المؤسسة الأمنية الإسرائيلية توصي بإنهاء حرب غزة للتركيز على جبهة لبنان

14 يونيو 2024
دبابات إسرائيلية متمركزة بالقرب من قطاع غزة في 2 يونيو 2024 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- المؤسسات الأمنية الإسرائيلية تسعى لإنهاء الحرب في غزة لاستعادة المحتجزين، معتمدة على تقديرات بقرب هزيمة حماس، وسط مخاوف من تصاعد الصراع مع حزب الله وإمكانية تدخل إيران.
- ثلاثة خيارات أمام إسرائيل: وقف الحرب مقابل الهدوء، اتفاق مع غزة يشمل استعادة المحتجزين والتحضير لعملية ضد حزب الله، أو إنهاء الحرب دون اتفاق والتركيز على حزب الله.
- النقاش داخل إسرائيل يتأرجح بين مواصلة الحرب لتحقيق النصر المطلق وإبرام صفقة لإعادة المحتجزين، مع تفضيل المؤسسة الأمنية للخيار الثاني لإنهاء الحرب والتحضير لتحديات أمنية أخرى.

يخشى الجيش من أنّ البقاء في قطاع غزة سيأتي على حساب جبهات أخرى

الجيش يحبذ التوصل إلى اتفاق مع غزة وإعادة المحتجزين للتفرغ للبنان

قيادة المنطقة الشمالية تركز على تقليص القدرات الهجومية لحزب الله

تدفع المؤسسات الأمنية الإسرائيلية المستوى السياسي نحو إنهاء الحرب في قطاع غزة مقابل استعادة المحتجزين الإسرائيليين، بادعاء أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي على وشك هزيمة حماس. كما يأتي ذلك وسط ازدياد المخاوف من احتمالات الدخول في حرب واسعة أمام حزب الله في لبنان، وإمكانية تدخل إيران، وفق تقدير مسؤولين إسرائيليين.

ويخشى جيش الاحتلال الإسرائيلي، وفق ما أوردته صحيفة يديعوت أحرونوت اليوم الجمعة، من أنّ البقاء في قطاع غزة سيأتي على حساب جبهات أخرى، فيما تقول قيادة المؤسسة الأمنية إنّ إسرائيل "تقترب من هزيمة حماس عسكرياً ولذلك لا داعي للخوف من الإعلان عن انتهاء الحرب" من أجل الحصول على المحتجزين الإسرائيليين بالمقابل، على أن يستمر القتال ولكن بأساليب أخرى.

وأشارت الصحيفة، نقلاً عن مصادرها التي لم تسمّها، إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة ليست لديهما خطة منظمة في حال عدم إبرام صفقة، فيما نقلت عن السفير الأميركي في تل أبيب جاكوب لو قوله إنّ "الصفقة هي المسار الوحيد"، وإنّ البيت الأبيض يريد توقف الحرب. وأضافت الصحيفة أن الولايات المتحدة ليست لديها استراتيجية بعيدة المدى للتعامل مع إيران وحلفائها في المنطقة. وفي المقابل، تشهد إسرائيل نقاشاً حول خيارين؛ "مواصلة الحرب والنصر المطلق"، أو صفقة لإعادة المحتجزين. ويمثل أحد الطرفين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو والمقرّبون منه، والطرف الآخر جهات داعمة للصفقة.

ثلاثة خيارات إسرائيلية مطروحة

وفي حين يبدو أنّ جبهة القتال الأساسية بدأت تنتقل تدريجياً من قطاع غزة إلى الجبهة اللبنانية، في ظل التصعيد المتواصل بين جيش الاحتلال وحزب الله، فإنّ وزير الأمن يوآف غالانت، وهو الذي يوجّه نحو تخصيص المزيد من الموارد لجبهة لبنان، بالإضافة إلى مسؤولين في المؤسسة الأمنية، عازمون على محاولة إعادة سكان المستوطنات الشمالية إلى منازلهم، قبل فتح العام الدراسي المقبل، أي قبل الأول من سبتمبر/ أيلول المقبل.

وأشارت الصحيفة نقلاً عن مصادرها إلى ثلاثة خيارات إسرائيلية. وأوضحت أنّ الخيار الأول، الذي لا يرغب الجيش الإسرائيلي به، هو وقف الحرب في قطاع غزة ووقف حزب الله نيرانه في الشمال، ومقابلة الهدوء بالهدوء. أو التوصّل إلى تسوية معيّنة غير ناجعة، تعتمد على انسحاب قوات حزب الله لمسافة ثمانية كيلومترات من الحدود. وذكرت أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حاول طوال الحرب التوصّل إلى وضع من هذا النوع، وأنه أعرب عن مخاوف كبيرة من حرب مع حزب الله، بما في ذلك بعد قرار المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، في 11 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عدم توجيه ضربة مفاجئة ضد حزب الله. وكان القرار بخلاف موقف رئيس هيئة أركان الجيش هرتسي هليفي ووزير الأمن يوآف غالانت.

أما الخيار الثاني، وفق مسؤولين إسرائيليين، فهو "التوصّل إلى اتفاق مع غزة يشمل إعادة المحتجزين الإسرائيليين واستغلال الوقت من أجل المبادرة إلى عملية عسكرية في لبنان تفضي إلى تطبيق القرار 1701، وإبعاد حزب الله مسافة كبيرة عن الحدود". ويحبّذ جيش الاحتلال الإسرائيلي هذا الخيار، ذلك أن التوصل إلى صفقة في غزة سيتيح له نقل قوات من الجنوب، إلا أن احتمال حدوث ذلك من الناحية السياسية منخفض، وذلك لأن من يوقف الحرب في الجنوب لن يفعل ذلك من أجل البدء بحرب أخرى أصعب في الشمال.

