اللاجئون ورقة انتخابية مجدداً

23 يوليو 2023
الحدود التركية السورية، 31 مايو الماضي (هاكان أكجون/ Getty)
+ الخط -

تشهد العديد من الولايات التركية، خصوصاً ولاية إسطنبول، حملة كبرى تقوم بها الأجهزة الأمنية لترحيل اللاجئين بشكل عام. وتستهدف على وجه الخصوص اللاجئين السوريين كونهم بطبيعة الحال يشكلون النسبة الأكبر من اللاجئين في تركيا، وكونهم يتصدّرون عناوين حملات التحريض ضد اللاجئين في تركيا.

وقد عادت هذه الحملات مجدداً للظهور، بعد تدهور قيمة الليرة التركية، وارتفاع تكاليف المعيشة بشكل غير مسبوق في البلاد، وتحميل اللاجئين السوريين مسؤولية هذا التدهور.

والأمر اللافت في هذه الحملة، والتي تقوم بها السلطات التركية تحت عنوان محاربة الهجرة غير النظامية للبلاد، أنها لا تستهدف فقط المقيمين غير النظاميين في تركيا، وإنما تقوم بشكل مبدئي على استهداف جميع اللاجئين بمن فيهم حمَلة بطاقة الحماية المؤقتة (قبول المواطنين واللاجئين وعديمي الجنسية الذين يطلبون الحماية)، والإقامات السياحية، وحتى الحاصلين منهم على إذن عمل. وتستهدف خصوصاً فئة الشباب، إذ تنتشر العناصر الأمنية في محطات وسائل النقل والساحات العامة والطرقات، كما تقوم بمداهمات لبيوت السكن الشبابي، والتي يقطنها شبان لاجئون بشكل جماعي.

وغالباً ما يتم اعتقال الجميع بغض النظر عن الأوراق الرسمية التي يحملونها، إذ يتم نقلهم إلى مراكز الترحيل، حيث يتم عمل "فيش" (تحقيق) لهم وكأنهم مشتبه بهم، ليتم بعدها ترك من يمتلك أوراقاً نظامية بعد تعرضهم لإهانات وشتائم.

يأتي ذلك وفق أسلوب يبدو أنه محاولة لتكريه حتى الذين يمتلكون أوراقاً نظامية، وجعلهم يفكرون بالمغادرة إلى خارج تركيا. الأمر الذي تسبّب بحالة رعب وهلع لمعظم العائلات السورية المقيمة وفق وثائق نظامية في تركيا، من أن تجد معيلها أو أحد أفرادها قد تم ترحيله إلى الشمال السوري، وذلك بسبب وجود حالات جرى ترحيلها رغم امتلاك أصحابها أوراقاً نظامية ولم ترتكب أية مخالفة.

والأمر الغريب، والمخالِف حتى للقوانين التركية الخاصة بالحماية المؤقتة، هو أن معظم المرحّلين قسرياً للشمال السوري يتم ترحيلهم بسبب مخالفات لا تستوجب الترحيل. فأغلب الترحيلات كانت بسبب ضبط الأشخاص خارج الولايات التي يقيمون فيها، وهي مخالفة بحسب قانون الحماية المؤقتة الخاص باللاجئين السوريين تستوجب مخالفة مادية فقط، أي دفع غرامة بمقدار 3200 ليرة تركية (حوالي 118 دولارا). مع العلم أن هذا القانون نفسه يناقض المعاهدات الدولية الخاصة باللاجئين، والتي تضمن للاجئ حرية التنقل ضمن البلد التي قدّم لجوئه إليها.

إن هذا التعسّف في التعاطي مع اللاجئين ومعاقبة اللاجئ على أية مخالفة يرتكبها بالإعادة القسرية إلى مناطق نزاع كان هرب منها أصلاً، يشي بأن هناك قراراً سياسياً باللّعب مجدداً على موضوع اللاجئين كورقة انتخابية بطرد أكبر عدد منهم وإعادتهم قسرياً، إلى بيئة لم تزل غير آمنة.

المساهمون