الملا يعقوب محمد عمر، ووزير الداخلية سراج الدين حقاني، ومسؤولون آخرون.
وأكد الخليفي، خلال الاجتماعات، أن "دولة قطر تؤمن إيماناً تاماً بأهمية الحوار سبيلاً لحل الأزمات في أفغانستان، فضلاً عن التعاون البناء مع المجتمع الدولي، عبر إشراك حكومة تصريف الأعمال في المباحثات الأممية لإيجاد حلول مستدامة، تسهم في بسط الأمن والاستقرار في البلاد". كذلك زار الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي في أفغانستان، توماس نيكلاسون، كابول، مطلع يونيو الحالي، لدعوة حكومة "طالبان" إلى المشاركة في المحادثات حول أفغانستان في الدوحة، مؤكداً أهمية مشاركة ممثلي حكومة الأمر الواقع في الاجتماع.

أجندة محادثات الدوحة

وحول أجندة الاجتماع الثالث لمحادثات الدوحة المتوقع أن ترأسه ديكارلو، قالت أوتونباييفا، خلال اجتماع مجلس الأمن أخيراً، إن المناقشات الرسمية مع "طالبان" ستركز خصوصاً على الشركات والبنوك ومكافحة تهريب المخدّرات. وشددت على أن القيود المفروضة على النساء والفتيات، ولا سيما في مجال التعليم، "تحرم البلاد من رأسمال إنساني حيوي، وتساهم في هجرة الأدمغة التي تقوّض مستقبل أفغانستان. ولكونها لا تحظى بشعبية كبيرة، فإنها تقوض مزاعم الشرعية لسلطات الأمر الواقع التابعة لطالبان". وأشارت إلى أن هذه القيود "تستمر في منع التوصل إلى حلول دبلوماسية يمكن أن تؤدي إلى إعادة دمج أفغانستان في المجتمع الدولي".

وتواصلت "العربي الجديد" مع القائم بأعمال مكتب "طالبان" في الدوحة محمد نعيم، للتعليق على مشاركة حكومة الأمر الواقع في كابول في المحادثات حول أفغانستان في الدوحة اليوم، ومع عضو المكتب السياسي للحركة سهيل شاهين، إلا أنهما رفضا التعليق. وأحال نعيم "العربي الجديد" إلى المسؤولين في حكومة تصريف الأعمال في كابول للرد على الأسئلة، فيما أخبر شاهين "العربي الجديد" أنه "سيرد بمجرد أن تتاح له الفرصة"، ثم عاد ليقول: "أنا في سفر في الحج".

المساهمون