"الكبير" طريق جديد للتدخل الغربي في ليبيا

05 سبتمبر 2024
الكبير في إسطنبول، 8 نوفمبر 2023 (جيم تيكيسين أوغلو/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تستمر أزمة المصرف المركزي في ليبيا، مع تدخلات خارجية، خاصة من واشنطن، التي تراقب قرارات المحافظ الصديق الكبير، مثل رفع الضريبة على بيع النقد الأجنبي.
- الكبير يواجه تهديدات من مليشيات مرتبطة بالمجلس الرئاسي، ويحتفظ بالرموز السرية للمنظومة الإلكترونية للمصرف، مما يزيد من المخاطر.
- العواصم الغربية تتجنب فرض عزلة مالية على ليبيا لتجنب الفوضى والهجرة غير الشرعية، وتفضل السيطرة على المصرف المركزي لتعزيز الاستقرار.

لا تزال أزمة المصرف المركزي مستمرة في تصدرها لمشهد أزمات ليبيا، وفي طريق إحكام أطراف خارجية قبضتها تماماً على مصيره رغم ادعاءات حرصها على سلامته، وعلى سلامة الاقتصاد الوطني المحلي. كان من الواضح أن واشنطن حريصة على البقاء قريباً من قرار المصرف منذ فترات طويلة، فكلما أصدر محافظ المصرف الصديق الكبير قراراً هاماً يظهر مسؤولو السفارة الأميركية في طرابلس في ظل ذلك القرار.

وآخر هذه القرارات كان قرار رفع الضريبة على بيع النقد الأجنبي في إبريل/نيسان الماضي، عندما كشف المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، أنه ناقش مع الكبير ضرورة الحفاظ على قيمة العملة المحلية، فأصدر الكبير قراره بزيادة الضريبة على بيع النقد الأجنبي، بالتوازي مع إعلانه اكتشاف أوراق نقدية ليبية مزورة، بالتزامن مع حديث وسائل إعلام غربية عن طباعة روسيا كميات من هذه العملة المزورة وشراء كميات من الدولار بها لصرفها على مشروعها العسكري في ليبيا.

وحتى عندما خرج الكبير الشهر الماضي مصرحاً بتعرضه لتهديدات من قبل مليشيات، قال إنها مقرّبة من المجلس الرئاسي لإزاحته من منصبه، حرص على إرفاق منشوره على وسائل التواصل الاجتماعي بصورة جمعته مع نورلاند، الذي شارك المنشور، مؤكداً رفضه تغيير إدارة المصرف بـ"القوة". مع العلم أنه طيلة السنوات الماضية زيّنت صور السفراء الأجانب، التي نشرها الكبير، منصات المصرف المركزي الإلكترونية.

وفي تجلّ واضح لاستقلال الكبير بقرار المصرف لوحده وعدم قدرة إدارة المصرف المعينة من المجلس الرئاسي السيطرة الكلية عليه، فقد أخذ الحاكم معه "أكواد" (الرموز السرية) للمنظومة الإلكترونية للمصرف، الذي لا يزال يديره من إحدى العواصم الخارجية، من دون أي موقف دولي وإقليمي واضح حيال هذا الإجراء، الذي يرفع مستوى المخاطر إلى حدّ كبير، ويُعدّ كافياً لتعليق المنظومة الدولية المصرفية تعاملها مع المصرف المركزي. غير أنه لم تصدر أي مواقف دولية باستثناء بيانين عن الخارجيتين الأميركية والبريطانية، طالبتا فيه أطراف أزمة المصرف بسرعة التوافق، وأقصى ما فعلتاه كان تحذيرهما تلك الأطراف من تداعيات استمرار الأزمة على وضع المصرف.

بات واضحاً أن تلك العواصم لن تفرض عزلة مالية على ليبيا، وإلا فلماذا تأخرت حتى الآن؟ فهذه العزلة ستفاقم الوضع وتقود البلاد إلى منزلق من الفوضى لن ترجع منه، وستتدفق موجهات الهجرة إلى السواحل الأوروبية من دون أي قيد، وستتحول إلى منطقة عبور للأسلحة لمناطق توتر متاخمة، مثل النيجر والسودان وغيرها، وسيجد فيها الإرهاب مكاناً مناسباً لمعاودة نشاطه، وغيرها من مظاهر الفوضى التي تدفع العواصم الغربية إلى عدم السماح بانهيار المصرف المركزي من ناحية، ومن ناحية أخرى ضرورة إحكام سيطرتها عليه، ربما بتعزيز سلطة الكبير وربما بشخصية أخرى تماثله بعد أن أصبح الكبير غير مرغوب فيه من جميع الأطراف الليبية.

المساهمون