حذر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن، هانس غروندبرغ، من استمرار القتال على عدد من الجبهات اليمنية بما فيها تعز ومأرب والضالع والحديدة وشبوة وصعدة، على الرغم من الهدوء النسبي الذي تشهده بقية المناطق، "إذ لم تعد الأعمال العدائية إلى مستويات ما قبل الهدنة".
كما حذر غروندبرغ خلال إحاطته الشهرية أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، الأربعاء، من تبعات التهديدات العلنية بالعودة للحرب، داعياً جميع الأطراف إلى الامتناع عن الخطاب التصعيدي واللجوء إلى الحوار والقنوات الخاصة بذلك، والتي تم انشاؤها من خلال الهدنة ولجنة التنسيق العسكري.
وشدد المبعوث الأممي على ضرورة التوصل لاتفاق سياسي وترجمة حديث جميع الأطراف عن ذلك إلى التزامات فعلية للمضي قدماً بما يضمن استئناف عملية سياسية يمنية شاملة.
"الحرب الاقتصادية"
وتوقف المسؤول الأممي عند الوضع الاقتصادي في اليمن ووصفه بالمتردي بشكل متزايد. وأشار إلى اتخاذ كل من طرفي الصراع إجراءات اقتصادية تهدف إلى إضعاف الطرف الآخر.
وقال إن هذه الإجراءات "تضر بالمدنيين في المقام الأول، بينما تزيد من عدم الثقة".
وأورد عدداً من الأمثلة على تلك الخطوات الاقتصادية، قائلاً: "لا تزال الحكومة ممنوعة من تصدير المنتجات البترولية، مصدر دخلها الرئيسي. كما لا تزال التجارة الداخلية في السلع والخدمات اليمنية محدودة بسبب القيود وفرض رسوم وضرائب باهظة".
وأشار إلى زيادة تدهور توفير الخدمات الأساسية، وإغلاق محطات الكهرباء بسبب نقص الوقود، لافتاً إلى وصول انقطاع الكهرباء في عدن إلى 18 ساعة في اليوم، وسط حرارة الصيف الحارقة.
ورحب المبعوث الأممي بالتعهدات السعودية بتقديم مبلغ 1.2 مليار دولار أميركي في وقت سابق من هذا الشهر، مستدركاً أن "أي تحسن فعلي ودائم لا يمكن تحقيقه إلا اذا اجتمع الطرفان لمناقشة والاتفاق على حلول مستدامة للتحديات الاقتصادية والمالية في اليمن".
وشدد على ضرورة توسيع عدد الرحلات الجوية من وإلى مطار صنعاء وبشكل ملح لتخفيف بعض الضغط على المدنيين اليمنيين الذين يسعون للسفر للحصول على الرعاية الطبية والفرص التعليمية والتجارية أو لم شملهم مع أحبائهم، مشيراً أيضاً إلى ضرورة فتح الطرق في تعز والمحافظات الأخرى لتسهيل حرية تنقل المواطنين.
وحذر المسؤول الأممي من أن استمرار عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي يشكل أرضية خصبة للجماعات المتطرفة العنيفة، معرباً عن قلقه إزاء التقارير عن زيادة في أنشطة المتطرفين في محافظتي أبين وشبوة.
الوضع الإنساني
من جهتها ركزت مديرة العمليات في مكتب الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إديم وسورن، في إحاطتها على قضيتين: "الوصول والتمويل".
وأشارت إلى فرض عقبات على تنقل ووصول العاملين في المجال الإنساني إلى الكثير من المناطق.
وقالت: "نلاحظ أن المعلومات المضللة عموماً وتلك التي تستهدف العاملين في المجال الإنساني آخذة في الازدياد في جميع أنحاء اليمن، مما يزيد من صعوبة وخطورة عملنا".
وأشارت إلى تحقيق تقدم محدود للغاية في جهود الأمم المتحدة الرامية لتوسيع رقعة عمل المنظمات الإنسانية والمناطق التي تقدم فيها المساعدات.
وذكرت عدداً من الأمثلة بما فيها تعرض عمال الإغاثة إلى محاولات التدخل في عملهم في جميع مراحل العمليات الإنسانية، فضلاً عن القيود المفروضة على الحركة والتي تؤثر بشكل خاص على النساء العاملات في المجال الإنساني والموظفات اليمنيات، مما ينعكس سلباً على الفئات التي يقدمن الخدمة لها.
وتوقفت المسؤولة الأممية عند "الكم الهائل" من الاحتياجات الإنسانية والتمويل المنخفض، مما يهدد الملايين بعدم الحصول على المساعدات الأساسية اللازمة.
وقالت إن الأمم المتحدة كانت تهدف في العام الحالي إلى تقديم المساعدات لقرابة 17 مليون يمني، إلا أن النقص الحاد في التمويل سيحول دون ذلك.
وأشارت إلى أن تمويل خطة الاستجابة التابعة للأمم المتحدة للعمليات الإنسانية لهذا العام بلغ نسبة 31٪ فقط، إذا حصلت الأمم المتحدة على 1.34 مليار دولار من أصل 4.34 مليار دولار مطلوبة، وفق المسؤولة التي لفتت إلى أن استمرار هذا النقص سيضطر بالأمم المتحدة إلى تقليص خدماتها أو إغلاق جزء من برامجها وهو ما بدأت به بالفعل.
وذكّرت في هذا الصدد بإعلان برنامج الأغذية العالمي أخيراً عن تعليق أنشطته الخاصة بالوقاية من سوء التغذية في جميع أنحاء اليمن اعتبارًا من أغسطس/ آب الجاري.
وتوقعت أن يشهد البرنامج انخفاضاً إضافياً خلال الأشهر القادمة، إن لم يتم الحصول على أموال إضافية، مشيرة إلى تقارير منظمات إنسانية شريكة للأمم المتحدة تفيد بأن "طفلاً واحداً فقط من بين كل خمسة أطفال مستهدفين لدعم الوقاية من سوء التغذية الحاد الوخيم في محافظة الجوف كان يحصل على المساعدة التي يحتاجها".
وحذرت من أن "التكلفة الإنسانية باهظة إن لم يتخذ أي إجراء بالنسبة لهؤلاء الأطفال، وبالنسبة للعديد من الأشخاص الآخرين في جميع أنحاء البلاد".
وحثت المجتمع الدولي على عدم إغفال التقدم الذي أحرز في سياق تقديم المساعدات الإنسانية، "على الرغم من كل التحديات"، مشددة على أن التراجع سيؤدي إلى تدهور الأوضاع بشكل سريع.