أما الخيار الثالث الذي يبدو أقرب، وفق مصادر الصحيفة، فهو ألا يكون هنالك اتفاق في غزة، ومع هذا تنتهي الحرب عملياً، ويقوم الجيش الإسرائيلي بنقل القوات والموارد إلى الشمال، ويبادر لعملية عسكرية مركّزة يوجه من خلالها ضربة قوية لحزب الله، على أمل أن يؤدي ذلك لإبعاده عن الحدود. ويعتبر هذا الخيار، في نظر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تحدياً كبيراً، وسط تساؤلات عما إذا كانت التسوية التي سيُتوصّل إليها بعد عملية عسكرية من هذا النوع ستكون أفضل من أي تسوية أصغر اليوم، خاصة أن عملية من هذا النوع ستعني إطلاق حزب الله آلاف الصواريخ الثقيلة والدقيقة نحو مختلف المناطق في الشمال، وأنه حتى لو حاول الطرفان الإسرائيلي وحزب الله ضبط النفس إلى حد ما، فستسفر المعارك عن دمار كبير جداً، كما تشير تقديرات جهات استخبارية غربية، بأن إيران ستميل للانضمام إلى مهاجمة إسرائيل في حال نشوب حرب واسعة مع حزب الله. 

"يمكن إنهاء الحرب في غزة"

وذكرت الصحيفة نقلاً عن مصادرها أنّ إنهاء الحرب في غزة ليس قضية بالنسبة لكبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية، وأنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي يقول للكابينت، منذ أكثر من شهر، إنّ "هزيمة الذراع العسكرية لحركة حماس قريبة جداً"، وإنّ "حماس فقدت أكثر من ثلثي قوتها القتالية"؛ نحو 15 ألف مقاوم، وفق التقديرات الإسرائيلية، كما أن الجيش الإسرائيلي دمّر نحو 60% من البنية التحتية العسكرية لحركة حماس.

وعليه، يرى جيش الاحتلال أنّ حماس ليست لديها القدرة لتنفيذ هجوم يقترب من حجم ما حدث في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كما أنّ الجيش "حقق إنجازات تكتيكية لافتة". ووفق ما نقلته الصحيفة، قال مسؤول أمني كبير لم تسمّه، في جلسة مغلقة: "لا يهم كم إنجازاً تكتيكياً سنحقق، إذ يجب تحديد هدف استراتيجي واضح، وإلا فسنواصل التنقّل من نقطة إلى نقطة من دون حسم".

ويرى الجيش الإسرائيلي أنّ "الإنجاز التكتيكي الممتاز" في قطاع غزة يتيح لإسرائيل الانتقال إلى مرحلة جديدة، وعملياً إنهاء الحرب في القطاع، من خلال اتفاقية لإعادة المحتجزين الإسرائيليين. وترى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أنه من مصلحة إسرائيل الإعلان عن أن إسرائيل هزمت حماس، وفي المقابل مواصلة القتال.

كما يرى مسؤولون أمنيون إسرائيليون أنه "في إطار الصفقة، يجب عدم الخشية من القول بشكل واضح إن هذه نهاية الحرب. ولا يعني هذا نهاية القتال، بحيث يتواصل جمع المعلومات الاستخبارية، وكذلك إمكانية تنفيذ هجمات من الجو والأرض، كما ستكون هنالك شرعية للعمل أيضاً بعد نهاية الحرب، في حال حاولت حركة حماس العمل ضدنا، ونحن نعلم جيداً أنهم سيحاولون".

ونقلت الصحيفة عن أحد أعضاء الكابينت قوله: "إظهار وكأن النقاش كله حول إعادة المختطفين هو مجرد كذب. إعادة المختطفين هي تقريباً مجرد ذريعة ناجحة بالنسبة لنا. النقطة هي أن من مصلحتنا الخروج من هذه الحرب، وإذا لم نستخدم ورقة إنهاء الحرب من أجل إعادة المختطفين، فقد نضطر لإنهاء الحرب في جميع الحالات من دونهم، لذلك من المفضّل إنهاء الحرب الآن وإعادتهم إلى الديار".

القدرات الهجومية لحزب الله

من جانبها، أفادت القناة 12 العبرية، اليوم الجمعة، بأنّ قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي تركّز في هذه المرحلة على أهداف من شأنها تقليص القدرات الهجومية لحزب الله. ويوصي الجيش بتحويل الانتباه نحو الشمال، وإنهاء العملية العسكرية في رفح في أسرع وقت ممكن، من أجل التفرّغ للبنان. وفي مناقشات مجلس إدارة الحرب (كابنيت الحرب)، في اجتماعه الأخير، أوصى الجيش القيادة السياسية بهذا الأمر.

ونقلت القناة تقديرات مسؤول أمني بأنّ هناك حاجة إلى تحرّك أكثر حسماً على الجبهة الشمالية، للسماح بالعودة إلى المستوطنات. وأضاف المسؤول أنه "يمكن تحقيق الأمن من خلال اتفاق، ولا يمكننا جلب الشعور بالأمن للسكان من دون اتخاذ إجراءات فعّالة. يجب إجراء تغيير جذري على الحدود الشمالية إذا أردنا عودة السكان إلى منازلهم".